كسبار نقيباً للمحامين: المستقلّون يكتسحون.. هزيمة 17 تشرين والسلطة

نادر فوز

الأحد 2021/11/21
المحامي ناضر كسبار هو النقيب الجديد للمحامين في بيروت. محصّلة انتخابات نقابة المحامين هي أنّ نقيباً حرّيفاً في العمل النقابي منذ عقود وصل إلى المنصب، بعيداً عن أي ارتباطات سياسية مباشرة أو غير مباشرة. مستقلّ عن أحزاب السلطة، ولو أنّ له علاقات طبيعية معها، وبالتالي وصوله إلى رأس النقابة أساساً ضربة للسلطة، التي لم تجرؤ على التمادي في ترشيح مرشحّين حزبيين. ومن خلاصات المشهد الانتخابي في النقابة اليوم، أنّ 7 أعضاء من أصل 9 دخلوا إلى مجلس النقابة مستقلّون، مقابل مرشحّين فائزين حزبيّين فقط. وهذه صفعة أخرى للسلطة السياسية من دون أن يكون موجّهها قوى 17 تشرين.

النقيب ناضر كسبار
النقيب ناضر كسبار، وفور إعلان فوزه بالانتخابات، قدّم كلمة مقتضبة قال فيها "كنت أعلم جيّداً أنّكم لن تخذلوني وبابي سيبقى مفتوحاً لكم جميعاً، سأهتمّ بحصانة المحامي وأموال المحامي وكرامته خطّ أحمر ولن أهمل الشؤون الوطنيّة بكلّ شجاعة وحكمة وشفافيّة". ونال كسبار في انتخابات الدورة الثانية لانتخاب النقيب 1530 صوتاً، بينما نال المرشّح المدعوم من القوات اللبنانية 1035 صوتاً، إضافة إلى 599 صوتاً للمرشح ألكسندر نجار الذي أعلن انسحابه بعد نصف ساعة من انطلاق الدورة الانتخابية، و187 صوتاً للمرشح وجيه مسعد و28 ورقة بيضاء.

الأعضاء الجدد
وفي انتخابات الدورة الأولى، فاز 9 محامين من أصل 36 مرشحاً، وهم عماد مرتينوس (مستقلّ مدعوم من جبهة المعارضة اللبنانية، 1891 صوتاً)، ناضر كسبار (مستقل، 1888 صوتاً)، إيلي بازرلي (مستقلّ، 1839 صوتاً)، عبده لحود (مدعوم من القوات اللبنانية 1539 صوتاً)، ألكسندر نجار (مستقلّ مدعوم من جبهة المعارضة اللبنانية، 1486 صوتاً)، فادي المصري (مرشح حزب الكتائب ومدعوم من جبهة المعارضة، 1341 صوتاً)، مروان جبر (مستقلّ مدعوم من التيار الوطني الحرّ، 1274 صوتاً)، وجيه سعد (مستقلّ، 1231 صوتاً) ومايا الزغريني (القوات اللبنانية، 1156 صوتاً). وبالتالي فإنّ مرشّحين حزبيين فازا (كتائبي وقواتية)، و3 مرشحين من جبهة المعارضة.  

انسحاب نجار
وكان لافتاً حصول مرشح جبهة المعارضة لمنصب النقيب، ألكسندر نجار، على 599 صوتاً في الدورة الثانية. مع العلم أنّ دورة الانتخاب الثانية انطلقت قرابة الرابعة والنصف من بعض الظهر، وأعلن نجار انسحابه لصالح كسبار عند الخامسة وعشرة دقائق. وفي هذا الإطار لا بد من الإشارة إلى أنّ تجمّع "نقابتنا" اختار دعم كسبار في الدورة الثانية بعد سقوط مرشحّيه لمنصب النقيب رمزي هيكل وموسى خوري في الدورة الأولى. والرقم الذي أحرزه نجار في النصف ساعة الأولى يمكن أن يعني أنه لو حصل على دعم "نقابتنا" لكان منافساً شرساً على معركة النقيب.

الدرس القاسي
نجحت جبهة المعارضة اللبنانية في إيصال 3 مرشحين من أصل 8 دعمتهم للوصول إلى مجلس النقابة، في حين أنّ "نقابتنا" خرجت خالية الوفاض. ونكبة "نقابتنا" تكمن أيضاً في تفاصيل الأرقام، إذ أنّ فارق الأصوات بين آخر الفائزين (الزغريني) وأول الخاسرين من "نقابتنا" ميسم يونس (المدعومة أيضاً من جبهة المعارضة)، 294 صوتاً أي تقريباً 25% من الأصوات. لكن فداحة الأرقام، تكمن في عدد الأصوات التي نالها مرشّحا التجمّع لمنصب النقيب، موسى خوري 772 صوتاً ورمزي هيكل 525 صوتاً، أي أنّ آخر الفائزين نال تقريباً ضعف أصواتهما. ويكشف الفارق بين أصوات خوري وهيكل، التشطيب الممنهج الذي اعتمده فريق الأول (مواطنون ومواطنات في دولة). فلعلّ تكون هذه النتيجة درساً قاسياً لمجموعات 17 تشرين.

هو "كفّ انتخابي" على حدّ تعبير عدد كبير من الناشطين في انتفاضة 17 تشرين، إيجابياته كثيرة منها تكوين القناعة بأنه لا إمكانية لخوض الاستحقاقات الانتخابية المقبلة (النيابية، والنقابة والعامة) بهذا الكمّ من الانقسام والتباين وإيلاء المصالح الشخصية وفرض الأسماء وأساليب العمل وآلياته. ومن لطف القدر أنّ هذا "الكفّ" لم يثمر عودة أحزاب السلطة إلى المشهد النقابي والسياسي سوى باقتضاب، فوصل نقيب مستقلّ إضافة إلى 7 أعضاء مستقلّين. هل ثمة من يريد أن يعتبر من هذه التجربة الانتخابية؟ ولتكريس العبرة لا بدّ من وضع كل التجاوزات التي حصلت في عملية التحضير لانتخابات المحامين على الطاولة. بعض مجموعات 17 تشرين عدوّة للانتفاضة ووحدتها أكثر من أحزاب السلطة وأجهزتها المختلفة، والتفاصيل لاحقاً. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024