جلسة حكومية صاخبة انتهت بمحاصصة وباخرة فيول

المدن - لبنان

الثلاثاء 2020/07/07
ليس التوتر الذي ساد جلسة الحكومة، على خلفية محاصصة أعضاء مجلس إدارة كهرباء لبنان، هو الهمّ. الصراعات التحاصصية أصبحت لازمة هذه الحكومة. وعند كل جلسة مفصلية تعقدها الحكومة، لإقرار تعيينات ما، يُعقد لقاء بين الرئيس نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، للتفاهم على آلية توزيع الحصص. تماماً كما كان يحصل سابقاً من اجتماعات بين باسيل وسعد الحريري. هذه المرّة يغيب حسان دياب عن المشهد، ولا يكون سوى صاحب توقيع ما يتم عرضه عليه، وعلى مجلس وزرائه! التوتر تفصيل، في ظل الخطّة التي أعدها باسيل للانقلاب على الهيئة الناظمة في قطاع الكهرباء.

حسابات باسيل
منذ اليوم الأول لتولي باسيل وزارة الطاقة، كان مسعاه هو عدم تشكيل هيئة ناظمة لقطاع الكهرباء، ويريد الحفاظ على كل الصلاحيات بيده. وهذا المنطق سرى واستمر على كل وزراء الطاقة الذين تعاقبوا. وجميعهم من فريق سياسي واحد: التيار الوطني الحرّ. كانت الهيئة الناظمة شرطاً أساسياً من شروط صندوق النقد الدولي والمجتمع الدولي، لإظهار جدية الحكومة في العمل على إنجاز الإصلاحات. لم يجد باسيل مهرباً منها، فاجترح فكرة تعديل قانون الكهرباء، لنزع صلاحيات الهيئة الناظمة وإبقائها بيد الوزير، في عملية تعمية واضحة للرأي العام المحلي والدولي.

هذا الأساس الذي انطوت عليه الحكومة، والتي يثبت باسيل أكثر فأكثر أنه قادر على تسييرها كما يريد ووفق حساباته. أما الخلاف والتوتر الذي حصل بين الوزراء على تعيين الإسم الدرزي فهو لإشغال اللبنانيين عن المشكلة الأساسية، التي تمثلت بما رسمه باسيل ونجح في تحقيقه مجدداً، بعد أن أجبر الحكومة سابقاً على التراجع عن رفض خطة سلعاتا، وألزمها بها. وعلى هذا المنوال، عيّن مجلس الوزراء أعضاء مجلس ادارة مؤسسة كهرباء لبنان. وهم: طارق عبد الله (سني)، حسين سلوم (شيعي)، سامر سليم (درزي)، كريم سابا (أرثوذوكس)، حبيب سرور (كاثوليك)، شادي كريدي (ماروني). كما أرجأ تعيين ثلاثة مفتشين قضائيين اقترحتهم وزيرة العدل. وبعد نقاش طويل، تم تعيين العضو الدرزي في مجلس الكهرباء من المحسوبين على الحزب التقدمي الاشتراكي، بعد أن خاضت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد معركته.

آلية التعيين والتدقيق المالي
وقالت عبد الصمد في مداخلتها: "نشهد تمثيلية سياسية حيث تجري تعيينات بعيدة عن الموضوعية، ويظهر فيها انحياز غير مبرّر، والقرار انحيازي سياسي بامتياز". وطلبت وزيرة الإعلام من رئيس الحكومة التدخّل في هذا المجال، خصوصاً وانه وافقها الرأي حول ضرورة تطبيق الآلية الواجب اتباعها. وفي حال توفر الشروط في مرشحين فقط، فيجب الاكتفاء بهما". أضافت عبد الصمد مخاطبةً الرئيس دياب: "دولة الرئيس، لدي المشكلة ذاتها في تلفزيون لبنان. والتعيين يكون حسب الآلية المتّبعة فقط، أو لا يتم التعيين"، ليوافقها دياب الرأي بضرورة اتباع الأصول في التعيينات .

وكان وزير الطاقة رفع 18 إسماً إلى مجلس الوزراء لاختيار تعيين مجلس إدارة "كهرباء لبنان" من بينهم. اليوم، كان محسوماً بناء على التفاهمات التي حصلت بين رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس التيار الوطني النائب جبران باسيل.
كذلك بُحث موضوع التدقيق المالي، وطُرحت خيارات عدة أمام مجلس الوزراء لاختيار شركة غير "كرول" للتدقيق المالي المركّز. ولفتت وزيرة الإعلام إلى أن "الوضع محسوم باستبعاد شركة "كرول" للتدقيق المالي المركّز". ولدى نقاش المجلس لتعديل قانون الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، سجل عدد من الوزراء ملاحظاتهم عليه. فتم إرجاؤه إلى حين توفر ظروف التوافق السياسي حوله. كما أرجأ البت بملف قبول استقالة مدير عام وزارة المال آلان بيفاني. وأفيد أن المجلس سيطلب منه الحضور إلى مجلس الوزراء الأسبوع المقبل، لشرح أسباب الاستقالة قبل البت بها. ولدى مجلس الوزراء مهلة شهرين لقبول الاستقالة. وأرجأ أيضا البت في التعاقد مع شركة التدقيق الجنائي المالي، وقرر الطلب من الأجهزة الأمنية درس ووضع تقرير عن شركتي كرول وFTI، لمعرفة إذا كانت لهما علاقات مع إسرائيل، ليتخذ القرار بناء لذلك.

بصيص أمل دياب
وكان الرئيس عون شدد في مستهل الجلسة، على ضرورة السير بالتدقيق المالي المركّز، لأنه يشكل عاملاً أساسياً لدراسة الوضع المالي والنقدي في مصرف لبنان. وأيضاً، لما له من أهمية في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. أما رئيس الحكومة حسان دياب فقال "على الرغم من الدخان الأسود الذي يصرّ البعض على نشره في البلد، لقطع الطرقات وتلويث كل شيء، وتسميم رئات الناس ومحاولة تسميم أفكارهم، إلا أن الأمل موجود بالخروج من الأزمة الخانقة". وقال دياب إن "خطة دعم السلة الغذائية التي ستعلن اليوم، هي حجر الزاوية بمعالجة أزمة ارتفاع الأسعار. ويجب أن تكون نتائجها سريعة، وأن تكون المتابعة دقيقة وعلى مدار الساعة، لعدم إفشالها ومنع التجار من تشويه هدفها". وتابع "رهاننا على قوة إرادة اللبنانيين وعلى نجاح خطة الحكومة، وعلى دعم ومؤازرة إخوة من الدول العربية، رفضوا التخلي عن لبنان.. البداية كانت من العراق الذي استقبلنا وفداً وزارياً من حكومته، وستكون هناك متابعة سريعة مع الإخوة في العراق للوصول إلى النتائج المطلوبة بأسرع وقت". وأردف "أستطيع القول اليوم أن هناك بصيص أمل يكبر، وأعتقد أنه خلال أسابيع سيلمس اللبنانيون نتائج الجهد الذي قمنا به خلال الفترة الماضية".

وبعد الجلسة أعلن زير الطاقة​ ​ريمون غجر​ وصول ​باخرة​ فيول مساء، وعندما يتم تفريغها ستزيد التغذية الكهربائية ساعتين، على أن تصل باخرة أخرى نهاية الأسبوع. ولفت غجر إلى أن كمال حايك ما زال مديراً عاماً لشركة الكهرباء، وسيستمر في مركزه لحين تعيين مدير عام جديد. وأوضح أنه اليوم وصلت باخرة "grade b" تستفيد منها المعامل المولدات العكسية وستزيد التغذية الوسطية. وأعلن عن "تكليف لجنة وزارية من الوزراء المختصين لتشكيل هيئة ناظمة". وأوضح غجر أنه "بنهاية الأسبوع الحالي ستصل باخرة ثانية، وستعود التغذية الكهربائية مثلما كانت من قبل.. نحن بحاجة لباخرة غاز أويل "grade a" لتأمين التغذية لبقية المعامل".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024