شينكر بحضرة بكركي تأييداً لـ"الحياد".. والراعي يحرج برّي

جوزفين ديب

الجمعة 2020/10/16

الجميع وافق بكركي على الحياد باستثناء حزب الله، الذي لم يجب على الرسالة التي قصد البطريرك الماروني، مار بشارة بطرس الراعي، إيصالها له عبر السفير الايراني.

مفاجأة برّي
الجميع، ومن بينهم رئيس مجلس النواب، نبيه برّي. هذه لا تزال خلاصة تقييم بكركي لردود الفعل حول مذكرتها في "الحياد". فالراعي الذي أكد أن الحليف الشيعي لحزب الله أرسل عبر راعي أبرشية بيروت للموارنة، المطران بولس مطر، تأييده للحياد البطريركي، أراد أن يضيف على المشهد السياسي عاملاً جديداً، وتحديداً على الساحة الشيعية.

حديث الراعي هذا في مقابلته التلفزيونية الأخيرة استدعى رداً سريعاً عبر "تويتر" من عضو كتلة التنمية والتحرير، النائب علي حسن خليل، كاتباً أن الكلام المنقول عن برّي عبر المطران بولس مطر لا أساس له من الصحة.

رد خليل تبعه مباشرة توضيح من مصادر مقربة من حزب الله هو أشبه بالعتب. رسالة الراعي للحزب عبر السفير الايراني تضمنت دعوة لوفد من حزب الله لزيارة الديمان، وتمضية يوم طويل والجلوس على مأدبة الغداء معاً، عسى أن يبدد ذلك مخاوف حزب الله من المذكرة البطريركية. غير أن عتب حزب الله على الراعي جاء على خلفية عدم توجيه الرسالة بشكل مباشر إلى الحزب. بل عبر السفير الايراني.

لماذا وجه الراعي تلك الرسالة عبر السفير الإيراني. ولماذا أجاب على سؤال حول تأييد برّي لطرح بكركي؟

لا يمكن أن يكون ذلك صدفة. فالراعي يدرك حساسية ما يسمى بالخصوصيات اللبنانية. بعض المقرّبين يجدون في ما قاله البطريرك مقصود. أي أنه تقصّد إرسال دعوة حزب الله عبر السفير الإيراني، في إشارة إلى ارتباط حزب الله العضوي بايران. سيما وأن الحوار الذي دار بين الراعي والسفير الإيراني يومها، تقصّد الراعي من خلاله الايحاء أن "لكم مونة ولكم كلمة عند حزب الله". يومها أجاب السفير الإيراني أن هذا شأن لبناني. فرد عليه الراعي مباشرة "هلق وقفت عند هيدي أنه شأن لبناني، ما إنتوا علاقتكم معروفة مع حزب الله".

ولمزيد من تفكيك المشهد، أراد الراعي أن يعلن أن مذكرة الحياد حصدت تأييداً واسعاً، خارجياً وداخلياً. أي من الرئيس الفرنسي، إيمانيول ماكرون، الذي طلب أن يحصل تفاهم داخلي على مفهوم الحياد، ومن السفراء الذين التقاهم الراعي، وعبروا له عن التأييد الكامل له. بالإضافة إلى القوى اللبنانية في الداخل. يقول الراعي إن رئيس الجمهورية قال مباشرة للراعي -فور دخوله للقائه في قصر بعبدا- إنه مع الحياد. كذلك أعلن رئيس الحكومة السابق سعد الحريري على الملأ. أما رئيس مجلس النواب، نبيه برّي، فيبدو أن الراعي أراد أن يعلن عن تأييده أيضاً للحياد، لما في هذا من أهمية، نظراً للعلاقة الثنائية بين حركة أمل وحزب الله.

هل أراد الراعي إحراج برّي في هذا الإعلان؟ حتى لو لم تكن لسيد بكركي إرادة في إحراج حليف حزب الله، إلا أن الاحراج حصل. وخير دليل على ذلك، ردّ النائب علي حسن خليل، الذي لم ينفِ أن برّي حمّل المطران بولس مطر رسالة، بل نفى "مضمون" الرسالة.

ساعة ونصف الساعة مع شينكر
لا تبدو بكركي في حالة تراجع، رغم جملة الاعتراضات على مذكرة الحياد الإيجابي، الصادرة في تموز الماضي. وهذا ما يتوضح بعدما استقبل الراعي مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، في بكركي، في لقاء دام ساعة ونصف الساعة. لقد قرر شينكر بدء جولته على القيادات اللبنانية من بكركي، مباشرة بعد انتهاء الجلسة الأولى، من مفاوضات ترسيم الحدود الجنوبية.

وفي المعلومات الخاصة بـ"المدن"، أن شينكر عبّر عن تأييد بلاده لمذكرة بكركي. وأبلغ شينكر الراعي أن واشنطن تراقب حركته في هذا الملف. سيما وأنها تؤيده في قوله أن لبنان أساسه محايد، ويجب العودة به إلى الأساس.

موضوع حزب الله حضر في اللقاء في سياق التأكيد على ضرورة عدم دخول لبنان في نزاعات الدول المجاورة. فرغم تأكيد شينكر أنه لن يتدخل بالشأن الحكومي الخاص بلبنان، إلا أنه شدّد أمام البطريرك على ضرورة تشكيل حكومة مستقلة، بعيدة عن السياسيين، تتمتع بالكفاءة المطلوبة لتنفيذ الإصلاحات ومحاربة الفساد، لأن على لبنان أن يساعد نفسه قبل أي شيء آخر.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024