المدن - لبنان
هذه التحركات، قابلها تحرك من قبل مناصرين للحزب التقدمي الإشتراكي والقوات اللبنانية، للتصويب على "العهد"، في محاولة لعدم حصر الاتهام فقط بالحريري. وعلى هذا الأساس، جاءت مواقف وليد جنبلاط وسمير جعجع، في حثّ الحريري على الاستقالة وترك "الفريق الحاكم فعلياً" ليشكل حكومته، ولترمى كرة النار بين يديه.
بموازاة ذلك، اتخذ الحزب التقدمي الاشتراكي قراراً بالنزول إلى الشارع في كل المناطق التي يتمتع بحضور فيها، لمواجهة "العهد" وممارساته وتهربه من المسؤولية. الأمر الذي لاقاه أيضاً رؤساء الحكومات السابقين بالتضامن مع رئيس الحكومة، ورفض تحميله المسؤولية والاستفراد به.
اتصالات مفتوحة كانت بين الحريري وكل من جنبلاط وجعجع. لكن الحريري كان متردداً، ولم يحسم قراره بعد، هو لا يريد أن تستقيل حكومته ويشكل لاحقاً حكومة بلا "القوات" و"الاشتراكي". لكنه أيضاً لا يريد أن يستقيل مع "القوات" و"الاشتراكي" ويبقى خارج الحكومة.
على أي حال، ونتيجة الضغط، قرر الحريري تأجيل جلسة مجلس الوزراء في بعبدا "بعد تواصله مع رئيس الجمهورية"، و"التوافق على أهمية الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة". بمجرد اتصال الحريري برئيس الجمهورية، هذا يعني أنه لا يريد أن يخرج من "التفاهم" مع عون، ولا يريد الذهاب إلى جانب جعجع وجنبلاط.
قد لا يستمر الحريري بموقفه، فالضغط لن يتوقف، والتصدع السياسي مستمر، وسيتوسع أكثر في الشارع. ما سيؤدي إلى دخول البلاد في أزمة سياسية واقتصادية عميقة.
جنبلاط وجعجع يعتبران أن هناك قراراً اتخذ لاستبعادهما من الحكومة، مع احتفاظ حزب الله والتيار الوطني الحرّ بالحريري. وحالياً، يستمر الحريري وعون بالتنسيق لامتصاص النقمة الشعبية والبحث عن مخرج من المأزق، خصوصاً أن الرجلين لا يريدان الاستقالة.
الأكيد أن كل الأطراف السياسية تحاول الاستثمار بالناس لقلب الطاولة كل لصالحه. وكل الأطراف ستستغل النقمة لتحسين كل طرف لشروطه، أو رفض شروط الآخرين.
ما لم يدركه أهل أن كل ما يجري هو انفجار اجتماعي، وانفجار سياسي بين مكونات الحكومة والمشاركين في التسوية التي تحكم البلاد منذ ثلاث سنوات.