شركة مكتّف وغادة عون: وقائع "لا يتصورها عقل"‍

نادر فوز

الخميس 2021/04/29
مرّ أسبوع على العراضة الأخيرة التي نفّذتها القاضية غادة عون في مكاتب شركة مكتّف لتحويل الأموال. وحتى الساعة لا جديد صدر عن القاضية. فقط أجواء من المحيطين بها تؤكد وجود أسماء متورّطة في تهريب الأموال إلى الخارج، وتشديد على أنّ الداتا التي تمّ وضع اليدّ عليها ناقصة، مع اتهامات مبطّنة وصريحة بأنّ الشركة قامت بمحو ملفات ومعلومات.
وفي حين كانت القاضية عون تتابع البحث في هذه الأوراق والحواسيب عن قضايا مبعثرة، للجمع في ما بينهما والوصول إلى الحقيقة، كان مشهد الإشكال الليلي الذي حصل بينها وبين القاضي سامر ليشع المكلّف من قبل مدعي عام التمييز، القاضي غسان عويدات، في التحقيق بالجرائم المالية.

سيناريوهات خيالية
أجواء المحيطين بمدير الشركة، ميشال مكتّف، تستغرب كل ما يدور في الإعلام وما يتمّ الترويج له على وسائل التواصل الاجتماعي في هذا الملف. يشير هؤلاء إلى سيناريوهات خيالية يتمّ التطرّق لها، حول مليارات دولارات تمّ تهريبها، وعلاقة شخصيات سياسية ودينية في هذه العملية. فتُقفل الشركة أبوابها، منذ أسابيع، بينما يستمرّ "التنكيل" بها معنوياً وشعبياً وإعلامياً بحسب ما يقول هؤلاء.

لماذ كل هذا؟ يسألون. ويجيبون أنّ "الشركة مراقبة من قبل 5 جهات داخلية هي مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف وهيئة مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، إضافة مدقّق مالي محلي وآخر على المستوى العالمي". وكل هذه الرقابة في جهة، والرقابة الدولية والأميركية تحديداً على حركة الشركة، لم يتمّ التطرّق لها بعد. لماذا كل هذا؟ يعاد السؤال ليطرح نفسه من دون جواب، أو أنه ثمة أجوبة لا يراد الإفصاح بها الآن. لكن الخلاصة أنّ سيرة مكتّف وشركته باتت على كل لسان، سمعته في الحضيض وأصابع اتّهامه بإفقار اللبنانيين ونهبهم موجّهة إليه.

نجار: تعاون كامل 
في اتصال مع "المدن"، يشير الوكيل القانوني لمكتّف، المحامي ألكسندر نجار، إلى أنّ الأوراق ‏التي صادرتها القاضية عون من الشركة هي "أوراق التعامل اليومي مع المصارف، والعمليات ‏القانونية التي كانت تحصل في هذا الإطار". يضيف، في ملاحظة أولى، إلى أنه كان بالإمكان للقاضية عون أن "تحصل على هذه ‏الأوراق من هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان أو من الجمارك". فإما طريق عون إلى ‏الجمارك و"هيئة التحقيق" مقطوعة، أو أنه المطلوب الحصول عليها من الشركة‎ ‎بهذا الأسلوب، ‏ربما.
كذلك ينفي نجار أي ادّعاء بأنّ الشركة قامت بمحو داتا أو ملفات، مشيراً إلى أنّ التعاون كان كاملاً مع ‏القضاء "وأيضاً سيكون تعاوناً أكثر من كامل مع القاضي سامر ليشع، حين يتسلّم فعلياً الملف".‏

تعنّت القاضية 
وعلى مستوى المسار القضائي، يوضح نجّار أيضاً أنّ التحقيق مع الشركة بدأ إثر فتح الملف ‏المتعلّق بمصرف "سوسيتيه جنرال"، "إذ أضافت القاضية عون بخط اليد اسم شركة مكتّف في ‏لوائح التحقيقات". ويضيف أنّ التعاون معها كان قائماً إلا أنها "لم تلتزم في وقت لاحق بطلب الردّ ‏الصادر"، فتمّت العراضات التي حصلت أمام الشركة.
واللافت في هذا الإطار، حسب ما علمت ‏‏"المدن"، أنّ القاضية عون ترفض التبلّغ بطلب إضافي لردّ الدعوى. إذ حاول أحد المباشِرين ‏إيصال الطلب إلى مكتبها وتبليغها به، إلا أنّ مرافقيها يمنعون المباشِر من الدخول، وهو ما حصل ‏مثلاً اليوم الخميس صباحاً. "بعد ما شفتوا شي"، يعلّق المحامي نجّار على تجاوزات القاضية عون في هذا ‏الملف. يؤكد أنّ ثمة "أموراً حصلت في التحقيق لا يمكن أن يتصوّرها العقل وتشكّل سابقة ‏خطيرة"، واعداً في الكشف عنها في وقت لاحق.‏

في شركة مكتّف، تأكيد إضافي على أنّ الشركة لا تتعامل مع أفراد ولا سياسيين، وتأكيد على أنّ لا علاقة للشركة بحسابات المودعين، وحركتها المالية غير معنيّة بهذا الأمر إطلاقاً. من لا يريد كشف حقيقة تهريب الأموال إلى الخارج؟ أو حتى الأموال المنهوبة والمراكمة في سيرة فساد وسمسرات، تلك التي لا تزال بين أيدي السياسيين، منقولة أو غير منقولة كانت؟ المسار القضائي في هذا الملف بات على المحكّ، أو ربما هو أصلاً على المحكّ. محاولات القاضية عون تشوبها العراضات والتجاوزات والملاحظات. لم تلتزم بقرار مجلس القضاء الأعلى ولا التفتيش القضائي ولا قرار مدعّي عام التمييز. إضافة إلى "هالة" خدمة مشروع أو حتى خطاب سياسي على باب انتخابات نيابية يُفترض أنها قريبة.
قد يتمّ الإطاحة بملف بهذا الحجم. قد يتمّ الإطاحة بأمل اللبنانيين بمحاسبة واستعادة أموال منهوبة ومهرّبة، لإنقاذ موسم انتخابي أو وجه سياسي أو عهد رئاسي مستمرّ بالسقوط الحرّ منذ 17 تشرين 2019، أو حتى قبله.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024