ما الذي قاله حسن نصرالله؟

يوسف بزي

الإثنين 2020/02/17

إذاً، في لحظة تنصيب تمثال قاسم سليماني على الحدود اللبنانية الجنوبية، كان حسن نصرالله يطالبنا بمقاطعة البضائع الأميركية، من دون أن يأتي على ذكر الصين هذه المرة. كلامه البليغ في مواجهة أميركا، قابله كلامه المتعثر والغائم والمتلعثم في المال والاقتصاد. وفي الحالتين، سيبقى الدولار بضاعة أميركية، لا يوجد لبناني ولا حتى عضو واحد في حزب الله، بمن فيهم هو ذاته، يرغب بمقاطعته.

هذا وقد أعلن "المقاومة الشاملة" بالتوازي مع الرهان على حسان دياب. ما يجعلنا معدومي التفاؤل، طالما أن الأمر يتطلب من ناحية قافلة لانهائية من الشهداء، وسنوات لا عد لها من الفاقة والفقر والإفلاس، من ناحية أخرى. وفي كل الحالات سيكون "النصر" الذي يعدنا به وفق نموذج 2006 أو نموذج سوريا، أشبه بالضربات العشر التي نزلت بمصر التوراتية.


أما انزعاجه من "شائعة" عالمية وعربية مفادها أن حكومة دياب هي حكومة حزب الله، فهذا يكشف مواربة، سوء هكذا سمعة على مصير البلد. أي أن لبنان المحكوم رسمياً من حزب الله ليس أمراً مستساغاً لأحد حتى لأنصار الحزب. نصرالله يعترف (ضمناً) أن المشكلة العميقة والفعلية هي وجود حزب الله في السلطة. ونحن بدورنا نقول أن هيمنته على القرار الوطني هي سبب أصلي للكارثة.

من الواضح أكثر أنه لا يكن أي ودّ للانتفاضة اللبنانية. ما زال مزعوجاً من الشتائم. وما زال يضمر استخفافاً بها. فما هو وزنها العسكري، ربما يقول في نفسه. لكنه يقر بشيء من المكابرة أنه أخطأ في التعبير عن ضمان رواتب محازبيه، قائلاً هذه المرة: "نحن لم نهرب من المسؤولية. ونحن كحزب الله لا نفكر بطريقة حزبية، ولا نفكر بأنفسنا. نحن مع الناس ولا نعترف باقتصاد المنطقة أو الطائفة أو المدينة". غلطته القديمة كان أثرها فاعلاً في بيئته الشيعية تحديداً.


على كل حال، بعقله "الاستراتيجي" اكتشف نقطتي ضعف الإسرائيلي والأميركي: "الاسرائيلي يخاف من الموت، بينما نقطة ضعف الأميركي الأمن والاقتصاد". يا للهول. اللبنانيون على هذا المنوال شبيهون جداً بالإسرائيليين والأميركيين. فهم أيضاً كسائر البشر، يخافون من الموت ويقلقون على أمنهم واقتصادهم.

طبعاً، الحرس الثوري والحشد الشعبي وأنصار الله وحزب الله، خارج المقارنة. هم أرقى من بقية الناس. أقوى من الإسرائيلي والأميركي ومن اللبنانيين العاديين. إنهم أصحاب إيمان عظيم، لا أمنية عندهم تفوق أمنية الشهادة. زاهدون بالدنيا ومالها وأمنها واقتصادها، تواقون إلى تلك "المقاومة الشاملة".

لا اعتراض إطلاقاً. أما قوله بنبرة جازمة وزاجرة "أعطينا الحكومة الثقة وندعمها ولا نتخلى عنها ولن نتخلى عنها وسنقف إلى جانبها وندعمها لأن المسألة تتعلق بمصير البلد"، فهذا يعيدنا إلى أصل المشكلة، إلى تلك الشائعة القاتلة التي تقول أن حكومة حسان دياب هي حكومة حزب الله. إن لم تكن كذلك، هي حكومة من؟ حزب النجّادة ولا شك.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024