انتخابات دار الفتوى شمالًا: "المستقبل" و"العزم" يتفقان على التنافس!

جنى الدهيبي

الأربعاء 2019/10/09

ثلاثة أيام تفصلنا عن انتخاب أعضاء جدد للمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، المؤلف من 24 عضوًا في المناطق اللبنانية كافة، وذلك يوم الأحد المقبل في 13 تشرين الأول الجاري عند الساعة التاسعة صباحًا.

صباح اليوم، ذكّرت المديرية العامة للأوقاف الإسلامية في لبنان الهيئة الناخبة بموعد إجراء انتخابات أعضاء المجلس، وأعلنت أنّ العملية الانتخابية ببيروت ستجري في دار الفتوى. أمّا في سائر المناطق اللبنانية، فستجري في دوائر الأوقاف المعنية باستثناء دائرتي أوقاف البقاع وبعلبك الهرمل، التي ستجري في دائرة أوقاف البقاع مبنى دار الفتوى في المنطقة. كما أشارت المديرية، أنّ الذين يحقّ لهم الدخول في هذا اليوم الانتخابي إلى دار الفتوى وسائر دور الأوقاف في المناطق مكان إجراء الانتخابات، هم الهيئة الناخبة والمرشحون والمندوبون فقط، وذلك وفقا للعملية الانتخابية حسب المرسوم الاشتراعي 55/18 والقوانين ذات الصلة، ضمن لوائح معتمدة من المديرية العامة للأوقاف الإسلامية.

خريطة التنافس
من المعلوم أنّ تشكيل اللوائح التنافسية لخوض استحقاق تشكيل أعضاء المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى في لبنان، هو استحقاق سياسيّ بالدرجة الأولى، وإن جرى تحت عباءة الأئمة والشيوخ وعلماء الدين من الطائفة السنيّة. حتّى من يُقبلون على الترشّح تحت مظلة "المعارضة"، أو التحرر من الغطاء السياسي، غالبًا ما تكون حظوظهم معدومة بينما ترجح الكفّة لمن يحظون بسند سياسي سنيّ "قوي" في السلطة. وعلى هذه القاعدة نفسها، يجري تعيين مفتي الجمهورية ومفتيي المناطق االآخرين. 

ومثلما درج دائمًا، تأخذ معركة المجلس الإسلامي طابعًا تنافسيًا حاميًا وحادًا، ليس في بيروت، وإنّما في الشمال، وتحديدًا في طرابلس، نظرًا لتعدد القوى والتيارات السياسية التي تقود زمام الأمور في المدينة. هذا المجلس المؤلف من 24 عضوًا، موزّعين على الأقضية والمحافظات اللبنانية، تقدم 40 مرشحًا بترشيحاتهم في دائرة الشمال، التي تتضم أقضية طرابلس والمنية - الضنية وزغرتا والكورة والبترون، للتنافس على الفوز بالمقاعد السبعة المخصصة لهذه الدائرة، إضافة إلى عضوٍ ثامنٍ يعينه عادة مفتي الجمهورية. عدد الهيئة الناخبة في طرابلس مؤلف من 148 ناخبًا، بينما محافظة عكار ذات الثقل السّني الأكبر، وخزان الداعمين والمؤيدين لتيار المستقبل، والتي تتألف هيئتها الناخبة من 170 ناخب، فإن التنافس فيها يدورعلى مقعدٍ واحدٍ بين مرشحي تيار المستقبل فحسب، في ظل غياب أيّ قوة انتخابية مقابلة.

في الشمال، ثمّة لائحتان غير مكتملتين. لائحة تيار "المستقبل" تتألف من عمر ياسين عن الضنيّة، فايز سيف عن المنية، هاشم الأيوبي عن الكورة و البترون، الدكتور بلال بركة وتوفيق بصبوص عن طرابلس. أمّا لائحة تيار "العزم"، فتألفت من كلّ من عبد الاله ميقاتي وعبد الرزاق قرحاني وأمير رعد وأحمد أمين.

في اليومين الماضيين، سادت أجواء مغلوطة توحي كأنّ ثمّة خلافًا كبيرًا بين الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي حول انتخابات المجلس الشرعي في الشمال، لاسيما أنهما لم يجتمعا في لائحةٍ واحدة، وأنّ المعركة ستأخذ بين التيارين طابع "كسر العظم" والتنافس السلبي بينهما، كما حدث في الانتخابات النيابية في العام 2018.

لكنّ توافق الحريري – ميقاتي، الذي تشكّل منذ نحو عام على أسسٍ واضحة بينهما، يبدو أن أحد بنوده كان بالاتفاق على عدم الاختلاف في انتخابات واستحقاقات محلية ونقابية وبلدية وشرعية، لا سيما أنّها لن تبدل في المعادلة القائمة شيئًا، ولن تخرق كوّةً في جدار التسوية الرئاسية الحالية.

وحسب معلومات خاصة بـ"المدن" من مصادر رسمية مطلعة في "العزم" و"المستقبل"، فإنّ كلّ ما أشيع عن الخلاف بينهما حول انتخاب أعضاء المجلس الشرعي، هو عارٍ من الصحة. وتؤكد المصادر أنّ هناك اتفاقًا بينهما على عدم تأليف لائحة مشتركة، مقابل أن يعطي المستقبل جزءًا من أصواته لمرشحي العزم والعكس أيضًا. كما أنّ الطرفان توافقا على فتح باب التنافس الديموقراطي بينهما، على أن يتبادل كليهما الأصوات، لا سيما أنّ "العزم" يعطي أولويةً في التصويت لمرشحيّه، عبد الإله ميقاتي وعبد الرزاق قرحاني، مقابل اعطاء "المستقبل" صوتين مقابلين لعضوين من مرشحيه. فـ"العزم" و"المستقبل"، عقدا اتفاقًا سويًا، وأنجز "العزم" أيضاً اتفاقًا مع النائب فيصل كرامي، على تبادل الأصوات وترك مقاعد شاغرة، حتى تتمكن القاعدة الناخبة من اختيار من تريد.

وعلى عكس ما يشاع حول خلافهما، فإنّ هذه المعادلة هي توافق يقوم على قاعدة تبادل الأصوات، بانتظار ما سيؤول إليه استحقاق الأحد بين الطامحين من الأئمة والمشايخ لكسب مقعدٍ في المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى.  

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024