مياه لبنان ملوّثة: هل تُعلن حال الطوارئ؟

حنان حمدان

الخميس 2018/06/21
"غالبية مياه لبنان ملوثة، في الأنهار والبحار وحتى المياه الجوفية". هذا ما يؤكده رئيس مصلحة البحوث العلمية الزراعية ميشال فرام، الذي دق ناقوس الخطر، بسبب خطورة الوضع وتفاقم المشكلة عاماً بعد عام، وفق ما يقول لـ"المدن".


فقد بدأت المصلحة أخيراً أخذ عينات من المياه من أماكن مختلفة في لبنان، لإعداد تقريرها للعام 2018، عن واقع المياه، ستطلقه بعد نحو شهر، لكن المؤشرات الأولية تشي بنسب تلوث جرثومي مرتفعة. وفي انتظار اكتمال مسح الشاطئ يظهر حتى الآن تفاقم نسب التلوث في لبنان.

وكان المسح الذي أجرته المصلحة في العامين 2016 و2017، قد أظهر وجود 3 أنواع من التلوث في المياه، وهي: جرثومي، كيميائي ومعادن ثقيلة، نتيجة المجارير، النفايات الصناعية ونفايات المستشفيات، في العينات التي أخذت من مختلف المناطق اللبنانية، ومنها: عكار، جبيل، الساحل والجنوب. وتبين أن نسب التلوث راوحت بين 60 و100% في العينات وتضمنت الأنواع الثلاثة.

تفاقم هذه المشكلة، يرجعه فرام إلى أسباب عدة، أهمها، شح المياه، بسبب قلة المتساقطات التي راوح معدلها هذا العام بين 50 و80% فقط. وحفر الأبار بطريقة عشوائية يقلل من وجود المياه الجوفية، فترتفع نسب التلوث لأن الأسباب لم تعالج بعد. ناهيك بتغير المناخ الذي أصبح أمراً واقعاً فرض وجود جراثيم وأنواع حشرات جديدة. وهناك حقيقة أن لبنان لم يعد بلداً غنياً بالمياه.

أسباب أخرى أساسية فاقمت مشكلة تلوث المياه، وهي أزمة النفايات التي عصفت بلبنان منذ العام 2015. والدليل على ذلك، نتائج العينات التي أخذت حين انتشرت النفايات في الشوارع في بداية الأزمة، التي أظهرت وجود ترليونات من الباكتيريا في الملمتر المربع. وهذه العصارة دخلت مياهنا وتربتنا، ومنها انتقل التلوث الموجود فيها إلى لبنان. لكن مشكلة النفايات المنزلية الصلبة تضاف إلى مشكلة النفايات الصناعية ونفايات المستشفيات، التي لا تعالج. ولا يمكن أن ننسى مطامر النفايات البحرية التي فاقمت أزمة تلوث البحر.

هذا الواقع، يستدعي إعلان حالة طوارئ بيئية مائية، من الإدارات المعنية التي يأمل فرام أن تتحرك من أجل وضع الخطوة الأولى من أجل حل هذه المشكلة ومعالجة أسباب التلوث، وهي: رئاسة الجمهورية والحكومة، وزارات الداخلية والبلديات، البيئة، الصحة، الزراعة، الأشغال العامة وحتى الدفاع.


ووفق فرام، فإن الخطوات الأولى نحو اجراءات اصلاحية لمعالجة أسباب التلوث تكون: بمعالجة مشكلة النفايات والمجارير من خلال محطات تكرير مياه الصرف الصحي، ويمكن استخدام المياه المكررة في الزراعة. ضبط الوضع الزراعي بمنع استخدام المبيدات ورمي الحيوانات النافقة ومعالجة نفايات المستشفيات. ومعرفة كيفية تجميع مياه الأمطار وعدم المس بالمياه الجوفية أكثر. وقد أثبتت التجارب أن البرك هي حل ناجح لتجميع المياه.

وكان لافتاً في نتائج التقارير أن المناطق الأكثر تلوثاً هي ذات الكثافة السكانية والصناعية. فمثلاً، نهر الغدير تصب فيه المجارير من عاليه إلى بيروت، والليطاني كذلك حيث توجد كثافة سكنية كبيرة.

وغالبية شواطئ المدن مثل ضبية وجونية صيدا وبيروت تعاني ارتفاعاً كبيراً في مستويات التلوث، بسبب تحويل مياه الصرف الصحي إليها. فمثلاً، تبين أثناء الغطس في بحر صيدا وجود أعداد كبيرة من النفايات الطبية. وأخذت عينات من المغاور وتبين أنها ملوثة بسبب ضخ المجارير إليها أيضاً.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024