قهوجي لـ"المدن": لا أتذكّر إذا تبلّغت قيادة الجيش بالأمونيوم!

نادر فوز

الأربعاء 2021/07/21
قائد الجيش السابق، العماد جان قهوجي، لا يزال خارج البلاد. هو مدّعى عليه في جريمة انفجار مرفأ بيروت، ولم يحضر حتى اليوم للمثول أمام المحقق العدلي في الملف القاضي طارق البيطار. في اتصال مع "المدن"، يعيد قهوجي التأكيد على: "سأمثل أمام القاضي مليون بالمئة، وأنا تحت القانون". ويضيف: "الموضوع الآن مرتبط فقط بجانب امتناع المحامين عن الحضور وإضراب نقابة المحامين". تأخير لن يطول، على أمل، قبل أن يستعيد قصر العدل نشاطه، خصوصاً أنّ مدعًّى عليهم في الملف (عسكريين وغير عسكريين) يتّخذون من هذا الإضراب حجة لعدم المثول أمام البيطار. يقول قهوجي إنه غادر لبنان يوم 13 أو 14 حزيران، "يعني قبل صدور أي ادّعاء بحقي، وبالطبع سأعود إلى لبنان".

ذاكرة ضعيفة.. وإرهاب
لدى سؤال قهوجي عن تبليغه بوجود آلاف أطنان نيترات الأمونيوم في المرفأ، يرد بالقول "أنا جان قهوجي، لا أذكر إذا تبلّغت قيادة الجيش، كنت كل يوم أوقّع على مئات القرارات. لم يصدر عني أي قرار، لكن ما أعلمه أنّ تم تكليف لجنة كشفت على المواد في المرفأ وأعدّت تقريرها الذي شدّد على خطورة هذه المواد المخزّنة". ثمّ تمّت مراسلة القضاء من دون نتيجة. في روايته، يضيف قهوجي إنه "في تلك الأعوام كان البلد غارقاً في مواجهة خطر الإرهاب، والتهديد طال البلد وطالني حتى شخصياً". فعلى ما يبدو انصبّت الجهود على مواجهة تنظيم "داعش" وغيره على الحدود وفي الداخل، وتُركت قنبلة بيروت الموقوتة بلا رقابة في مرفأ بيروت.

مسؤولية  القضاء
بالنسبة لقهوجي وعدد آخر من القيادات العسكرية السابقة، "الجيش قام بواجباته" في ملف نيترات الأمونيوم. يقرّر قهوجي التوقّف عن الكلام، تاركاً الأمور "ليحسم بها المحقق العدلي". إلا أنّ مصادر مواكبة للملف تقول لـ"المدن" إنّ "قيادة الجيش مجتمعة اتّخذت القرار وليس فقط جان قهوجي". الأمر الذي يوحي بأنّ المطلوب الادعاء واستجواب كل القيادة العسكرية حينها (والحالية أيضاً، لما لا؟) في ملف نيترات الأمونيوم، لسؤالها عن دورها ووظيفتها، والدلالة على تقصيرها وإهمالها أمام قضية بهذا الحجم. وبالنسبة للقيادة العسكرية، حسب ما تشيع في أوساطها،  فإنّ "المسؤولية الأكبر تقع على القضاء، فحتى لو اتّخذت القيادة قراراً ما حول النيترات، فهي تحيل تقريرها إلى القضاء الذي يصدر عنه القرار اللازم".

سوء إدارة وتخزين
وتضيف المصادر نفسها لـ"المدن" أنّ المشكلة الفعلية لم تكن في تخزين نيترات الأمونيوم ولا في كميّتها، بل في "كيفية تخزينها، في إدارة هذه المخازن، التي يفترض أن تتلاقى مع الحد الأدنى من شروط الأمن والصحة والسلامة العامة". وفي هذا الإطار، تضيف هذه المصادر أنّ إدار مرفأ بيروت وعنابرها وعملية التخزين فيه "ليست ضمن مسؤولية قائد الجيش ولا قيادة الجيش، بل للمرفأ مسؤولين واضحين عنه". وفي العبارة الأخيرة تصويب واضح على مسؤولية إدارة المرفأ (وقطعاتها وإداراتها) وجهاز الجمارك في ما يخص أطنان النيترات. لكن ذلك لا يلغي أيضاً دور الأجهزة الأمنية والعسكرية الحاضرة في المرفأ، خصوصاً تلك التي كانت تدخل دورياً للاطلاع على واقع موجوداتها في العنبر الرقم 12.

في ملف انفجار مرفأ بيروت، عملية تقاذف مستمرّة للمسؤولية. كل الأجهزة والإدارات المعنية بالمرفأ، بالعنبر رقم 12، بآلاف أطنان نيترات الأمونيوم، ترفع المسؤولية عن نفسها وتلقيها على الآخرين. هذا ما تكوّن أساساً خلال استجوابات وإفادت مدعّى عليهم. معركة تقاذف المسؤولين بين إدارة المرفأ وإدارة الجمارك، وهروب منها من قبل ضباط ومؤسسات أمنية وعسكرية. المطلوب التبرّؤ من الجريمة، القول إنها وقعت قضاءً وقدر. وأمام كل هذا التهرّب من المسؤولية والهرب من الحقيقة، لا يمكن سوى تكرار القاعدة الثابتة والراسخة لدى اللبنانيين: الكل كان يعلم. والكل مسؤول، إن كان في نسج مؤامرة، أو إهمالاً أو تقصيراً.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024