حزب "الكتلة الوطنية" يحترمه الجميع ولا يهابه أحد

المدن - لبنان

الإثنين 2019/10/07

تدخل إلى شارع الجميزة في قلب بيروت، لتستقبلك لافتة "حي ذو طابع تراثي". في منتصف الشارع، مبنى أزرق اللون، لجهة اليمين. يبدو خارج الإنسياب العمراني العام للشارع. يشبه بعمارته تلك المنتشرة على الشواطئ اليونانية. المبنى هو المقرّ الحديث لحزب الكتلة الوطنية الذي "عاد إلى الحياة" منذ أشهر. عند السؤال عن اختيار هذا اللون، يجيب المسؤولون أنه مستوحى من زرقة البحر الأبيض المتوسط، وفق ما ارتأى أحد المهندسين، باعتباره اللون مناسب لطبيعة هذه المنطقة. جغرافياً، لم يشأ الحزب الابتعاد عن جذوره. فالمقر القديم للحزب كان في الشارع المقابل. والبقاء في الجميزة كشارع تاريخي، موائم لـ"تاريخية" الحزب. واختيار عمارة قديمة كان للتأكيد على أهمية التراث المعماري الذي يشكل جزءاً أساسياً من الهوية، ولا يمكن خسارتها.

العلل الخمس
لا تخلو الدردشات بين رفاق الحزب، من استخدام اللغة الفرنسية. ما يوحي بالثبات التاريخي الفرنسي في الوجدان. يضحك الأمين العام للحزب بيار عيسى لدى سؤاله عن استخدام اللغة الفرنسية، ويقول: "نتحدث العربية والفرنسية والانكليزية، وهذا لا يلزم الحزب بشيء". مشدداً على أن الهم الأساسي للحزب هو مشروعه وبرنامجه لخدمة المواطن، بدلاً من الغرق في شعارات من هنا وهناك.

بنظر عيسى والحزب، ففي لبنان خمس علل هي الفساد، الزبائنية، الطائفية، الاقطاع السياسي والتبعية. تقابلها خمس فضائل، هي المواطنة، النزاهة، دولة القانون، والديمقراطية، والسيادة. وبحال عدم إيجاد حل لهذه العلل لن يكون هناك إمكانية للخروج من هذه الأزمات. والمنطلق في معالجة الأزمات، يبدأ من أقنومين أساسيين، العدل والإزدهار. لذلك يهدف الحزب للوصول إلى لبنان مزدهر، أخضر، عادل. العادل بتحقيق العدالة الاجتماعية المطلقة. وهذا يحتاج إلى إعادة توزيع الثروات. وهذه الأخيرة تحتاج إلى ازدهار اقتصادي واجتماعي. ووفق قناعة الحزب، تبين أن النظام الليبرالي هو أكثر الأنظمة التي توفر الثروات، لكن مشكلته أنه لا يهتم بالبيئة. والاخضرار هو شرط من شروط التكامل بين الازدهار والعدالة.

المواطنة والتمويل
لتحقيق هذه الشروط، لا بد من نبذ الطائفية التي يعانيها لبنان. ولذلك يصر الحزب على أنه غير طائفي. وهذا ما يجب أن يؤسس عليه وفق ما يقول عيسى بهدف "إقناع الناس" بالمواطنة، بعد تجاوز الحزب لمشكلة أساسية هي الوراثة السياسية. ولذلك أُلغي منصب العميد، وأحيلت صلاحياته على اللجنة التنفيذية التي تنتخب الأمين العام. وأعضاء اللجنة التنفيذية هم دائرة القرار في الحزب، وإذا ما أراد أحدهم الترشح لمنصب نيابي عليه الاستقالة من اللجنة التنفيذية، كي لا يكون هناك خلط بين المصالح الشخصية والمصالح العامة. 

أما تمويل الحزب، فيقول عيسى: "تمويلنا من أشخاص لبنانيين، وكل تمويل يتم تثبيته أنه ليس ناجماً عن تهرب ضريبي أو غسيل أموال. وإذا قرر أحد الممولين الترشح للنيابة نعيد له أمواله".

يحضّر حزب "الكتلة الوطنية" لحملة ضد الفقر. وسيتقدم بمشروع قانون لتمويل مساعدة الأشخاص الذين يعانون من الفقر المدقع. كاشفاً عن تقديم خدمات مجانية للمواطنين والجمعيات في مختلف المجالات. والمعيار السياسي للحزب هو خدمة المواطن، بمعزل عن الموقف السياسي، الذي يوجب في هذه المرحلة انتقاد كل الأحزاب على أدائها. وعليه يتحضر حزب الكتلة الوطنية إلى خوض الانتخابات النيابية المقبلة. واختيار المرشحين سيكون عبر اختيار المناصرين: "نريد إقناع الناس بقدرتنا أن نكون البديل".

الموقف من حزب الله
في المواضيع السياسية الشائكة، يفضل الحزب عدم الدخول في المماحكات اليومية اللبنانية. يركز على مبدأ السيادة طبعاً. ويعتبر أن هناك مشكلة مع سلاح حزب الله. لكن حتى في ظل هذه المشكلة، لا يمكن تأجيل الحلول ومكافحة الفساد والتخفيف من البطالة. بينما برأي عيسى، تتلطى القوى الأخرى خلف شعارات "سيد حر مستقل"، لتبرير تعطيل كل ما يمكن إنجازه بذريعة الصراع السياسي. فـ"الاستقلال والسيادة يبقيان من الأساسيات والبديهيات، لكن لا يجب أن يكون الصراع السياسي مبرراً لاستمرار الفساد والفقر".

وهنا يقدّم عيسى طروحات الحزب حيال حزب الله قائلاً: "موقفنا من حزب الله هو التفهم أنه في ظرف من الظروف من تفكك الدولة وغياب الجيش وفي ظل عدوان اسرائيلي كان من الطبيعي قيام أهل المنطقة بالمقاومة، وشهداؤهم شهداء كل لبنان، ونتفهم ظروف أهل الجنوب وقلة ثقتهم بقدرة الدولة في الدفاع عن الحدود. لكن لا يمكن أن تقوم الدولة الحديثة تؤمن الاستقرار والاستمرارية، طالما هناك ازدواجية بقرار السلم والحرب وامتلاك سلاح خارج سلطة الدولة. ولذلك يجب أن يجلس اللبنانيون سوياً لبناء الثقة، ووضع استراتيجية دفاعية، وتسليم الجيش شرف وواجب الدفاع عن الوطن".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024