جولة حدودية: حزب الله يستعرض "خوف" إسرائيل

منير الربيع

الخميس 2017/04/20
لا يترك حزب الله مناسبة إلا ويؤكد فيها أنه مستعد لأي حرب قد تندلع مع إسرائيل، رغم انخراطه في الحرب السورية. لكن هذه المرّة ثمة من أراد اختيار طريقة جديدة لإيصال الرسالة عبر توسيع مروحة الناقلين والمتلقين. وقد أراد الحزب للرسالة أن تكون مدوية. فبعد كلام الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله عن أن المعركة المقبلة مع العدو ستكون داخل الجليل، عمل مسؤول العلاقات الإعلامية في الحزب محمد عفيف على تأطير الفكرة بشكل تطبيقي، عبر تنظيم جولة إعلامية بعدما كثر الكلام عن اجراءات إسرائيلية على الحدود.

وبعدما كانت النظرة السائدة تفيد بأن الاجراءات الإسرائيلية هجومية، لم تخرج في الواقع عن إطارها الدفاعي. هندس عفيف فكرته بتأنٍ، فدعا وسائل الإعلام من مختلف الانتماءات والتوجهات، المؤيدة للحزب والمعارضة له، محلية وخارجية. وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية والمجلس الجهادي في الحزب، أمّن خطّ سير قافلة الإعلاميين إلى نقاط متقدمة جداً لم يكن أحد يحلم بالوصول إليها. وقد أشرف على هذه المواقع ضابط من حزب الله.

بدأت الجولة، الخميس 20 نيسان، من موقع جلّ العلم في الناقورة، الذي كانت تتمركز فيه القوات الإسرائيلية قبل التحرير ويستخدم لأهداف تنصّتية ورصدية. ثم جرى الإنتقال إلى حانيتا في منطقة اللبونة، وبعدها إلى موقع الحمرا على التلال المقابلة لعلما الشعب. تختزل هذه المواقع الاجراءات الدفاعية التي اتخذها الإسرائيليون، والهدف منها الاستعداد لأي مواجهة محتملة مع حزب الله. وهذه الاجراءات هي عبارة عن رفع سواتر ترابية واسمنتية وحفر خنادق، وزرع أشجار لعدم إبقاء المنطقة مكشوفة.

يصر الحزب دائماً على التأكيد أنه هو من يملك المبادرة، ويتمتع بعناصر الهجوم لا الدفاع، فيما الطرف الإسرائيلي هو الذي أصبح في موقع الدفاع. ويقول عفيف إنه تاريخياً كان العدو الإسرائيلي هو الذي يتقدم داخل الأراضي اللبنانية، ويرتكب المجازر ويعتدي على السيادة اللبنانية والمواطنين اللبنانيين ومزارعي تلك المناطق الجنوبية.

أما اليوم، فإن المعادلة تغيّرت وإسرائيل تحولت من موقع الهجوم إلى موقع الدفاع، لأن نقاط المرابضة المتقدمة لحزب الله، دليل على أن أي معركة ستقع في المستقبل ستكون خارج الأراضي اللبنانية وداخل الأراضي المحتلّة.

وكما هي هذه الرسالة موجّهة إلى الإسرائيليين، كذلك تحمل بعداً تطمينياً لأهالي تلك المناطق، من وجهة نظر الحزب. والأساس فيها أن ما حصل في حرب تموز 2016 لن يتكرر.

ومما قاله الضابط في المقاومة "الحاج ايهاب"، الذي عرض للإعلاميين جغرافية المنطقة إنطلاقاً من موقع حانيت، أن سكان مستوطنة شلومي (نحو 4000 مستوطن) "تنوبهم حالة من الذعر الدائم والهلوسة، من هاجس قدوم عناصر الحزب إليهم. فهذه نقطة حساسة إضطر العدو إلى الحفر فيها وسط جبل بالكامل لخلق شيار طبيعي يصل طوله إلى 2600 متر ويراوح ارتفاعه ما بين 7 و15 متراً".
أضاف أن "قيادة الشمال باتت مقتنعة بأن اجراءاتها الدفاعية متينة وتحصن الأراضي المحتلة، لكننا أيضاً نثق بقيادة حكيمة يكفي أنها حوّلت عقيدة الجيش الذي لا يقهر من هجومية إلى دفاعية".
وإذ رفض الضابط إيهاب الإفصاح عن أي خطط للمقاومة في كيفية اختراق الموانع، استعاد عبارة للسيد نصرالله: "فليأخذ هذا العدو علماً، نحن لا نخاف الحرب ولا نخشاها ولا نتردد في مواجهتها وسنواجهها إذا ما فرضت علينا وسننتصر بها".

خطأ استراتيجي
علق رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على الجولة التي نظمها حزب الله قائلاً إن "الجولة ليست مجرد غلطة بل خطأ استراتيجي، إذ أعطى الحزب انطباعاً وكأن لا جيش لبنانياً رسمياً مسؤولاً عن الحدود ولا دولة ولا من يحزنون. والأسوأ من ذلك أعطى انطباعاً كأن القرار الأممي 1701 أصبح في خبر كان".

أضاف: "الحكومة اللبنانية، ونحن ممثلون فيها، مدعوة لاستدراك الأمر والطلب من حزب الله الكف عن تصرفات من هذا النوع. وعليها تحمل مسؤولياتها كاملة خصوصاً لجهة حُسن تنفيذ القرار 1701 والإمساك بالقرار الاستراتيجي كما يجب".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024