الحكومة المصغرة هي شرط الإصلاح

مارك ضو

الجمعة 2019/01/04

الإصلاحات الحقيقية تبدأ من لحظة تشكيل الحكومة. والمسار الانقاذي لمصالح الشعب اللبناني الاقتصادية والاجتماعية، ينطلق مع سلطة تنفيذية تضم كفاءات، غير مرتهنة لمصالح طائفية موزعة ما بين القوة المهيمنة، أكانت ميليشيات مسيطرة منذ نهاية الحرب الأهلية، أو مافيات اقتصادية، تضع مصالحها فوق حقوق المواطنين. وعليه، تشكيل حكومة مصغرة هي البرهان الأول عن انطلاق الإصلاح. فالحكومة يجب أن تكون مصغرة، وتتألف من شخصيات قادرة على إدارة الوضع السياسي، والأهم إدارة الدولة لحماية الناس ومصالحهم. الحكومة المصغرة كما نتصورها، وكيف تتوزع المسؤوليات فيها، هي كما نقترح، مؤلفة من رئيس حكومة وتسعة وزراء:

رئاسة الوزراء وشؤون مجلس النواب ووزارة التنمية الإدارية والتخطيط

وزارة المالية

وزارة الدفاع

وزارة الداخلية والبلديات

وزارة الخارجية والمغتربين

وزارة الصحة والرعاية: الصحة والبيئة والشؤون الاجتماعية

وزارة الاقتصاد: وزير اقتصاد، تجارة، صناعة، زراعة، سياحة

وزارة التنمية البشرية: وزير التربية والتعليم ثقافة رياضة والاعلام

وزارة حقوق الانسان: العدل، المرأة والشباب والمهجرين وحقوق الإنسان واللاجئين

وزارة البنى التحتية: وزير الطاقة والكهرباء والمياه والنقل والاشغال والاتصالات

الفعالية والمحاسبة
لا شك أن هكذا وزارة أكثر فعالية من صيغة 30 وزيراً أو أكثر. على الأقل، البحث لن يتضمن ثلاثين مداخلة واجتماعات تمتد لساعات، ولا تنتج سوى قرارات نادرة، أو قرارات لا يعرف عنها معظم الوزراء شيئاً. كما أن تقليل عدد الوزارات ودمجها مع بعضها، يفيد بإلغاء الكثير من المؤسسات والهيئات، التي خلقت بسبب شلل العمل ما بين الوزارات المتعددة، مثل مجلس الإنماء والاعمار، صندوق الجنوب وصندوق المهجرين. وكلها انتهت بؤر فساد. دمج الوزارات هو خطوة ضرورية لحل كل هذه الهيئات، والاستفادة الأكبر هي بتسريع العمل الإداري والحكومي. إذ يتمكن وزيرين أو ثلاثة من إنهاء معاملات بسرعة، والتحرك بفاعلية.

يبقى أن عدداً قليلاً من الوزارات يجعل من عملية المحاسبة أكثر فعالية، فلا يعود أي نشاط مقسم ما بين أكثر من وزير. وبالتالي، يسهل تمييع المسؤولية بين عدد من الدوائر وكثرة المراسيم. وأخيرا، إن تقليل عدد الوزراء، يعني ضرورة تفعيل الهيئات الناظمة للقطاعات، لزيادة فعالية إدارة القطاعات، مثل الهيئة المستقلة للنفط والغاز، وللطيران المدني، والاتصالات، وكلها هيئات موجودة نظرياً، لكن غير فاعلة بسبب محاربة الوزراء المعنيين للأدوار المستقلة لتلك الهيئات.

"التوازن" في الفساد!
بناء على ما ذكرنا، أي حكومة تتشكل نتيجة توازن ما بين القوى، أو بسبب أطماع تلك القوى المهيمنة على الحكم، لن تنتج أي نوع من الإصلاح، بل ستحكم حسب طريقة تشكلها، أي لخدمة الأطماع والمصالح الخاصة، للحفاظ على "التوازن" ما بين الفاسدين والمستغلين. الضغط لتحرير السلطة التنفيذية، من تلك الارتهانات لمنطق ومصالح المافيات والميليشيات، هي المهمة الأولى لإطلاق ورشة إصلاح حقيقية في لبنان. المهمة الثانية، هي بيان وزاري يضم مشروعاً إصلاحياً ومواقف واضحة من التحديات الأساسية مثل اللاجئين، السياسات الاقتصادية، تطيبق الطائف، السيادة الوطنية، حكم القانون، والفصل ما بين السلطات وغيرها.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024