أحكام "العسكرية" بمجزرة التليل: كأن الجريمة لم تقع

جنى الدهيبي

السبت 2021/11/20

بعد نحو ثلاثة أشهر على وقوع مجزرة التليل في عكار، التي راح ضحيتها أكثر من 30 مدنياً وعسكرياً، احتراقاً، وعشرات الجرحى، إثر انفجار خزان البنزين، أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد منير شحادة، الجمعة 19 تشرين الثاني، سلسلة أحكام في ملف رشى متفرع عن ملف إنفجار خزان الوقود في منطقة التليل في عكار؛ وقد أثارت الأحكام علامات استفهام عديدة.  

وطالت الأحكام تسعة أشخاص هم: علي. ف، جورج.إ (صاحب الأرض)، راسم.ط، المؤهل دمر.م، المؤهل أحمد.ع، المؤهل سمير.س، المؤهل الجمركي يحيى.ظ، الرقيب أول عادل.خ، والرقيب أول الجمركي بلال.ح.  

 وورد في متن الأحكام، أنه" في شمال لبنان وبتاريخ لم يمر عليه الزمن، أقدم الثلاثة الأوَل على القيام بأعمال تهريب الإسمنت والبنزين والمازوت عبر الحدود اللبنانية- السورية من وإلى لبنان، وعلى دفع رشى لرتباء الجمارك اللبنانية لحملهم على القيام بأعمال منافية لوظيفتهم.  

وأقدم الستة الباقون على إلتماس الرشى، للقيام بأعمال منافية لوظيفتهم، مخالفين بذلك التعليمات العسكرية.  

وقضت الأحكام بإنزال عقوبة الأشغال الشاقة مدة ثلاث سنوات بحق الأول والثاني مع تجريدهما من حقوقهما المدنية، وتغريم كل واحد منهما بمبلغ مئتي مليون ليرة، وأصدرت حكماً بتغريم الثالث بمبلغ عشرة ملايين ليرة.  

وأنزلت المحكمة عقوبة الأشغال الشاقة مدة ثلاث سنوات بحق الرابع والتجريد من الحقوق المدنية، وغرامة قدرها عشرة ملايين ليرة لبنانية. كما أنزلت عقوبة الأشغال الشاقة مدة سنة ونصف السنة بحق الخامس، مع تجريده من حقوقه المدنية وغرامة قدرها سبعة ملايين ليرة.  

أما السادس والسابع والثامن والتاسع، فأعلنت المحكمة براءتهم للشك ولعدم كفاية الدليل.  

حكم مثير  
ورأى كثيرون أن الحكم الصادر عن العسكرية، وإن كان عن ملف متفرع، مبهم. وأن أحكامه تخفيفية لا توازي حجم المجزرة؛ ولم يوجه اتهامات صريحة للموقوفين بالتسبب بالقتل، خصوصاً أن صاحب الأرض جورج الرشيد ابراهيم التي وقع فيها الانفجار، انتشرت شائعات عن تورط نجله باطلاق النار نحو الخزان.  

ويظهر حكم العسكرية أيضاً حجم الاستخفاف بملف تهريب المحروقات إلى سوريا، وكل المتورطين به، من أمنيين ومدنيين، والذي كانت نتيجته مجزرة التليل. ناهيك عن اتهامات بتورط مسؤولين سياسيين في عكار بالنشاط على خط التهريب من دون مساءلتهم.  

وهكذا، يجري إدانة متورطين بعمليات التهريب كادت تدمر حياة اللبنانيين اقتصاديًا ومعيشيًا، وكادت تسبب بإغداق الدماء على أبواب المحطات قبل رفع الدعم عن المحروقات، بثلاث سنوات سجنية فقط.  

وخلافًا لأحكام كثيرة تصدرها العسكرية، وتحديداً بملفات الإرهاب، صدرت أحكامها بمجزرة التليل من دون تحميل أي طرف من المتهمين مسؤولية التسبب بقتل وحرق العشرات.  

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024