طرابلس والمياه: هناك مؤامرة.. او "أفضل من مناطق أخرى"؟

جنى الدهيبي

الأربعاء 2018/10/10

"انقطاع المياه في طرابلس" يتصدر أخيراً عناوين الأزمات التي يشكو منها أهالي عاصمة الشمال. اعتراضات واعتصامات متنقلة بغية المطالبة بشيءٍ واحد: نريد ماءً. وإذا كان نهار الاثنين في 8 تشرين الأول 2018 شهد قطع طريق المشروع– القبة– مجدليا بالإطارات المشتعلة احتجاجاً على قطع المياه، فإنّها لم تكن الأولى من نوعها.

الأمر نفسه انسحب في الأسابيع الماضية على أهالي منطقة الزاهرية وباب التبانة والأسواق القديمة، الذين يشكون من شحّ المياه التي لا تصل إلى بيوتهم. تعتبر فئة من أهالي هذه المناطق أنّ هناك مؤامرةً تحاك ضدّهم، للضغط من أجل دفع الأموال المترتبة عليهم منذ سنوات. في المقابل، ثمّة من يربط سبب انقطاع المياه بوجود شبكة جديدة سيبدأ العمل عليها، تستوجب على المشتركين دفع المستحقات المترتبة عليهم قبل البدء بالعمل ونقل خطوطهم القديمة لوصلها بالشبكة الجديدة. فما حقيقة ما يحدث؟

في كلّ عامٍ من هذا الشهر تطفو أزمة مياه طرابلس إلى السطح. ويشير عضو بلدية طرابلس الدكتور باسم بخاش لـ"المدن" إلى أنّ تكرار أزمة المياه موسمياً يعكس صعوبة هذه الأيام من السنة، لاسيما أنّ مخزون المياه ينقص من دون أن تهطل الأمطار بعد موسم صيفي طويل من استهلاك المياه.

تحصل مصلحة المياه في لبنان الشمالي على المياه التي تمدد شبكاتها للبيوت من مصدرين: نبع أبو حلقة ونبع هاب، مع 10 آبار أخرى. ووفق بخاش، فإنّ هذه المصادر تعاني من شحّ في المياه، وأنّ نبع أبو حلقة مثلاً، تنقص فيه المياه بنحو 40 ألف متر مربع. وفيما كانت المصلحة قادرة يومياً على ضخّ نحو 100 ألف متر مكعب، "لا تتجاوز حالياً أكثر من 85 ألف متر مكعب. وهو ما دفع المصحلة إلى خفض كميات المياه التي تضخها إلى البيوت".

يضع بخاش أزمة مياه طرابلس في سياقٍ آخر، يتعلق بالهدر والسرقة. يقول: "مثلما يوجد هناك سرقة وهدر وتعليق على شركة الكهرباء وسوء جباية، الأمر نفسه ينطبق على شبكة المياه في طرابلس. إذ هناك فئات تعلق على شبكة الماء بشكل غير قانوني، إلى جانب الهدر وسوء الاستخدام. والمشكلة أيضاً أنّ المصلحة في أغلب المناطق تأخذ بدلاً مقطوعاً من المواطن، من دون عددات. وهو ما ساهم في هدر الماء بشكل كبير وغير مسؤول".

وفي ظلّ وجود شبكتين للمياه في الشمال، فـ"نحن نحتاج إلى التنظيم"، يتابع بخاش، "الانتقال من الشبكة القديمة إلى الشبكة الجديدة لا يتنظم بشكل كبير في ظلّ غياب تنظيم الجباية ومنع الحصول على المياه بأساليب تجاوزية للقانون، في ظلّ انتشار الآبار الخاصة بطرق غير شرعية، ومع وجود آبار تجفّ وتملح لأن مياه البحر تخترقها وتضربها".

ما الحلّ إذاً؟ يعتبر بخاش أنّ أحداً لا يستطيع توقيف التعديات على شبكة المياه أو منع انتشار الآبار الخاصة. أمّا الحلّ، فـ"يكون بوضع مصلحة المياه خطة طوارئ لتغيير تصميمها وتأمين مصادر إضافية".

ويستغرب مدير مصحلة مياه لبنان الشمالي خالد عبيد ما يصفه بـ"الحملة" ضدّ مصلحة المياه، في حين "أننا عند كل عطلٍ يطرأ على إحدى الشبكات والبيوت نسارع إلى إصلاحه". ويقول لـ"المدن": "لا يوجد إشكال في مياه طرابلس التي تعد أفضل بكثير من غيرها من المناطق اللبنانية في هذا الشأن. في الأطراف، هناك تقنين بسبب شحّ المياه. لكن القضية متعلقة بالتقنين الكهربائي. وعند انقطاع الكهرباء، لا يسحب المواطنون المياه إلى حين عودتها، وعندها يسحب الجميع في الوقت نفسه، إلا أنّ هناك من يصرّ على تصوير طرابلس مدينة محرومة من المياه، الشحيحة في كلّ المناطق بينما طرابلس أفضل من غيرها".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024