مهزلة قضائية:منع السفيرة الأميركية من الكلام والحكومة تعتذر!

المدن - لبنان

السبت 2020/06/27
من آخر المهازل القضائية، أصدر قاضي الأمور المستعجلة في مدينة صور محمد مازح قراراً يمنع بموجبه ‎السفيرة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا، من التصريح الإعلامي، كما يمنع كل وسيلة إعلامية لبنانية من نقل تصريحاتها.

جرح منسّق
وجاء في نص القرار أن السيدة فاتن علي قصير تقدمت باستدعاء عبر البريد الإلكتروني عرضت فيه أنها شاهدت مقابلة للسفيرة الأميركية في لبنان، وأدلت بتصريحات مسيئة للشعب اللبناني ومثيرة للعصبيات.

وجاء في تعليل القرار أيضاً أن السفيرة تناولت أحد الأحزاب الذي له تمثيل نيابي ووزاري، وله قاعدة شعبية، وحمّلته المسؤولية عن الأوضاع في لبنان. بينما لا يحق لها التطرق إلى هذه الأمور التي تمثل شأنا داخليا... وأن السفيرة تقلّب (يا لعربية القاضي الذي يقصد تؤلّب!) الشعب اللبناني على هذا الحزب.
وعلل القاضي قراره أيضاً وأيضاً، أن تصريح السفيرة جرح وأذى مشاعر المستدعية وكثير من اللبنانينن، فاتخذ هذا القرار.

إسكات الإعلام
استجاب قاضي الأمور المستعجلة السيد محمد مازح فوراً لجرح السيدة الجريحة بسبب تصريحات السفيرة الأميركية. فعجّل - كأنما الأمر ينطوي على تنسيق مسبق - وسارع إلى تستطير قرار قضائي على هواه في نهار عطلة، بدل نقل الجريحة إلى أقرب مستشفى لمعالجة جرحها.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن السفيرة الأميركية لن يمنعها قرار من قاض في دولة الفساد والأفلاس والقضاء المرتهن والاستنسابي، من الإدلاء بتصريحات والتحدث باسم دولتها في لبنان. وهذا ما يعلمه السيد مازح عل الأرجح.

فما المقصود بقراره الهميوني إذاً؟

الأكيد أنه حلقة من سلسلة كمّ الأفواه والاعتقالات المزدهرة والناشطة اليوم في لبنان. فبعد تكاثر التوقيفات الأمنية لكل من يدلي برأي يخالف توجهات الحكومة والقوى المتقنّعة بها، جاء دور الإعلام ليتعرض لمقصلة قضاة يريدون تكميم الوسائل الإعلامية كلها ومنعها من نقل الأخبار والتصريحات السياسية والديبلوماسية التي تجرح الكبرياء المزعوم لعنتريات أقطاب السلطة وزبانيتها.  

خروج على الصلاحية 
وعلقت المحامية ديالا شحادة على صفحتها الفيسبوكية: "ليس من صلاحيات قانونية وقضائية تمنع ممثل دولة أجنبية من الإدلاء بتصريحات للإعلام، في إطار ممارسته مهامه بتمثيل دولته. وحتى لو صدر قرار سياسي بالمنع عن الحكومة اللبنانية/وزارة الخارجية. يستطيع الدبلوماسي الكلام، إلى أن تقرر الحكومة بأنه شخص غير مرغوب فيه. وهذا إجراء يعني المس بالعلاقات الدبلوماسية الثنائية المتبادلة".

وتابعت شحادة: "القضاء الوطني ليس لديه صلاحية القرار في حق الدبلوماسيين. وإقدام القضاء على ذلك يخرج عن صلاحية عمله بحسب اتفاقية فيينا، ولبنان دولة طرف فيها. وعلى فرض أن قرار القاضي يرتبط بخطاب اعتبره يخرج عن مهام السفير الدبلوماسية، فهو لا يستطيع منعه من التحدث للإعلام، إلا بالمسألة أو المسائل التي تعتبر مساً بمصالح شخصية، ولا تدخل في إطار الحصانة الوظيفية للسفراء".

ستتدفق المساعدات!
وعلّق الوزير السابق ريشار قيومجيان على القرار نفسه مغرداً على "تويتر": قرار لقاضي الأمور المستعجلة في صور بمنع السفيرة الأميركية من التصاريح الإعلامية‬ ومنع وسائل الإعلام من استصراحها: إنجاز قضائي وديبلوماسي عظيم سينقذ لبنان اقتصاديا ومالياً، ويفتح الباب أمام المساعدات من كل حدب وصوب،‬ ‫بانتظار التبليغ الشرعي والفتوى ذات الصلة. مرحبا اتفاقية فيينا".

السفيرة: السفارة لن تصمت والحكومة اللبنانية اعتذرت
وفي وقت لاحق، وتعليقاً منها على هذا القرار، صرّحت السفيرة الأميركية لقناة الـ MTV مؤكدة أن "السفارة الأميركية لن تصمت". وقالت: "كنت أتمنى أن يقضي الناس هذا الوقت في محاولة حل المشاكل التي تواجه البلد الذي يعاني من أزمة اقتصادية أدت إلى أن تقلق الناس على تأمين الطعام على المائدة".

وأكدت أن الحكومة اللبنانية "تقدمت باعتذار عن قرار القاضي" مازح. موضحة أن "المهم أن تبقى حريّة التعبير في لبنان مصانة".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024