جمهور "حزب الله": غضب معيشي صامت!

سامي خليفة

الأربعاء 2015/08/26

إلى الآن لا يزال جمهور "حزب الله" صامتاً إزاء الأزمة المعيشية التي تضرب بلبنان عموماً. شرائح واسعة وإن كانت من جمهور الحزب الملتزم، بدأت تعرب وإن صمتاً عن غضبها من الممارسات، وإن كانت هذه اللغة ليست مستجدة إلا أن الجديد فيها تحميل "حزب الله" مباشرة، وليس "الأعداء" فقط مسؤولية ما وصلت اليه الأمور.

تعاطى "حزب الله" على مدار العقود الماضية على أنه خارج اطار الطبقة الحاكمة. يحمل الدولة عند اندلاع كل أزمة المسؤولية، على الرغم من أنه شريك في هذه السلطة حكومياً ونيابياً. هذا الخطاب يتزامن مع محاولة حل أي أزمة معيشية على طريقة الترقيع، كما حصل مع أزمة النفايات في الضاحية الجنوبية عندما جمعها وحرقها بالقرب من المطار.

ثمة غضب واضح لدى الطائفة الشيعية. لم تعد تقنع الحجج شارع الحزب. إلى جانب ما يصفونه بأنه إهمال متعمد للقضايا المعيشية، لإعطاء الأولوية للقضايا السياسية وعلى رأسها "مقاومة العدو الإسرائيلي"، و"مقاومة العدو التكفيري"، ثمة تواطؤ هدفه تغطية الحلفاء وخصوصاً حركة "أمل" و"التيار الوطني الحر"، اللذين يتحملان مسؤولية أزمة الكهرباء مثلاً.

يزداد تململ الناس يوماً بعد يوم في المناطق ذات الاغلبية الشيعية، على وقع مشاهدة الحراك المطلبي الشعبي في العراق، ونظيره في لبنان، وخيبة الامل والقلق، هي الكلمات الابرز التي تصف الحال في الضاحية الجنوبية والجنوب والبقاع الشمالي.

لا يخفي معظم سكان المناطق التي يمثلها الحزب امتعاضهم من طريقة تعامل "مسؤولي الطائفة" مع مشاكلهم الحياتية. ويعدد كثر قضايا باتت ملحة منها: تنمية المناطق، والكهرباء، والمياه، والتفلت الامني والمخالفات، وإنتشار الجريمة، اضافة الى ازمة النفايات المستجدة.

الأغلبية الساحقة ترفض الحديث علناً عن النقمة، بعض وفق نظرية "عدم نشر الغسيل"، وبعض خوفاً من سطوة الحزب، لكنهم يجمعون على أن "حزب الله" قادر، لو أراد، على الحد من هذه الازمات، لكن مسؤوليه يتعاملون مع الموضوع، وكأن شيئا لم يكن، مكتفين برفع الصوت ضد الآخرين من دون تقديم اي حلول ملموسة على الارض.

في سياق النقد، لا يجد البعض حرجاً في الحديث عن "طبقة قيادات الحزب"، التي تعيش حياة مترفة مقابل "الذل" الذي تعيشه القواعد الشعبية. أحد الناقمين يردد الشعار الشهير الذي اطلقه الأمين العام السابق لـ"حزب الله" السيد عباس الموسوي: "سنخدمكم بأشفار عيوننا"، ويسأل عن سبب عدم  تحويل هذا الشعار الى واقع.

الاصرار على اعطاء الامور الاقليمية الاولوية يدفع كثيرين للتعبير عن سخطهم، ويقول أحدهم غاضبا: وصفنا باشرف الناس وقدمنا من اجل المقاومة الغالي والنفيس، فهل يعقل ان نعامل بهذه الطريقة المذلة؟، فيما يلفت آخر إلى أننا انتصرنا على العدو الاسرائيلي عسكريا لكننا فشلنا داخليا وهزمنا اجتماعيا واقتصاديا.

أبعد من ذلك، وعطفاً على ضريبة الدم التي يدفعها "حزب الله" في سوريا، يصف البعض ما يحصل بأنه سياسة متعمدة، ويقول أحدهم إن الأوضاع تضع الجميع أمام خيارات "السفر أو السقوط في فخ الجريمة، أو الإنضمام الى الأحزاب".

ويعلّق الوزير محمد فنيش على ما يدور في بيئة الحزب عبر "المدن" بالقول إن "المشاكل التي  تعيشها المناطق التي يمثلها حزب الله لا تختلف عن باقي المناطق اللبنانية"، ويشير إلى أن "إمكانيات الحزب محدودة ويفعل ما بوسعه"، مضيفاً ان "تطبيق القانون هو واجب الدولة وليس واجبنا ونحن لسنا رجال اعمال لنقوم بمشاريع استثمارية لخلق فرص العمل، بل يقتصر دورنا على دعم الجميعات".

ولكن ماذا عن دور وزراء "حزب الله" واتهامهم بالتقصير؟ يشير فنيش إلى ان "التركيبة اللبنانية وطريقة اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء تمنعنا من تمرير عدد كبير من المشاريع، واقتراحاتنا لا يؤخذ بها، وهذا ما ينعكس سلباً على الواقع". وتعليقاً على حراك الشارع في الجنوب رفضاً لتراكم النفايات ولانقطاع التيار الكهربائي، يعتبر أن "ازمة الكهرباء حتى الآن عصية، وحلها جنوباً يكون بربط خط السلطانية كوكبا وهذا الأمر غير متوقع حدوثه قريباً".

وثمة من هو ملكي أكثر من الملك، فرئيس بلدية الغبيري ابو سعيد الخنسا لا يرى عبر "المدن" ان "الواقع بهذا السوء، لأنه حتى مدينة نيويورك تعاني احيانا من التقصير حيال دعم التنمية الاجتماعية"، معتبراً أن "الوضع الخدماتي ممتاز وقد تم انشاء عدد كبير من المؤسسات التربوية والخدماتية في السنوات الماضية".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024