عقدة التشكيل: هل يُلدغ ماكرون من جحر بري مرتين؟

منير الربيع

الأحد 2020/09/13

هل يلدغ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من الرئيس نبيه بري مرتين؟ المسألة أصبحت عند حدود فاصلة. الإصرار على إنجاح المبادرة الفرنسية، يحتم فرض التشكيلة الحكومية، بشروط فرنسا. أما إذا سمح ماكرون بضرب أسس مبادرته، فيعني أن المبادرة فشلت، ونجح اللبنانيون في إغراق فرنسا في تفاصيل تنعكس على دورها سلباً في المنطقة كلها.

إيران ورهان ماكرون
الكلمة الأولى التي توجه إلى الفرنسيين: لقد فشلتم في لبنان، فكيف يكون حالكم مع أزمات أكبر في الشرق الأوسط، من البحر الأبيض المتوسط إلى إيران؟

لن يسمح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإفشال مبادرته ولا المماطلة فيها. ولن يسمح بإحراق مصطفى أديب بعدما أحرق أكثر من طرح تقدم به، أبرزه ترشيحه نواف سلام لرئاسة الحكومة، فأحرق الثنائي الشيعي ذلك الترشيح، وتولى الرئيس نبيه بري إبلاغ الرفض القاطع لتسمية نواف سلام. وهناك تقدير فرنسي بأن إيران لا تريد عرقلة المبادرة الفرنسية وهي تحتاج إلى هذا الإتفاق، لأنه لم يعد لديها إلا باريس.

بري يخلط الأوراق 
وأعاد البيان الأخير الذي أصدره بري خلط الأوراق. فهو لن يشارك في الحكومة وفق الأسس التي وضعت، مشيراً إلى أنه سيكون عنصراً مسهلاً لانقاذ لبنان وماليته.

كلامه هذا خضع لتفسيرات متعددة: البعض اعتبره تسليماً بالشروط. آخرون اعتبروه رفعاً لسقف التفاوض، لأنه لا يمكن تشكيل حكومة من دون الثنائي الشيعي والتيار العوني. وهناك من رأى إمكان الوصول إلى نقطة وسط: وزارة المال للشيعة بالتفاوض على اسم لا يستفز أحداً.

ووسط هذه القراءات، يظل اصرار رئيس الحكومة المكلف على حاله: تقديم تشكيلته الحكومية إلى رئيس الجمهورية يوم الإثنين، فإما يرفضها أو يحيلها إلى المجلس النيابي. وهناك إما تسقط أو تعبر. وفي حال رفضها رئيس الجمهورية، قد يعتذر أديب. وإذا سقطت في المجلس بحكم الميثاقية وعدم نيل الثقة، تسقط المبادرة الفرنسية ويعود لبنان إلى نقطة الصفر.  

ذريعة الميثاقية 
هناك جانب آخر يعاد تكريسه: رئيس الحكومة المكلف هو الذي يؤلف، وليس الطرف المكلِّف هو الذي يؤلف. وهذا يعني إعادة الاعتبار إلى رئيس الوزراء السني. فيما يقول التيار العوني ونبيه بري أنهما يريدان الخروج من الحكومة، مقابل تسهيل تشكيلها. ولكن سؤالاً أساسياً يطرح هنا: هل يمكن تشكيل الحكومة بدون تغطية أو موافقة الثنائي الشيعي؟ وكيف يمكن إعطاءها الثقة؟ هناك من يعتبر أن المشكلة ليست عددية هنا، بل ميثاقية وسياسية، وخصوصاً إذا رفض بري وحزب الله الموافقة على المشاركة فيها والتصويت لها.

ولكن الرد على هذا الكلام يأتي سريعاً: قبل أشهر قليلة عمل حزب الله والتيار العوني على تجاوز الميثاقية، فشكلا حكومة حسان دياب الذي لم يحظ بأي صوت سنّي ولا بغطاء سنّي. لا بل بمعارضة سنية واضحة. لكن الطرفين تجاوزا ذلك ومضيا بحكومة دياب. والتيار العوني استند على دعم الحزب لتنفيذ ما يريده في حكومة دياب.

وها رئيس الجمهورية وباسيل يبدلان موقفهما، ما أن تغيرت المعطيات: رفضهما زيارة هنية والتصويب عليها، وفي الحديث عن الحياد والإستراتيجية الدفاعية وترسيم الحدود. حتى وصل الأمر إلى توصيف المشهد بنكران "بطرس للسيد المسيح" لدى سوقه إلى الصلب. وكان المسيح قد قال لبطرس: ستنكرني ثلاثاً قبل صياح الديك.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024