ترامب يربك إسرائيل: أسلحة جديدة للجيش اللبناني

سامي خليفة

السبت 2019/01/05

على الرغم من الدعم الذي تبديه إدارة ترامب لإسرائيل وأمنها القومي، أثارت القرارات الأخيرة المتعلقة بالإنسحاب من سوريا، والإبقاء على تسليح الجيش اللبناني، قلق الدولة العبرية، التي باتت تشعر بأنها وحيدة في محيطٍ من الأعداء.

تسليح الجيش اللبناني
لطالما سعت القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية لمنع تسليح الجيش اللبناني، بحجة الخوف من استيلاء حزب الله على الأسلحة الأميركية. لكن، كل ذلك لم يؤتِ ثماره حتى الآن. وحسب موقع "المونيتور" الأميركي، ستزود إدارة دونالد ترامب الجيش اللبناني بالأسلحة والمروحيات الهجومية، بقيمة تفوق 100 مليون دولار، في أحدث جهد أميركي "لوقف نفوذ حزب الله".

وتشمل المساعدات الجديدة، حسب الموقع، تدريب الطيارين وطاقم الصيانة، على طائرات الهليكوبتر الهجومية MD-530G، التي قدمها البنتاغون العام الماضي، وكذلك صواريخ موجهة بالليزر. وسيستلم لبنان المعدات من خلال برنامج قسم 333 التابع لوزارة الدفاع الأميركية، والذي يساعد شركاء أميركا على بناء مخزونهم العسكري، لمحاربة الإرهاب والتعامل مع أمن الحدود.

وأشارت المتحدثة باسم البنتاغون، ريبيكا ريباريتش، لموقع "المونيتور" في بيان، أن "هذه المساعدة ستعزز من قوة القوات المسلحة اللبنانية، فالمصالح الأميركية في الشرق الأوسط لا تشمل فقط مواجهة انتشار التطرف العنيف، بل وأيضاً الحد من تأثير إيران وحزب الله".

وفي حين أبدى بعض الخبراء استغرابهم من استمرار تسليح الجيش اللبناني، في بلد يسيطر عليه حزب الله، بشكل شبه كامل، قال البعض الآخر للموقع أن المساعدة الأميركية ذات أهمية عسكرية محدودة، إذ أنها تساعد فقط في مهمة مكافحة الإرهاب. فالهدف الأساسي للولايات المتحدة، هو كسب بعض النفوذ على طاولة المفاوضات، لأنه النفوذ الوحيد الذي ما زالت تمتلكه الولايات المتحدة على مؤسسات الدولة اللبنانية.

الإنسحاب الأميركي
أما في ما يتعلق بسحب القوات الأميركية من سوريا، فيرى الكثير من الخبراء في تل أبيب، أن قرار ترامب وجه ضربة لإسرائيل. ففي تحقيق نشره موقع "فوكس" الأميركي عن احتمال نشوب الحرب بين إسرائيل وحزب الله، يبدو من الواضح، بالنسبة للكثيرين، أن سياسة ترامب التي يتعين فيها على حلفاء أميركا خوض معاركهم الخاصة، قد تُبقي إسرائيل وحيدة في حربها ضد حزب الله في لبنان أو ضد إيران.

ويشير الموقع إلى أنه من المحتمل أن تلجأ أميركا لتصرفات سرية ضد إيران. كما أن إسرائيل ستواصل تحدي إيران والحزب، من خلال القنوات الدبلوماسية في الوقت الراهن. ومن أجل جعل انسحاب القوات الأميركية أكثر جاذبية، ربما أعطى ترامب لإسرائيل الضوء الأخضر، للقيام بضربات غير محدودة على غرب سوريا، وهو الجزء من البلاد الذي تتواجد فيها قوات لإيران والحزب.

تحديات الأمن القومي
وعلى صعيدٍ متصل، كتب مدير مشروع عملية السلام في الشرق الأوسط، بمعهد سياسات الشرق الأدنى، في واشنطن، ديفيد ماكوفسكي، ومساعد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، دينيس روس، في صحيفة يديعوت أحرونوت، عن الدور الأميركي المتضائل في منطقة الشرق الأوسط، ووجوب التعامل مع بروز موسكو الإقليمي، والانتقادات الجديدة للأعمال الإسرائيلية في سوريا ولبنان.

فبينما كان دعم إدارة ترامب لإسرائيل مهماً على الصعيد الدبلوماسي، إلا أنه ترك إسرائيل إلى حد كبير، كما يشير كل ماكوفسكي وروس، وحيدة عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع تحديات إيران في سوريا ولبنان، وإدارة الروس. فتاريخياً، كان هناك تفاهم بين الولايات المتحدة وإسرائيل. تتعامل إسرائيل بموجبه مع التهديدات التي تواجهها في المنطقة، والولايات المتحدة مع التهديدات من القوى الخارجية. ويبدو أن هذا لم يعد ينطبق على إدارة ترامب، لذا يتعين على قادة إسرائيل، وفق ماكوفسكي وروس، أن يتعاملوا مع واقع جديد في المنطقة، تنوي فيه الولايات المتحدة أن تلعب دوراً متقلصاً، حتى في الوقت الذي تصبح فيه روسيا أكثر حزماً في ملء الفراغ.

كل ما يجري، ساهم في تعقيد الأمور على الدولة العبرية، إذ يرى ماكوفسكي وروس، أن الروس يدعون بأن الضربة الإسرائيلية الأخيرة في سوريا استفزازية، والتحليقات الإسرائيلية في لبنان انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي 1701، على الرغم من كشف إسرائيل عن نفق حزب الله الخامس الذي تم حفره في أراضيها. لذا فإن العلاقة مع بوتين تبدو أكثر إشكالية، والرغبة الروسية في ممارسة نفوذها أكبر الآن، خصوصاً وأنها لا تقلق بشأن الولايات المتحدة.  

عدم وضوح الرؤية
أسئلة كثيرة تُطرح في إسرائيل حول كيفية التعامل مع قرار الإنسحاب الأميركي المفاجئ، وتحديات الأمن القومي التي يجب معالجتها. وهذه الأسئلة، التي يعبر عنها الرأي العام الإسرائيلي، لا تزال من دون أجوبة واضحة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ومنافسيه في الانتخابات التشريعية المقررة في 9 نيسان 2019، رئيس حزب العمل آفي غباي، وبيني غانتس، ويائير لابيد، وآخرين في يسار الوسط.

امتنعت إسرائيل طيلة العام الماضي عن مهاجمة ما زعمت أنه منشآت للصواريخ الموجهة بدقة في لبنان، واكتفت بضرب أهدافٍ محدودة داخل سوريا، إلا أن الإرباك الذي سببته الصدمة الأميركية، قد يدفع بالتصعيد لمستويات أعلى، خصوصاً وأن لا أحد من منافسي نتنياهو لديه أجوبة عن كيفية المواجهة اليوم، ما قد يحاول الأخير الإستفادة منه، للظهور بمظهر القوي.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024