شيوعيو "حزب الله" يخوّنون اللبنانيين المنتفضين

وليد حسين

الإثنين 2019/11/04
بعد خروج اللبنانيين في جميع المناطق اللبنانية ضد الطبقة الحاكمة على قاعدة "كلن يعني كلن" و"حرامية"، بشكل عفوي لم يكن أحد يتوقعه. وبعد محاولات قوى السلطة شيطنة الحراك ومحاولة "ركوبه" لإنقاذ سفينتها، التي بدت غارقة أمام جموع اللبنانيين، خصوصاً أن الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان ما عادت تحتمل، بعدما وصل سعر صرف الدولار إلى نحو 1700 ليرة وانعكاسه على تآكل أموال اللبنانيين، رأى الحزب الشيوعي اللبناني، الذي لطالما حذر في تظاهراته من هذه الأزمة، أن موقعه الطبيعي هو بين الناس وفي الشوارع، التي لطالما دعا الجميع للخروج إليها.

نظرية المؤامرة
لكن الحزب الشيوعي، مثل الكثير من اللبنانيين، تفاجأ بهجوم أمين عام حزب الله على المتظاهرين، بحجة تمويل السفارات، وأن خلف احتجاجات اللبنانيين مؤامرة دولية ضد "المقاومة". واعتبر الشيوعيون أن نصر الله يدافع عن النظام الطائفي ويقف سداً منيعاً بوجه تغييره، وهالهم الهجوم المبرمج على المتظاهرين في ساحتي رياض الصلح وفي صور وفي النبطية من عناصر الحزب وحركة أمل. وشعروا بأن حزب الله يستخدم "المقاومة" والتآمر عليها، للدفاع عن الطبقة السياسية الحاكمة، بينما كان عليه الوقف إلى جانب الناس في هذه اللحظة التاريخية.

بعد الهجوم المضاد لحزب الله وحلفائه على التظاهرات، وبعد حبك خطوط نظرية المؤامرة من قبل بعض الأقلام، وبعد الحملة الإعلامية المنظمة لتصوير حراك الناس في الشارع وكأنه مسيّر من قبل أحزاب سياسية في السلطة ضد حزب الله والتيار الوطني الحر، راح بعض الشيوعيين المعارضين للأمين العام الحالي حنا غريب يشاركون في هذه الحملة ضد التظاهرات، تارة بحجة أن عدم وجود الحزب في طليعة اللبنانيين لقيادتهم، لا يخدم المشروع التغييري، وطوراً بذريعة أن الحزب بات مثل المنظمات غير الحكومية ينساق مع الموجة، من دون وجود رؤية واضحة للمستقبل، أو أن مشروع الحزب التغييري يختلف جذرياً مع كل اللبنانيين.

مجموعة خالد حدادة
ووفق مصادر "المدن" قامت تلك القوى الشيوعية، التي تتحين الفرصة للانقلاب على غريب، بتأليب الشيوعيين على القيادة الحالية ووصل بهم الأمر إلى كتابة رسالة إلى الأمين العام والمكتب السياسي، لثنيه عن الاستمرار في التحرك في الشارع. وحصلت "المدن" على نسخة منها وهي على ذمة المصادر موجهة من الأمين العام السابق خالد حدادة والمجموعة المحيطة به.

وجاء فيها انتقاد لغريب وللمكتب السياسي لأنهما يتبنيان مقولة أن جميع القوى السياسية مدانة على قدم المساواة، على قاعدة "كلن يعني كلن"، من دون التمييز بينها، وتساوي بين حزب الله والتيار الوطني الحر وحركة أمل والقوات اللبنانية والمستقبل والاشتراكي من دون الأخذ بالاعتبار المواقف الوطنية والاصطفافات في مواجهة مشاريع الغرب والعدو الصهيوني.

واتهمت هذه المجموعة قيادة الحزب بتغييب متعمد لـ"الدور الأميركي" الذي أوصل البلاد إلى الوضع الحالي خصوصاً لناحية العقوبات على حزب الله والإملاءات على المصرف المركزي، وبعدم ربط التظاهرات بمخططات خارجية تآمرية على لبنان والمنطقة. ولفتت الرسالة إلى أن الحزب انقاد إلى الشارع خلف قيادة سرابية للحراك اعتمد شعارات "كلن يعني كلن"، وقطعت الطرق، ولم يكن له رأي فيها، وتشابه وانصهر مع القوات والكتائب وحزب سبعة وأشرف ريفي وبورجوازيات المناطق وفصائل المنظمات غير الحكومية الممولة من أميركا.

وأكلمت الرسالة، المكتوبة بلغة "المؤامرة" والثورة المضادة التي تقودها جميع قوى السلطة ضد انتفاضة اللبنانيين (حتى لو اختلف التعبير بين قوى السلطة ما بين دعمها وتخوينها على السواء، أو بين من رحّب بها معتقداً أنها مطية له لتصفية حسابته مع بقية الأطراف)، بأن عدم وجود قيادة للحراك تخفي نوايا تآمرية من الخارج والداخل.

تلك المجموعة التي لا تقرأ السياسة إلا من خلال قاموس حزب الله ورهط الممانعة، لم تلتفت إلى كم المؤامرات التي تحاك ضد خروج اللبنانيين السلمي إلى الشارع لإعادتهم إلى حظائرهم الطائفية، وتستعيب وجود كل الطيف اللبناني في الشارع الذي خرج على أحزابه، ومن هو في طور الخروج النهائي بعد أن جفّت جيوب "البقرة الحلوب" من الأموال التي كانت تستعمل لاستقطاب اللبنانيين زبائنياً. وأكملت هجومها على القيادة الحالية متهمة إياها بأنها تزجّ الحزب في مواجهة مباشرة مع حزب الله في الجنوب، ومن دون الانتباه إلى حساسية المنطقة وتماسها مع العدو الصهيوني، وهذا يشكل خطراً على مستقبل الحزب وعلى أمنه وانكشافه، محملة القيادة المسؤولية الكاملة عما يحدث.  

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024