المدن - لبنان
وفي ما يشبه اليقظة تجاه التاريخ، يستدرك قائلاً: "لا وحدة للبنان من دون وحدة الجبل بشقيه الدرزي والمسيحي.. لا وحدة للبنان من دون وحدة الجبل المعروف بشقيه الدرزي المسيحي"، موضحا أنه لا يقول ذلك "انتقاصاً لباقي المكونات، بل من منطلق وصف واقع الحال قبل إنشاء دولة لبنان الكبير، الذي سيحتفل به لبنان العام المقبل، حين تمكن الامتداد الحيوي للبنان الصغير من أن يكبر ويستوعب كل المكونات اللبنانية".
الثقة السياسية التي أشرنا إليها، ترجمها ميشال عون بقوله: "لمعالجة إرث لبنان الثقيل من الأزمات المتعددة"، وإطلاقه الوعود الكبيرة وتأكيده على وفائه بها. ثم قوله أن الورقة الاقتصادية ستتحول خلال شهرين إلى خطط تنفيذية وسأحرص على العمل بها. كل هذا لم يخلُ أيضاً من "عناد" في مواقفه السابقة، ففي مسألة التعيينات وحساسيتها الطائفية ومنطق المحاصصة فيها، يقول: "التعيينات ستناقش في وقتها. وآلية إجرائها كانت لها ظروفها ولكنها ليست دستوراً". ما يدل على تشبثه بما يريده صهره الوزير جبران باسيل.
وإذا كان الرئيس عون بعد مصالحة بعبدا الأخيرة، أظهر مرونة دبلوماسية، إلا أن ذلك على ينطبق أبداً على شدة انحيازه الدائم إلى باسيل، إذ قال بوضوح: "كان يطلب مني بعض السياسيين الضغط على الوزير باسيل، لكنني لا أضغط عليه. فهو رئيس حزب وأكبر كتلة مسيحية. وأعطيه كما غيره النصائح". ما يؤكد ذاك الانطباع الشهير الذي عبّر عنه رئيس حزب القوات اللبنانية في مقابلته التلفزيونية الأخيرة، بعبارة "قوم بوس تيريز".
في مكان آخر، أكد عون على انتباهه لدوره الرئاسي – الدستوري، قائلاً: "أنا أصحح الطائف. ولم أخرق الدستور، بل أطبقه بعد أن اعتاد البعض خرقه مراراً".
الرئيس الاقتصادي!
واستمراراً لتنكبه العمل المباشر في الملف الاقتصادي، خصوصاً بعد الاجتماع الذي عقد في بعبدا، الذي ضم رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ووزير المالية ووزراء الاقتصاد والتجارة وحاكم مصرف لبنان، وبعد تصريحات متتالية تتعلق بقرارات مالية، آخرها يوم الأحد حين قال في إجابة مكتوبة لوكالة "رويترز": "أتعهد برعاية الإصلاحات الاقتصادية والمالية شخصياً"، يعلن عون عن سمة جديدة لعهده، كأن يكون رئيس مرحلة "الإصلاح الاقتصادي":
"سأرعى شخصياً المسار التنفيذي لمقررات لقاء بعبدا المالي والاقتصادي، بالتعاون مع الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري والقوى السياسية المشاركة في السلطة (...) الهدف هو ضمان الاستقرار السياسي في مجلس الوزراء وخارجه، وتأمين أكبر قدر من الإنتاجية خاصة لجهة تنفيذ موازنة 2019 بوارداتها وإصلاحاتها".
عاد يوم الإثنين ليقول في دردشته مع الصحافيين بقصر بيت الدين: "لدينا برنامج متدرّج للإصلاح. وما طُلب منّا في مؤتمر سيدر سنطّبقه تباعاً. وبعض ما هو مطلوب قد لا نستطيع تطبيقه بسبب أوضاعنا المالية التي لا تسمح بذلك راهناً".
باسيل: الميثاقية
في هذا الوقت كان باسيل يزور البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، معلناً "أمضينا فترة من الراحة، نعود بعدها للنشاط والعمل بمباركة صاحب الغبطة. وقد بدأنا اللقاء بحديث وجداني عن هذا الجبل وخصوصيته، عن هذه الأرض، عن هذا التراث وعن كل شيء مؤتمنين عليه في هذا البلد، وسبل الحفاظ عليه. وهذا يأخذنا إلى الهوية والأرض والأمور الكيانية التي يرخص كل شيء أمامها. أخذنا الحديث هنا إلى الدستور وضرورة المحافظة عليه، والميثاقية التي نعيش من خلالها، ومن خلال ما هو مطروح في المادة 95 من الدستور، والتي تشكل الشراكة بين بعضنا والحفاظ على ميثاقنا. وبرعاية غبطته، مقتنعون بتوحيد الجهد وتوحيد الكلمة ونكون أكثر من منفتحين، ويدنا ممدودة لنكون جميعاً في الموقف الصحيح في الحفاظ على هذا الميثاق، ولا يكون لدينا أي التباس في الموقف الموحد من الأمور الكيانية. ونحن متجاوبون مع أي مبادرة يقوم بها سيدنا البطريرك في هذا المجال، لنوحد الموقف ونوحد الكلمة، لأننا عندما نكون موحدين من الصعب خرقنا، ونحافظ على هذا الجبل وعلى هذه الأرض والهوية والثقافة المتنوعة في بلدنا".