صورة حصرية لـ"المدن": البيطار يختبر نظرية التلحيم بانفجار المرفأ

نادر فوز

الثلاثاء 2021/07/20
تنشر "المدن" صورة حصرية للعنبر الذي شيّدته الفرق التقنية، بقرار من المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، لإجراء المحاكاة لورشة التلحيم في العنبر رقم 12.
وحسب أجواء مطلّعة على سير الملف، يعمل أمنيون وخبراء على إعداد مسرح الجريمة من أجل إعادة تمثيل "التلحيم"، بغية التوصّل إلى خلاصة واضحة بشأن هذه الفرضية وإمكانية تسبّبها بالحريق، ثم انفجار مئات أطنان نيترات الأمونيوم يوم 4 آب 2020. ولا يمكن القول سوى أنّ موعد إجراء هذا الاختبار قد اقترب. مع العلم أنّ العديد من الشهادات والتقارير، سبق ونشرتها "المدن"، أفادت بأنّ المعدّات المستخدمة يوم الانفجار لا تنتج الشرارات. فيبقى الجواب محصوراً بين يدي البيطار بعد إتمام العملية التي يُفترض أن تطابق الظروف المناخية ذاتها ووضعية المواد في العنبر.

ذكرى 4 آب
بعد أسبوعين، تحلّ الذكرى السنوية الأولى للجريمة. أهالي الضحايا والشهداء، وعموم اللبنانيين، يتحضّرون لإحياء هذه الذكرى التي أقرّ رئيس الجمهورية بأنّ يوم 4 آب سيكون يوم حداد وطني. فمن المفترض أنّ يتم تنظيم الذكرى في المرفأ، وبات مؤكداً أنّ البطريرك الماروني بشارة الراعي سيكون حاضراً في المناسبة. مع العلم أنّ العديد من الضحايا وأهاليهم يرفضون أي حضور سياسي ومن أي مستوى كان، لكون السلطة وممثليها وأحزابها وزعاماتها متّهمة بدرجة أولى بالتسبب بوقوع الجريمة. كما أنّ هذه السلطة نفسها، تعرقل التحقيقات من خلال خطوات مختلفة، في منع ملاحقة مسؤولين مدّعى عليهم، وفي محاولة سحب الملف من القاضي البيطار وإحالته إلى المجلس النيابي في ما يخص النواب المدعى عليهم.

سمنة وعسل
في الأوساط النيابية، تسير عريضة نيابية عرّابها نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، ويفترض أن يوقّعها 26 نائباً في موضوع ملاحقة النواب الثلاثة، نهاد المشنوق وعلي حسن خليل وغازي زعيتر، ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب، المدعى عليهم في الملف. فالعريضة تطرح إنشاء لجنة تحقيق نيابية تعرض تقريرها على الهيئة العامة التي تقرّر إنهاء الادعاء أو إحالة المدعى عليهم إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

تبدو فكرة العريضة أشبه بعملية إبعاد البيطار عن الملف، وحصره بالبرلمان. إلا أنّ مراجع قانونية تؤكد لـ"المدن" على أنّ "مسار التحقيق النيابي لا يلغي مسار التحقيق العدلي والقضائي، وإذا أراد مجلس النواب ملاحقة أعضائه المدعى عليهم فليكن، سمنة وعسل". وفي هذا الإطار، لا بد من التذكير بالنصوص القانونية التي تفتح المجال لهذا الأمر.

مادتان دستوريّتان
تنصّ المادة 60 من الدستور، على أنه "لا تبعة على رئیس الجمهوریة حال قیامه بوظیفته إلا عند خرقه الدستور أو في حال الخیانة العظمى". لكن أهمّ ما فيها أنه "فیما یختص بالجرائم العادیة فهي خاضعة للقوانین العامة. ولا یمكن اتهامه بسبب هذه الجرائم أو لعلّتي خرق الدستور والخیانة العظمى إلا من قبل مجلس النواب، بموجب قرار یصدره بغالبیة ثلثي مجموع أعضائه، ویحاكم أمام المجلس الأعلى المنصوص علیه في المادة 80".
أما المادة 70 من الدستور، فتقول إنه "لمجلس النواب أن یتّهم رئیس مجلس الوزراء والوزراء بارتكابهم الخیانة العظمى أو بإخلالهم بالواجبات المترتبة علیهم، ولا یجوز أن یصدر قرار الاتهام إلا بغالبیة الثلثین من مجموع أعضاء المجلس". ما يعني أنّ المادة 70 لم تذكر اتّهام رئيس الحكومة والوزراء بالجرائم العادية، الأمر الذي يمكن تفسيره وفقاً لروحية المادة 60 أنه يمكن ملاحقة هؤلاء وفق القوانين العامة.

إضراب نقابة المحامين
خلال الأسابيع الماضية، تذرّع كل المدعى عليهم من أمنيين (الذين لا حصانات تحميهم) وموظفين رسميين بإضراب نقابة المحامين لعدم المثول أمام المحقق العدلي. حتى بات البعض، من أهالي الضحايا وأهالي الموقوفين والمدعى عليهم في الملف على حد سواء، يحمّل إضراب نقابة المحامين مسؤولية توقّف الاستجوابات من جهة، وتوقّف إخلاءات السبيل من جهة أخرى. بالنسبة لنقيب المحامين، ملحم خلف، وحسب ما يقول في اتصال مع "المدن"، فإنّ "الناس همّنا ونحن حريصون على الملف ونتابع كل التفاصيل ولا نغفلها". العرقلة السياسية في جريمة انفجار مرفأ بيروت أكبر بكثير من حجّة إضراب نقابة المحامين. والأخير بات أشبه بـ"قميص عثمان" لعدم مثول المدعى عليهم، لا أكثر.

يوم 4 آب المقبل، اللبنانيون على موعد مع الذكرى الأولى للجريمة. يريدون الحقيقة والعدالة. يريدون التحقيق والادعاء والإنصاف. 216 ضحية سقطوا، والمسؤولية واضحة تقصيراً وإهمالاً، فعلياً ومعنوياً، وبغض النظر عن مؤامرة إدخال شحنة نيترات الأمونيوم والغاية منها. فلسيرة النيترات قصة أخرى.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024