انكسار "العهد": جنبلاط وجعجع إلى المعارضة وحزب الله يتنصل

المدن - لبنان

الجمعة 2019/10/18
على وقع استمرار التحركات الشعبية الاحتجاجية، حاولت مختلف القوى السياسية الممثلة بالحكومة الدخول إلى متن الحراك الشعبي.
منذ ساعات الفجر، بدا المشهد وكأن هناك معادلة جديدة يفرضها حراك المواطنين، وأن هناك بالمقابل محاولات لجعل المشهد وكأن هناك "شارعاً" مقابل شارع. حاولت القوى السياسية الدخول على خطّ التحركات الاحتجاجية، وتسييس الحراك، عبر تقاذف الاتهامات بين القوى السياسية المتناقضة. بداية كان الحراك الشعبي مستقلاً ويعبّر عن غضب الناس ووجعها، ولاحقاً دخلت قوى سياسية لتسييسه. البعض يريدون تحميل رئيس الحكومة المسؤولية حصراً. وهذا مسعى كان واضحاً من قبل جمهور حزب الله، وعبر محاولات الحزب التنصل من موافقته على الضرائب كجزء من التوافق عليها داخل الحكومة.

هذه التحركات، قابلها تحرك من قبل مناصرين للحزب التقدمي الإشتراكي والقوات اللبنانية، للتصويب على "العهد"، في محاولة لعدم حصر الاتهام فقط بالحريري. وعلى هذا الأساس، جاءت مواقف وليد جنبلاط وسمير جعجع، في حثّ الحريري على الاستقالة وترك "الفريق الحاكم فعلياً" ليشكل حكومته، ولترمى كرة النار بين يديه.
بموازاة ذلك، اتخذ الحزب التقدمي الاشتراكي قراراً بالنزول إلى الشارع في كل المناطق التي يتمتع بحضور فيها، لمواجهة "العهد" وممارساته وتهربه من المسؤولية. الأمر الذي لاقاه أيضاً رؤساء الحكومات السابقين بالتضامن مع رئيس الحكومة، ورفض تحميله المسؤولية والاستفراد به.

اتصالات مفتوحة كانت بين الحريري وكل من جنبلاط وجعجع. لكن الحريري كان متردداً، ولم يحسم قراره بعد، هو لا يريد أن تستقيل حكومته ويشكل لاحقاً حكومة بلا "القوات" و"الاشتراكي". لكنه أيضاً لا يريد أن يستقيل مع "القوات" و"الاشتراكي" ويبقى خارج الحكومة.
على أي حال، ونتيجة الضغط، قرر الحريري تأجيل جلسة مجلس الوزراء في بعبدا "بعد تواصله مع رئيس الجمهورية"، و"التوافق على أهمية الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة". بمجرد اتصال الحريري برئيس الجمهورية، هذا يعني أنه لا يريد أن يخرج من "التفاهم" مع عون، ولا يريد الذهاب إلى جانب جعجع وجنبلاط.

قد لا يستمر الحريري بموقفه، فالضغط لن يتوقف، والتصدع السياسي مستمر، وسيتوسع أكثر في الشارع. ما سيؤدي إلى دخول البلاد في أزمة سياسية واقتصادية عميقة.

جنبلاط وجعجع يعتبران أن هناك قراراً اتخذ لاستبعادهما من الحكومة، مع احتفاظ حزب الله والتيار الوطني الحرّ بالحريري. وحالياً، يستمر الحريري وعون بالتنسيق لامتصاص النقمة الشعبية والبحث عن مخرج من المأزق، خصوصاً أن الرجلين لا يريدان الاستقالة.

الأكيد أن كل الأطراف السياسية تحاول الاستثمار بالناس لقلب الطاولة كل لصالحه. وكل الأطراف ستستغل النقمة لتحسين كل طرف لشروطه، أو رفض شروط الآخرين.
ما لم يدركه أهل أن كل ما يجري هو انفجار اجتماعي، وانفجار سياسي بين مكونات الحكومة والمشاركين في التسوية التي تحكم البلاد منذ ثلاث سنوات.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024