بكركي تمتحن ميقاتي وحكومته: التحقيق بانفجار المرفأ أولاً

المدن - لبنان

الجمعة 2021/10/08

حاضر هو ملف التحقيق في تفجير مرفأ بيروت في كل مفصل في المشهد السياسي اللبناني، لا بل قد يكون قنبلة موقوتة، لا أحد يعلم متى وكيف سيكون تأثير انفجارها على الواقع اللبناني الشائك، قبيل أشهر من الانتخابات النيابية. الجميع على مواقفه. منذ يومين، أعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أنه سيطرح على طاولة مجلس الوزراء قانون التعديل الدستوري، لرفع الحصانة عن الجميع في قضية التحقيق في تفجير المرفأ حصراً. هو نفسه القانون الذي جال به وفد من تيار المستقبل على كل القوى السياسية. وهو نفسه القانون الذي يمكن أن يعصف في جلسة مجلس النواب المقبلة بعد الثلاثاء الأول من 15 تشرين الأول.

لا معجزات
ما هو شكل الانقسام؟ وما هو تموضع بكركي من التحقيق ومشروع التعديل الدستوري؟ وهل تحدث أي من اللقاءات بين القوى السياسية والدينية خرقاً في المشهد؟

لا تخفي بكركي دعمها للحكومة اللبنانية، لا بل كان البطريرك مار بشارة بطرس الراعي من أول المهنئين لحظة تشكيلها، علماً بأنه لا ينتظر المعجزات، ولكن "وجود حكومة أفضل من عدم وجودها"، تماماً كما عبّر الراعي خلال زيارة ميقاتي الصرح البطريركي، اليوم الجمعة.

ميقاتي من جهته، ظهر كالسائر بين الألغام، بعد قراره زيارة الصرح البطريركي، برفقة وفد وزاري من الوزراء الموارنة لشكر الراعي على موقفه الداعم للحكومة. جمع اللقاء إلى جانب الراعي وميقاتي، كلا من الوزراء هنري خوري، جورج قرداحي، وليد نصار وجوني القرم. كما شارك في اللقاء المطارنة بولس صياح، حنا علوان، أنطوان عوكر وسمير مظلوم.

ماذا تريد بكركي من ميقاتي؟
الجميع ينتظر من الحكومة عملها لتخفيف معاناة الشعب، الذي لم يعد يتحمّل "تدوير الزوايا بين الحقِّ والباطل، وبين السيادة ِوالإذعان، وبين القاتلِ والضحية". هي خلاصة ما تتمناه بكركي على الحكومة الجديدة وما عبّر عنه الراعي لميقاتي، إذ لا يمكن ادّعاء السيادة وعدم معالجة المعابر غير الشرعية، ولا يمكن تأييد الشرعية والقبول بتعددية السلاح، ولا يمكن رفع شعار "النأي بالنفس" والبقاء منحازين إلى محاور إقليمية، ولا يمكن إطلاق وعود بتأمين المساعدات واستمرار الخلاف على أرقام العجز وكيفية التفاوض مع صندوق النقد الدولي. وبين الحديث عن المتوقع من الحكومة والحديث عن الانتخابات المقبلة، لا يغيب ملف التحقيق في تفجير المرفأ عن أي كلام للراعي.

المعلومات هنا تشير إلى أن شيئاً لم يتغير في المواقف الثابتة، فعلى الرغم من تأكيد ميقاتي من أمام الصرح، أن الكلام المعلن عن تهديد حزب الله عبر مسؤول التنسيق والارتباط فيه وفيق صفا للمحقق العدلي طارق البيطار، هو كلام يتابعه وزير العدل هنري خوري بحسب الأصول، إلا أن هذا الكلام لا يشفي غليل بكركي، التي أضافت بنداً على سلسلة البنود التي تعارض فيها سياسة حزب الله في البلاد.

"أكثر ما يمكن أن نقوم به هو انتظار القرار الظني والاعتراض عليه لاحقاً في إساءة الظن"، هي خلاصة الكلام الذي تردده بكركي بوجه التهديد الذي يتعرض له قاضي التحقيق. وتردده في أروقتها الضيقة وعلناً أمام زوارها.

موقف بكركي من التحقيق
"بكركي تدعم القاضي بيطار حتى الرمق الأخير، لا بل قد يكون دعمها أصبح مضاعفاً بعد تعرضه للتهديد"، هكذا تعلّق مصادر مقربة من الصرح على كل ما يحيط بالقاضي بيطار من تساؤلات. وتجيب على من يدّعي بأنها تعزز الانقسام المسيحي ـ المسلم في البلاد بالقول إن صاحب الاتهام هو من يساهم في القضاء على التحقيق.

منذ أسابيع زار وفد من دار الفتوى الصرح في رسالة تحذيرية من "الاستنسابية في التحقيقات في جريمة العصر". وأبلغ الوفد البطريرك موقف دار الفتوى بضرورة رفع الحصانات عن جميع الذين كانوا في سدّة المسؤولية، رئاسيةً كانت أو وزارية أو نيابيّة أو إداريّة أو أمنيّة، وإن تطلّب ذلك تعليق بعض المواد الدستورية ورفع الحصانات عن الجميع، وعدم الاكتفاء بالتحقيق في التقصير والإهمال الوظيفي والإداري.

مصادر بكركي ترفض التعديل الدستوري الذي يطرح على الطاولة، وتعتبر أن الالتزام بالتحقيق والاستجابة إلى استدعاءات القاضي البيطار يحتاج إلى رفع الغطاء السياسي عن المطلوبين، وليس تعديلاً دستورياً يطال في عمقه موقع الرئاسة الأولى. لا تضيف مصادر الصرح أن واحدة من المهمات الأساسية الحكومة الجديدة هي الدفاع عن المحقق العدلي والقضاء والتدخل لوقف كل تدخل فيه. تدرك بكركي أنه لا يجوز للحكومة التدخل في شؤون القضاء، ولكنها تدعو إلى حماية القاضي البيطار، لأن التدخلات التي يتعرض لها من شأنها أن تؤثر على مواقف الدول الصديقة وتضعف هيبة الدولة والقضاء في لبنان.

يقول المقرّبون من البطريرك إنه يتجاوب مع زائريه، فيسمعهم كلاماً دبلوماسياً يطرب آذانهم. هكذا فعل مع ميقاتي ومع وفد دار الفتوى ومع كل زائريه. ولكن رغبته بإبقاء أبواب الصرح مفتوحة للجميع لا تمنعه من إيصال موقف بكركي الواضح من كل العناوين، تحديداً في العنوان الأكبر لهذه المرحلة، وهو ملف التحقيق في تفجير المرفأ.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024