اللاجئون السوريون ووزير "القوات اللبنانية"

المدن - لبنان

الأحد 2019/09/29

في مرات كثيرة، أظهر الوزير ريشار قيومجيان (حزب "القوات اللبنانية") رصانة سياسية لا يتمتع بها معظم أنداده. كما أن عمله الوزاري اتسم بالمنهجية العملية. وفي معايير الإدارة اللبنانية، لم تتكشف على الأقل مع هذا الوزير ممارسات تتسم بالمحسوبية أو السمسرة أو الأساليب الملتوية للتكسب.

الأمر الآخر الذي يمكن ملاحظته في هكذا وزارات (الشؤون الاجتماعية)، أن الوزير عادة ما لا يعيرها أدنى اهتمامه. فهي مجرد منصب سياسي يكرسه كفاعل في السلطة، ونادراً ما ينغمس في شؤونها فعلياً. كان وائل أبو فاعور مثالاً معقولاً على أخذ "الحقيبة" على محمل الجد. واليوم يبدو قيومجيان أيضاً نشطاً في شؤون وزارته وفي مهامها الكثيرة، الاجتماعية أكثر مما هي سياسية.

سياسة رسمية
أفضل ما يدل على خصال هذا الوزير، نشاطه في ملفات عدة، أبرزها ملف اللاجئين السوريين. مقاربته تكاد تكون مثالية، لكنها تتصف بالكثير من "حس المسؤولية". أمس كان مع وفد "مبادرة المدافعين عن حقوق اللاجئين". وقال ما يجب قوله بدقة: "لا وجود إطلاقاً لسياسة حكومية ممنهجة في لبنان للتضييق على النازحين السوريين. كما أنه لا وجود لأي سياسة تخلي عن حقوقهم، أو لأي محاولة لغض النظر عن أي انتهاكات أو عنف وتمييز في حقهم.. إن هكذا ممارسات لا تمثل إلا مرتكبيها، كما أنها لا تسهم في العودة، إنما في إثارة النعرات والغرائز".

الأهم هو ما أوضحه كسياسة رسمية للحكومة بغض النظر عن شطط تيارات وأحزاب في التحريض أو في رمي الكلام في مؤتمرات الداخل والخارج عن اللاجئين السوريين. قال قيومجيان: "جميعنا نؤيد عودة النازحين السوريين إلى وطنهم، لكن العودة مرتبطة بسلسلة إجراءات تطمينية على النظام السوري القيام بها، بحيث تضمن عدم ابتزاز اللاجئين لناحية التجنيد الإجباري، وتكفل حريتهم وأمنهم، كما تسهل حصولهم على صكوك الملكية العقارية وتسجيل الولادات". وشرح بصراحة: "لبنان يرزح تحت عبء هذه الأزمة. فهو البلد الأول في العالم من حيث عدد اللاجئين مقارنة بعدد الموطنين (..) إننا نقوم كوزارة بواجبنا كاملاً من خلال تنفيذ خطة الاستجابة للأزمة السورية، والتنسيق مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومع مختلف الوزارات والجهات والمنظمات المعنية بملف اللاجئين، إضافة إلى تنفيذنا برامج الدعم وتعاوننا مع المجتمع المدني اللبناني الناشط في هذا المجال".

اللاجئون والمجتمع المضيف
وبنبرة واقعية قال: "مسألة النازحين السوريين تشمل ملفين أساسيين هما: الوجود الإنساني والعودة، غير أنه لا يمكننا أن نغفل القلق الذي ينتاب اللبنانيين، لا سيما أن ثلث المقيمين في لبنان هم من اللاجئين الفلسطينيين والسوريين، ولا أن نغفل ما ينتج عادة في أي بلد من تشنج بين اللاجئين والمجتمع المضيف، خصوصا في ظل هشاشة البنى التحتية في لبنان وضعف الخدمات وتأزم الوضع الاقتصادي، ناهيك عن حساسية التركيبة اللبنانية".

لكنه استطرد: "المشهد ليس سوداوياً في لبنان، فخطاب الكراهية والعدائية لا ينتهجه إلا بعض اللبنانيين، والمشاكل التي نرصدها ليست بكبيرة. لكن الجدير قوله إن الدولة اللبنانية لم تحسن منذ البداية التعاطي مع الأزمة، سواء لناحية انعدام أي تنظيم لعملية الدخول إلى لبنان أو تنظيم الإقامات، أو حتى مسألة رفض إقامة مخيمات محصورة عند الحدود اللبنانية - السورية. لذا نعمل على وضع خطة تقرها الحكومة اللبنانية لتحقيق عودتهم".
وأفصح قيومجيان عن رأيه السياسي بما يشير إلى انحيازه الأخلاقي إلى جانب الشعب السوري: "المسار ليس سهلاً.. إن ما شهدته سوريا في آذار 2011 كان حركة تحرر الشعب السوري، ولكن للأسف تعرضت لمحاولات تشويه وقمع. وتبقى المعركة الأساسية في الوصول إلى نظام سياسي جديد، نظام ديموقراطي يكرس ويحترم حقوق الإنسان وحرياته".

لنا أن نتخيل لو أن هناك جبران باسيل ما هو وزير الشؤون الاجتماعية، فما كان قوله ورأيه؟
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024