"بروشور" إعلاني بإنجازات دياب: مئة يوم من سراب

محمد أبي سمرا

الخميس 2020/05/21

قد يكون لدى رئيس الحكومة اللبنانية الحالي، حسان دياب، جوع طفلي انتقامي من غربته عن عالم السياسة ودهاقنتها في لبنان. ويتجلى ذلك الجوع بغرامه المستفحل لأن يكون شخصاً متحفياً في بروشورات إعلانية ملونة، تجمع صوره الشخصية وعناوين إنجازاته.

فالبروشور الإعلاني الذي نشره دياب في مناسبة مرور مئة يوم على تشكيله الحكومة، يشبه في شكله ومضمونه وإخراجه، الصفحة الأولى من التعريف الذي يصممه طلاب الوظائف، ليقدموه لإدارة الشركات لنيل وظيفة ما فيها، فيكثرون من ذكر بنود مختصرة ومكثفة لسيرتهم الذاتية وإنجازاتهم. وهم يحرصون على وضع صورهم الفوتوغرافية الملونة على تلك الصفحة، إلى جانب تلك البنود، حرصهم على أن تكون الصفحة إياها ملونة بلون متفائل: الأزرق، لون البحر الرحب، والسماء الأرحب. وهو لون الحلم أيضاً.

أما النظرة في الصورة الفوتوغرافية الملونة، فتترجح بين الجدية الصارمة والرسمية، وبين التحديق في الأفق البعيد، كنايةً عن الرغبة في تحقيق الطموحات الجديدة أو المتجددة. وهناك في أسفل الصفحة، تسمية المنصب بخطوط كرنفالية، وسط مستطيل أبيض يفصح عن الأمل الذي يطفح به القلب والوجدان.

أما الباقي، أي بنود المنجزات التي حققها صاحب الصورة، فأهميتها تكمن في عناوينها المكثّفة، لتسهل على من يقع عليها بصره قراءتها بلمح البصر، لئلا يضيع الناظر إليها في غابة منجزات الرجل. وهي في حال التحديق والتبصر فيها، تتبخر فجأة وتصير هواءً أو سراباً.

فهو في خطابه الأخير عن إنجازاته، استعمل قاموساً لغوياً تكثر فيه المراكب الموشكة على الغرق، والقطارات التي تحتاج إلى السكة الحديد لتسير عليها منطلقة إلى آفاق نظرته المحدقة في البعيد البعيد. والمراكب التي ينوي دياب الحؤول دون غرقها، والقطارات الهائمة بحثاً عن السكة الحديد، هي لبنان الذي ورثه عن أسلافه، ويريد زفّ إنقاذه إلى البروشور الإعلاني لمنجازاته السرابية.

وإذا جمعنا السراب المتصاعد من السيرة الذاتية إلى السراب الطازج الطالع من خطابه الأخير، لا بد أن نعلم حقيقة مصير لبنان الذي تسلّمه ميشال عون وحسن نصرالله ويريدان حمل جثته في مسيرة خلاصية تتألق فيها براءة حسان دياب.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024