باسيل يستنجد باليمين الأوروبي المتطرف الأشد إخلاصاً لإسرائيل

منير الربيع

الأربعاء 2021/04/28
يستمر جبران باسيل في لعبه على حبال متناقضة. وهي ممارسته السياسية التي لم يقتنع بعد أنها أحرقت مراكبه مع كثيرين.

إرضاء الجميع وخسارة ثقتهم
ففي الداخل، خاض معاركه مع القوى السياسية والأحزاب كلها. وهذه سياسة لا يمكنها أن توصله إلى رئاسة الجمهورية. وفي الخارج حاول في محطات متتالية أن يكون في جلباب واشنطن وموسكو، أوروبا وإيران والصين والعرب، كلاً وجميعاً وفي وقت واحد.

ولم يقتنع بأن سياسة إرضاء الجميع لا يمكنها النجاح. فاصطدم بالجميع، ولم يعد أحد يثق به. لكنه ظل على حاله، واستمر على المنوال إياه، مقتنعاً بأن العقوبات الأميركية التي فرضت عليه، سياسية. وهو منشغل بتجهيز ملف قضائي لإزالتها، عندما تتوفر الظروف السياسية المناسبة. ويظن أن الطريق إليها هو "ملف ترسيم الحدود"، الذي يعتبره سبباً لفرض العقوبات عليه، ويمكنه أن يجعله المدخل لإزالتها. لذا قدّم طرحه في هذا الشأن نهار السبت الفائت. وحتى لو كان طرحه ذاك يقود إلى شركة أميركية، تتولى توزيع الحصص النفطية بين لبنان وإسرائيل.

استجداء اليمين الأوروبي 
وأوروبياً لن يتوانى باسيل عن مساعيه: محاولته تطويق فرض عقوبات عليه. وهو يعلم أن وصفه العقوبات الأميركية بالسياسية، لا ينفعه في حال تعرضه إلى عقوبات أوروبية. ويعلم أيضاً أن العقوبات الأوروبية تحتاج إلى قرار بالإجماع من دول الاتحاد الأوروبي. فيكفي اعتراض دولة أوروبية واحدة لتسقط العقوبات.

وأتاه هذا الترياق من هنغاريا ووزير خارجيتها بيتر سيارتو. وهو عضو مؤسس في حزب "فيدس" اليميني الحاكم في هنغاريا، ومعروفة مواقفه اليمينية المتطرفة، والمتطابقة إلى حدّ بعيد مع يمينية باسيل. ويجد الرجلان ضالتهما في تعاونهما، بلعبهما على الوتر المسيحي.

والهدف من زيارة الوزير الهنغاري يتضح بيسر. قال بيتر سيارتو: "لن نقبل بفرض عقوبات على أكبر حزب مسيحي في لبنان". وهذا موقف يريد باسيل الإيحاء بأنه يكسر العزلة الدولية التي تحيق به. وبه يلتف على القرارات الأوروبية، أو الفرنسية تحديداً، لفرض عقوبات عليه.

وهو يستغل أيضاً حاجة ماكرون الانتخابية، التي تفرض على الرئيس الفرنسي تجنّب فرض عقوبات على طرف مسيحي لبناني في هذه المرحلة، كي لا يستغل اليمين الفرنسي بقيادة مارين لوبان الأمر انتخابياً. ويستفيد باسيل أيضاً من موقف بلجيكا التي تعاني من أزمة سياسية وأزمة تشكيل حكومة، قد يحملانها على تجنب فرض عقوبات على أي طرف لبناني.

"أنا مثل الحريري"
وجاءت زيارة الوزير الهنغاري بترتيب من التيار العوني. وقد بدأ التمهيد لها منذ مدة، بزيارة قام بها السفير الهنغاري في بيروت لوزارة الخارجية اللبنانية، فالتقى الوزير شربل وهبة وأبلغه بأن بلاده ترفض استهداف رئيس الحزب المسيحي. وبناء عليه بدأ العمل على ترتيب زيارة وزير خارجية هنغاريا.

وتؤكد مصادر أن هدف الوزير الهنغاري من زيارته يقتصر على لقاء باسيل فقط. فهو لم يعقد لقاءات رسمية مع أحد سواه. وعندما سئل باسيل عن الصفة التي تتيح له استقبال وزير خارجية، اعتبر أن اللقاء مبني على الصداقة الشخصية والحزبية، وعلى كونه (أي باسيل) رئيس كتلة نيابية. وهو قال أيضاً إن حاله هذه كحال سعد الحريري، رئيس الكتلة النيابية الذي يزور دولاً وعواصم كثيرة.

من هو الوزير الهنغاري؟
وزير خارجية هنغاريا صاحب مواقف مندفعة جداً لصالح إسرائيل. وهو كان من أشد المتحمسين لتطبيق خطة ترامب لصفقة القرن. وقد أعلن سابقاً عن معارضة بلاده أي قرار مناهض لإسرائيل في الاتحاد الأوروبي، وفي المحكمة الجنائية الدولية.

لكن، قد لا يكون هناك رابط بين زيارة الوزير الهنغاري لبنان ولقاءه باسيل، وطرح باسيل الجديد بخصوص ترسيم الحدود. ويمكن وضع الزيارة واللقاء في سياق سعي باسيل المستميت إلى تحسين وضعه. وهذا ما يسعى إليه أيضاً من خلال زيارته المرتقبة إلى موسكو. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024