الراعي يُسائل السياسيين الهدّامين.. ويستنجد ببايدن

المدن - لبنان

الأحد 2021/01/24
في أسبوع آخر، وجّه البطريرك الماروني، مار بشارة بطرس الراعي، رسائل الانتقاد واللوم للسلطة السياسية، العاجزة إلى اليوم عن إيجاد الحلول اللازمة، والمخارج المفترضة لسلسلة الأزمات المالية والاقتصاية والسياسية والاجتماعية والصحية. ومواقف الراعي، خلال عظته ليوم الأحد في كنيسة السيدة في بكركي، اتّخذت طابع الأسئلة هذا الأسبوع ليضيء على مختلف المشاكل التي يشكو منها اللبنانيين في ظلّ حكم طبقة سياسية، قال إنه من المفترض أنّ توفّر لهم الخير. فافتتح أسئلته للسياسيين بالقول "كيف يمكن الإمعان في المواقف السياسية المتحجرة الهدامة للدولة كياناً ومؤسسات دستورية؟ بأي ضمير وطني، وبأي مبرر، وبأي نوع من سلطان وحق، وبتكليف مِن مَن"؟

أسئلة الراعي
من باب الأسئلة سأل الراعي عن عملية تشكيل الحكومة المعرقلة والمتأزمة بفعل مواقف الكتل السياسية والنيابية، "لماذا لا تؤلفون حكومة والشعب يصرخ من الوجع، ويجوع من الفقر ويموت من المرض"؟ وبالصيغة نفسها، "لماذا لا تؤلفون حكومة"، أكمل عظته قائلاً "والمستشفيات تضيق بالمصابين، والمستوصفات والصيدليات تفتقر إلى الأدوية، والمتاجر تعْوزها المواد الغذائية"؟ وأضاف: "لماذا لا تؤلفون حكومة والأزمة النقدية والاقتصادية بلغت أوجها، والاقتصاد يتلاشى والإنتاج الزراعي يتلف؟ والناس على أبواب المصارف تستجدي أموالها فلا تجدها؟ ومؤسسات الدولة الكبرى العسكرية والمالية والقضائية تضرب في هيبتها ومعنوياتها ورجالاتها جراء الحملات المبرمجة والشائعات المغرضة والكيدية القاتلة؟ والحدود سائبة والتهريب جار على حساب لبنان والسيادة منقوصة والاستقلال معلق والفساد مستشر؟ والبطالة عن العمل وحالة الفقر فاقتا نصف الشعب؟ لماذا لا تؤلفون حكومة وقيمة الحد الأدنى للأجور تدنت عملياً إلى المئة دولار؟ والعاصمة بيروت منكوبة والمرفأ مهدّم وثروات النفط والغاز تحت وضع اليد؟ لماذا لا تؤلفون حكومة والبلاد دخلت مدار الانهيار النهائي"؟

الخوف من الله
وختم الراعي سلسلة أسئلته متوجّهاً للسياسيين أيضاً، "ألا تخافون الله والناس ومحكمة الضمير والتاريخ؟ هل من عاقل يصدق أن الخلاف هو في تفسير مادة من الدستور واضحة وضوح الشمس"؟ وتوجّه إلى المسؤولين بالقول إنّ "الدستور وضع للتطبيق لا للسجال، وليكون مصدر اتفاق لا مصدر خلاف". وأشار إلى أنه أمام التحديات المصيرية "ترخص التضحيات الشكلية، ويكفي أن تكون النية سليمة، وفي كل حال، المبادرة في هذا الاتجاه ترفع من شأن صاحبها في نظر الناس والعامة، وتدل على روح المسؤولية".

الحياد والرئيس الأميركي
وجدّد البطريرك الراعي دعوته إلى حياد لبنان معتبراً أنه "لو كان الحياد قائماً في لبنان ما كنا لنشهد أي أزمة دستورية، بما فيها أزمة تأليف الحكومة حالياً". وأضاف أنه "علاوةً على المصالح الفئوية التي تفرز الأزمات والحروب في لبنان، يبقى السبب الرئيسي هو الانحياز وتعدّد الولاءات" مؤكداً على أنّ "أي مقاربة جديدة لوجودنا اللبناني يجب أن تنطلق من اعتماد الحياد لنحافظ على وجودنا الموحد والحر والمستقل". وبعد تأكيده على أنّ خلاص لبنان يقتضي أن تنظر الأسرة الدولية إلى قضيته بمعزل عن أي ارتباط بقضية أي بلد آخر قريب أو بعيد، هنّأ الراعي الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن بتسلّم مهامه مشيراً إلى أنه "نعوّل على ما يتميز به من إيمان والتزام بالقيم الروحية والإنسانية، ومن تحسس لقضايا الشعوب ومعاناتها وحقوقها وتوقها إلى العدالة والحرية". وأمل أن تنظر الإدارة الأميركية الجديدة "إلى قضية لبنان بهذه النظرة، من دون ربطه بأي بلد آخر، وأن يسهم في إبعاده عن الصراعات الإقليمية، ودعم مشروع حياده كمدخل لإستعادة استقراره وازدهاره".

خطبة قبلان
من جهته، حذر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان من ما أسماه "مخطط خطير وكبير"، لاستنزاف لبنان وإسقاطه وتغيير ديموغرافيته وهويته السياسية، مؤكداً أنه "لم يعد خافياً على أحد أن اللاعب الدولي الإقليمي موجود بقوة على الساحة اللبنانية وفي معركتها الحكومية، بشراكة فريق داخلي يعتقد أن لبنان شركة عقارية ومغامرة سياسية، ويتصرف على طريقة أنا أو لا أحد، فيما الناس تموت كل يوم، ودولة تجار تمارس هويات قتل الشعب على طريقتها، والعين على من يصرخ أولاً".

وقال: "طفح الكيل أيها المعنيون، الجنائز على الطرق، والفقر يلتهم لبنان، والضغط الاجتماعي على أشده. ورغم ذلك، هناك من يعطل الحلول ويكابر ويستغل النفوذ والسلطة، بخلفية معركة كسر أو نصر، وهناك من يقول للبنانيين وطنوا الملايين مقابل 50 مليار دولار، وهناك من يهدد بالمجاعة أو التطبيع، وثالث يسرب أن صفقة بيع الدولة جاهزة وعلى الطاولة، لكل هؤلاء نقول لهم: لبنان أكبر منكم جميعاً، أكبر من حيتان السلطة والمال ولعبة الصفقات الدولية، وقضية كتابة الخرائط في الخارج وتطبيقها في الداخل انتهى زمنها، ومن يربح الشعب يربح لبنان، والحصار والإفقار خطير، لكن ليس أكبر من الكرامة الوطنية، والمعركة الآن معركة مراحل".

واعتبر المفتي قبلان أن ما يدمي القلب أن حصار لبنان وخنقه يجري عبر شخصيات وقوى في الداخل، وهناك من يمارس هدم لبنان بالسياسة والأسواق والتعطيل والدعاية النفسية والإعلامية على قاعدة اتركوا لبنان يسقط، وليس مهماً من يحكم، والمهم أن يكون لبنان في القعر، مشدداً على أن لبنان أكبر من أن يعود صفقة، والحكومة أكثر من ضرورة.

وقال:"لينتظر خونة الشعب أن ترمى حجارة قصورهم في البحر. فلبنان الشعب لم يقل كلمته بعد، وزمن لبنان الهدية المجانية انتهى".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024