لماذا توقفت الغارات الإسرائيلية على حزب الله في سوريا؟

سامي خليفة

الأربعاء 2019/09/25

كثفت إسرائيل خلال الأشهر الماضية غاراتها الجوية على مواقع حزب الله في سوريا. ووجهت ضربات قوية، كان آخرها استهداف مركز للحزب أدى إلى مقتل شخصان يعملان ضمن تشكيلات الجماعة اللبنانية في محيط العاصمة دمشق. إلا أننا شهدنا منذ أواخر شهر آب الماضي توقفاً للضربات الجوية الإسرائيلية، رغم استمرار حدة التهديدات، ما طرح أكثر من علامة استفهام حول السبب الكامن وراء ذلك.

امتعاض روسي
تحدثت مواقع غربية مستقلة خلال الأيام الماضية عن منع موسكو لضربات إسرائيلية جوية جديدة على مواقع حزب الله في سوريا. ونشر عدد من وسائل الإعلام السورية والروسية تقارير مماثلة تدعي أن الطائرات الروسية المتمركزة في قاعدة حميميم الجوية شرق مدينة اللاذقية، اعترضت الطائرات الإسرائيلية فوق سوريا منذ أواخر آب الماضي.

وبعيداً عن المبالغات السياسية، يبدو أن هناك امتعاضاً روسياً جدياً من الضربات الإسرائيلية على الحزب. فقد كشف موقع "مونيتور" الأميركي، عبر مصادر مطلعة على خفايا الكرملين، أن ما ظهر خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى روسيا في 12 أيلول الجاري كمشهد يعكس التوافق والتنسيق المتبادل، ليس سوى مسرحية خدّاعة تخفي الخلافات الحادة بين البلدين حول سوريا.

دوافع موسكو
هناك سببان واضحان، يدفعان روسيا، حسب الموقع، للقيام بدور أكبر في منع الضربات الجوية الإسرائيلية على مواقع الحزب في سوريا. السبب الأول يعود لالتزام موسكو بحليفتها دمشق وحفظ ماء الوجه. أما السبب الثاني فهو ذكرى حادث 17 أيلول 2018، الذي أسقطت فيه دفاعات جوية سورية رداً على هجوم إسرائيلي طائرة تجسس روسية، ما أسفر عن مقتل جميع الأشخاص الخمسة عشر الذين كانوا على متنها.

كما أن الضربات الإسرائيلية تعيق الجهود الروسية لجذب المستثمرين المحتملين لإعادة إعمار سوريا. خصوصاً بعد أن أعلنت العديد من شركات الطيران عن نيتها استئناف الرحلات إلى العاصمة السورية. وتقوم حالياً بعض الشركات الروسية بدراسة فرص الاستثمار في تطوير مطار دمشق الدولي، والعمل على رفع سوية الخدمات ومستوى السلامة والأمان للمسافرين. لذلك طلب المسؤولون الروس من إسرائيل الامتناع عن شن هجمات في المستقبل في محيط منطقة مطار دمشق لتجنب تعطيل هذه المشاريع.

تقليل النشاط الإسرائيلي
يقول مصدر سوري رفيع، ومطلع على الأهداف العسكرية الروسية، للموقع الأميركي، إن تقليل نشاط الجيش الإسرائيلي كان مشكلة حقيقية في الفترة الأخيرة بالنسبة إلى موسكو. فعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، وسع الجيش الإسرائيلي من النطاق الجغرافي وتواتر الضربات، على نحو شملت سوريا ولبنان والعراق.

ويضيف المصدر، الذي تحدث إلى الموقع شريطة عدم الكشف عن هويته: "في كثير من الأحيان، لا يتناسب التهديد المحتمل للمنشآت الإيرانية وتشكيلات حزب الله في سوريا، مع الرد الإسرائيلي. كنا نشعر بأن الأرض تهتز من تحتنا طوال الليل مع كل غارة إسرائيلية".

وحذر المصدر من المبالغات في التقارير التي تفيد بأن الجيش الروسي اعترض أو يقوم باعتراض الهجمات الإسرائيلية. فقد شكك العديد من الخبراء العسكريين، بما فيهم الروس، في قدرة الطائرات الروسية على اعتراض الهجمات الإسرائيلية من قاعدة حميميم، نظراً للوقت الذي تستغرقه المقاتلات الروسية للإقلاع.

إلا أن هذه المبالغات، لا تلغي، حسب المصدر، حقيقة طلب الروس مؤخراً من الإسرائيليين التوقف عن ضرب مواقع حزب الله، كاشفاً أنه في الفترة الماضية، كانت المقاتلات الروسية تحوم بالقرب من المواقع التي حددتها إسرائيل للهجوم، ما يسمح للروس بالتأكد من أن الضربات لا تتجاوز النقطة المتفق عليها.

سياسة جديدة
تتعاون روسيا بشكل متزايد مع إيران لحل المشاكل في الجوار. وبفضل هذه الشراكة، يمكن لموسكو التأكيد على دورها كوسيط محايد في الخليج. ومن ناحيةٍ ثانية، تُعتبر إيران أيضاً شريكاً غير مستقر في الحوار حول مستقبل سوريا، ولها تأثير قوي على الأرض عبر الميليشيات المحلية وأبرزهم حزب الله. وهذا يترك لروسيا، في بعض الأحيان، مصلحة في بعض الأعمال المناهضة لإيران والحزب.

لكن الانعكاسات السلبية للنشاط الإسرائيلي المفرط  في سوريا، يعرض روسيا لخطر أن تكون وسيطاً أبدياً ورهينة للمنافسات الإقليمية. لذلك من المرجح أن تستمر موسكو في الدفاع عن عدد أقل من الضربات الإسرائيلية من أجل سلامة جيشها واستقرار الوضع في سوريا.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024