هل يصدّق جعجع الحريري؟

منير الربيع

الإثنين 2018/03/12

تعثّرت المفاوضات بين القوات اللبنانية وتيار المستقبل. كل الأجواء الإيجابية تبددت. ما تحقق جدياً هو التحالف في الشوف- عاليه وبعبدا، لأن الرابط الأساسي الذي تشكّل في هاتين الدائرتين هو وجود الحزب التقدمي الاشتراكي. ما عدا هاتين الدائرتين عاد إلى النقطة الصفر. ترفض القوات أن تكون مستلحقة في التحالفات، وما تريده من المستقبل هو أن يكون التحالف استراتيجياً وكاملاً وعن قناعة، لا أن تكون هناك محاولات لمنح القوات جوائز ترضية، أو منح ترشيحة في بعض الدوائر، فيما الهمّ المستقبلي الأساسي هو نسج التحالف مع التيار الوطني الحر.

يوم زار الوزير غطاس خوري معراب، أصر الطرفان على إشاعة أجواء إيجابية. لكن، وفق ما تكشف معلومات متابعة، فإن اللقاء لم يكن إيجابياً، لأن العرض المستقبلي الذي حمله خوري إلى جعجع، لم يكن جيداً بالنسبة إلى القوات. أمهل المستقبل رئيس القوات سمير جعجع فرصة للردّ، لم يحتج جعجع إلى الوقت اللازم لتقديم هذا الجواب، فزار الوزير ملحم الرياشي بيت الوسط فجر الأحد الذي تلا الاجتماع، وأبلغ إلى الحريري رفض العرض، مقدّماً عرضاً بديلاً. فطلب المستقبل مهلة 3 أو 4 أيام للرد.

هناك استشعار قواتي، بأن المستقبل يلعب من تحت الطاولة، غير ما يظهر علناً. ويعتبر القواتيون أن تحرك الحريري لا ينجم عن قناعة، بل هو فعل ذلك لإرضاء السعودية، والإيحاء لها بأنه تحرك في اتجاه القوات، وهدف إلى التحالف معها، لكن القوات رفضت ذلك، بسبب تعارض المصالح. هذا الشعور القواتي يتنامى أكثر فأكثر، خصوصاً بعد العرض الذي قدّمه الحريري لها. ما اعتبره جعجع ناقصاً وفيه نوع من "المزح". ويشير قواتيون إلى أن الحريري، يلجأ إلى تقديم هذا النوع من العروض، للايحاء إلى السعودية بأنه حاول التقارب مع القوات، لكن المصالح المتضاربة حالت دون هذا التحالف. ويبدي القواتيون قلقهم من عدم وصول المفاوضات مع المستقبل إلى خواتيم سعيدة. بالتالي، يضعون في حساباتهم إمكانية البحث عن خيارات تحالفية أخرى.

يعتبر القواتيون أن المستقبل تقدّم إليهم بطروحات غير جدية، وبأن المطالب لا تستقيم ولا يمكن تلبيتها. ففي زحلة، حاول المستقبل وضع القوات أمام خيارين، إما التحالف مع التيار الوطني الحرّ، أو مع الكتلة الشعبية. فيتكون إنطباع قواتي بأن حزبهم خيار هامشي للحريري، فيما الأساس بالنسبة إليه هو التحالف مع الآخرين. ويعتبرون أن تدخل المستقبل في تسمية مرشحيهم سينعكس عليهم سلباً، في بيئتهم. ويشيرون إلى أن العرض المستقبلي يتضمن تسمية المرشح الأرمني في زحلة. لكن القوات تردّ بأنه لا يمكنها أن تتدخل في تسمية مرشحي المستقبل السنّة. ولطالما يتصرّف المستقبل مع القوات بهذه الطريقة، لكن القانون الحالي، لا يسمح بتقديم مزيد من التنازلات.

في بعلبك الهرمل، يصر المستقبل على أن يشمل التحالف القوات والتيار الوطني الحر. الأمر الذي ترفضه القوات، لأن المعركة هناك لتحقيق الخرق ولا تحتاج إلى التيار. بالتالي، يكون هذا التحالف مبنياً على التضحية بمقعد على الأقل، وتقديمه مجاناً إلى التيار. الأمر ذاته ينطبق على عكار، إذ ترى القوات أن التحالفات التي ينسجها الحريري، لا تسهم في الفوز، بل تؤدي إلى الخسارة. وبأن أي منطلق للبحث التحالفي بين المستقبل والقوات، ينطلق المستقبل فيه من اعتبار التيار الوطني الحر ركناً ثابتاً في هذا التحالف. الخلاف تجدد أيضاً في صيدا- جزين، لناحية عدم حسم مسألة المرشح الكاثوليكي، المقعد الماروني في البقاع الغربي، لم يجد طريقه إلى الحّل إذ تتمسك القوات بترشيح إيلي لحود.

ثمة خلاف في الرؤى بين القوات والمستقبل، تعتبر الأولى أن مصلحة الحريري في ظل خياراته الحالية، تميل إلى التحالف مع التيار الوطني الحر، والخيارات التي يسير فيها تؤدي إلى إضعاف القوات. فيما يعتبر الحريري أن القوات تضع شروطاً تعجيزية، وإذا ما التزم بها، فسيتعرض إلى خسائر متعددة. ليس معلوماً إذا ما كان الخلاف سيحّل خلال الساعات القليلة المقبلة، والتي تسبق إعلان القوات برنامجها الانتخابي ومرشحيها يوم الرابع عشر من آذار. التخوف من عدم التفاهم يتنامى، وحينها ستلجأ القوات إلى خيارات متعددة، من بينها التحالف مع خصوم الحريري الذين يلتقون معها في الرؤية السياسية. فيما هناك من يرجّح أن كل ما يحصل الآن يندرج في إطار شدّ الحبال، لتحسين شروط التفاوض. بالتالي، فإن التفاهم سيحصل بينهما.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024