المحكمة العسكرية تثير غضب هيئات حقوقية محلية ودولية

المدن - لبنان

الثلاثاء 2021/02/23

ما زالت ردود الفعل تتوالى على قرار مفوض الحكومة اللبنانية لدى المحكمة العسكرية، القاضي فادي عقيقي، بالادعاء على 35 شاباً من الموقوفين وغير الموقوفين بجرم "الإرهاب والسرقة".  

العفو الدولية و23 منظمة حقوقية
وهذا الاتهام بحق متظاهرين، والذي شكل سابقة هي الأولى من نوعها بعد اندلاع احتجاجات 17 تشرين الأول 2019، أثارت استهجانًا وغضبًا كبيرين، لدى الرأي العام اللبناني والهيئات المدنية والحقوقية، لما يحمله الاتهام من دلالات قمعية وترهيبية بحق اللبنانيين عمومًا، وأهالي طرابلس على وجه التحديد.  

وفي الساعات الماضية، طالبت المنظمات الحقوقية المحلية والدولية بالتحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها المتظاهرون، الذين جرى اعتقالهم على خلفية الأحداث التي شهدتها طرابلس.  

وذكر الموقع الرسمي لمنظمة "العفو الدولية" أن تلك الهيئات والمنظمات قد "قدمت التماساً إلى رئيس وأعضاء لجنة حقوق الانسان في مجلس النواب اللبناني، لتوجيه أسئلة إلى وزير الدفاع ووزير الداخلية ووزير العدل بشأن عدم تطبيق المادة 47 من القانون رقم 191/2020، والاستمرار في عدم السماح للمحامين بحضور التحقيق الأوّلي، وعدم إنفاذ القانون 65/2017 الذي يجرم التعذيب" (رابط منظمة العفوالدولية).  

وقد استغربت العريضة التي وقعتها 23 منظمة حقوقية عدم تطبيق القانون رقم 191/2020 والذي ينص على وجوب "أن يحاكم المتهم حضورياً وأن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام من اختياره، وأن يخطر بحقه في وجود من يدافع عنه إذا لم يكن له من يدافع عنه، وأن تزوده المحكمة حكما، كلما كانت مصلحة العدالة تقتضي ذلك، بمحام يدافع عنه، من دون تحميله أجرًا على ذلك إذا كان لا يملك الوسائل الكافية لدفع هذا الأجر".  

ولفتت إلى "ظهور مخالفات كثيرة لدى بعض الأجهزة العسكرية والضابطة العدلية في ظل غياب أي رقابة فعالة على حسن سير العدالة، لناحية الأجهزة ولناحية الرقابة القضائية".  

وكانت طرابلس قد شهدت في نهاية كانون الثاني 2021، مواجهات عنيفة بين مجموعة من المتحجين والقوى الأمنية والجيش، أسفرت على سقوط الشاب عمر طيبا قتيلًا وأكثر من 400 جريح، وانتهت بإحراق مبنى بلدية طرابلس والمحكمة الشرعية وإضرام النيران بمحيط سرايا طرابلس، التي شكلت نقطةً مركزية للمواجهات.  

واعتبرت المنظمات الموقعة على العريضة أن قانون تجريم التعذيب الذي أقر في العام 2017 لا يزال حبراً على ورق، "استناداً إلى تقارير منظمات حقوق الإنسان اللبنانية والدولية وأهمها منظمة العفو الدولية، قائلة إنه في حال تطبيقه في بعض الحالات كان خجولاً ومن دون أي نتائج تذكر"، كما طالبت المنظمات إجراء مساءلة مع الوزراء المختصين في مجلس النواب عبر لجنة حقوق الإنسان البرلمانية، محددة بعض الأسئلة والاستفسارات بهذا الشان.  

بيان "طرابلس مدينتنا"  
وتحت شعار "نرفض تهمة الإرهاب لتأديب طرابلس وشبانها"، أصدرت اليوم الثلثاء مبادرة  "طرابلس مدينتنا"، بيانًا استنكرت فيه إلصاق تهمة الإرهاب بمحتجي طرابلس. ونورده كما جاء: 
"تعتبر مبادرة "طرابلس مدينتنا" أن الادّعاء دفعة واحدة على 35 شاباً من أبناء طرابلس والبقاع بتهم الإرهاب والسرقة وغيرها، على خلفية الاحتجاجات والمواجهات التي حصلت في الأيام الأخيرة من شهر كانون الثاني، هو إجراء سياسي مكشوف ومرفوض من قبل طرابلس وكل لبنان.  

إن هذا الاتهام المستغرب وغير المألوف منذ 17 تشرين 2019، هو تتويج لسلسة من الانتهاكات المتتالية من الاستخدام المفرط للقوة والرصاص الحي في مواجهة الاحتجاجات، إلى إخفاء الموقوفين لأيام من دون معرفة أماكن تواجدهم، إلى احالتهم إلى المحكمة العسكرية، وهي محكمة استثنائية يجب أن تختص بمحاكمة العسكريين حصراً، وصولاً إلى اتهامهم بجرائم خطيرة كالإرهاب، في اتهام جماعي وغير قانوني، يشمل أيضاً من أطلق سراحهم بعد التحقيق معهم!  

إن محاولات شيطنة طرابلس – عروس الثورة – وإلصاق تهمة الإرهاب بها باتت ممجوجة وغير ذات تأثير أو قبول لدى اللبنانيين. لقد سبق أن حذرنا في بيان سابق من سلوك طريق مخالفة القانون وانتهاك الحقوق والاتهام، بدل معالجة الأسباب الحقيقية للأزمة والانفجار الاجتماعي. فهذه ممارسات تسير يدًا بيد مع إخفاء الحقائق وتقديم كبش محرقة لمنع أي ملاحقة محتملة للمحرضين الفعليين على حرق البلدية – إن وجدوا – وهي الحجة التي استخدمت من أجل تبرير هذه التهم المخالفة للمنطق وللقانون.  

إن الهدف من ذلك هو تأديب المدينة وتحويلها إلى مكسر عصا، واستخدام تهمة الإرهاب هذه المرة لترهيب اللبنانيين تضاف الى أساليب الترهيب والتيئيس الأخرى التي شاهدنا نماذج وقحة منها، في التعامل مع التحقيق في انفجار المرفأ، أو في معالجة الأزمة السياسية، أو الاقتصادية والاجتماعية.  

إن طرابلس ولبنان كله يقف ضد هذا الاستخدام السياسي للقضاء، بما في ذلك العسكري، من أجل إسكات الناس. كما يقف إلى جانب هؤلاء الشبان، ضد هذا الاتهام الخطير والباطل، وسوف نضغط من أجل تحقيق العدالة لهم وللمدينة ولبنان. لذلك نرفع الصوت عاليا لنقول:  

- احترموا الدستور والقوانين ولا تخالفوها،  

- احترموا حقوق الإنسان وحقوق المتظاهرين والموقوفين،  

- توقفوا عن استخدام القضاء لتحقيق أهداف سياسية.  

إن طرابلس بأبنائها وهيئاتها النقابية وبلديتها وجمعياتها والمجموعات الناشطة منذ 17 تشرين، مع دور رئيسي لنقابتي المحامين في طرابلس و بيروت ونادي القضاة وجمعيات حقوق الانسان، مدعوة إلى رفع الصوت من أجل العدالة والشفافية والالتزام بالأصول القانونية، وأن تقف إلى جانب كل مظلوم، وإلى جانب استقلالية القضاء، ووقف محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.  

فلتقلعوا عن سياسة التأديب والانتقام، لأن القهر والظلم ومخالفة القانون وانتهاك الحقوق ستؤدي إلى المزيد من الاحتقان والانفجار الاجتماعي، ولن تعيد أحداً إلى بيت الطاعة أيا كان صاحبه أو حامل مفاتيحه".  

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024