الحريري في موسكو: تكريس الدور الروسي في لبنان؟

منير الربيع

الأربعاء 2017/09/13

بدأ الرئيس سعد الحريري زيارته إلى روسيا بلقائه رئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف ووزير الخارجية سيرغي لافروف. تأتي الزيارة وسط تزخيم روسي دور موسكو في الشرق الأوسط إنطلاقاً من الساحة السورية بشكل خاص، وما يرتبط بها من ملفات في الدول المجاورة من بينها لبنان. وهذا ما أراد الحريري استشرافه من خلال لقاءاته الروسية التي سيتوّجها الأربعاء بلقاء الرئيس فلاديمير بوتين.

استهل الحريري جولته بلقائه وزير الخارجية الروسي، مؤكداً التطلع إلى روسيا ودورها الكبير في المنطقة، آملاً في تعزيز التعاون السياسي والإقتصادي بين البلدين، بالإضافة إلى تطوير العلاقات العسكرية مع روسيا وهذا امر اساسي بالنسبة إلينا". ولفت إلى أن لبنان يعاني بشكل كبير من ملف اللاجئين، ونأمل أن يشمل الحل السياسي للازمة السورية ملف عودة النازحين السوريين في لبنان والمنطقة إلى بلدهم". من جهته أثنى لافروف على جهود الحريري في تكريس التعاون بين البلدين، مشيراً إلى "أننا سنحدد المعايير لتنمية العلاقات اللبنانية الروسية، وهي فرصة طيبة لتبادل الآراء بشان المشاكل في الشرق الاوسط".

بعدها التقى الحريري رئيس مجلس الوزراء الروسي دميتري ميدفيديف، الذي أكد "أننا مستعدون لمواصلة تعزيز التعاون في مواجهة الارهاب"، متمنياً أن تفتح هذه الزيارة صفحة جديدة في العلاقات الروسية- الللبنانية. ولفت إلى أن بلاده تدعم سيادة لبنان ووحدة أراضيه وتؤيد سياسة الحريري الداعمة لسيادة لبنان"

واعتبر الحريري أن لبنان يطمح لأن يكون هناك علاقات اقتصادية مع ​روسيا​ بمستوى العلاقات السياسية بين البلدين"، لافتاً إلى أن "لبنان يعاني من مشاكل عدة إحداهما ​الارهاب​. ونحن استطعنا ان ننتصر ضد الارهاب، لكن لبنان بحاجة إلى اصدقائه مثل روسيا". وقال: "نحن في صدد إعادة تسليح ​الجيش اللبناني،​ ونريد تعزيز التعاون العسكري بين البلدين. فنحن نعيش في منطقة شديدة الاضطراب. وقد استطعنا أن نحصن استقرارنا وتحييد لبنان عن أي مشكلة ناتجة عن ​الحرب السورية​".

وفيما تلفت معلومات متابعة إلى أن روسيا تسعى لتعزيز التعاون مع الحريري لأجل الدخول بقوة إلى الساحة السياسية اللبنانية، ولعب دور مؤثر فيها، تماماً كما هو دورها في سوريا، فإن هذا الدخول سيتعزز من خلال تقديم الدعم الإقتصادي عبر مشاريع معينة، ومشاركة روسيا في عمليات التنقيب واستخراج النفط، بالإضافة إلى تعزيز التعاون العسكري مع لبنان من خلال تقديم مساعدات عسكرية للجيش اللبناني، والتي قد تبدأ بإرسال شحنات من الذخائر التي يمكن للجيش الإستفادة منها، وذلك تمهيداً لتفعيل إتفاقية التعاون العسكري بين البلدين في الفترة المقبلة.

كل ذك يأتي تزامناً، مع تحول موسكو إلى قبلة سياسية وبارومتر التطورات في الشرق الأوسط، بفعل الدور الواسع والفعال الذي تلعبه على الساحة السورية. وستشهد موسكو زيارات العديد من رؤساء الدول، وأبرزها زيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز الشهر المقبل، حيث سيتم بحث الملف السوري وسبل إنجاز الحل السياسي للأزمة السورية.

وتلفت مصادر متابعة إلى أن الحريري سيستمع من بوتين إلى الرؤية الروسية للحل السوري، والذي تريد موسكو أن يدخل حيز التنفيذ في العام المقبل. ويبدأ التحضير له بتعزيز وقف إطلاق النار وتوسيع مناطق خفض التصعيد، بالإضافة إلى إيجاد قواسم مشتركة في الرؤية السياسية للمعاراضات السورية. ولا تزال روسيا تسعى لتوحيد منصات المعارضة السورية. وهذا ما قد يتم بحثه خلال زيارة الملك السعودي إلى موسكو، وتعزيز الهدنة في الجنوب السوري، مع استمرار البحث عن حلّ لمناطق الشمال، وتحديداً لمحافظة إدلب. وهو ما قد يبدأ البحث به بشكل جدي في اجتماعات آستانة.

ولا شك أن ما رافق الحريري في زيارته الروسية أمر أساسي، هو "هاجس الأسد أو مصيره". وهنا، يشدد الروس على أن لا بديل من الأسد حالياً، وقد يبقى في المرحلة الإنتقالية، ولكن الأهم بالنسبة إليهم هو التطورات السياسية داخل سوريا والدولية حولها، والتي تحتّم تغيير شكل الحكم في سوريا، وإحداث تغيير في تركيبة النظام. إذ تعتبر موسكو أنه حتى لو بقي الأسد، فهو لن يكون كما كان في السابق، وبنفس القوة والسلطة والنفوذ والصلاحيات، خصوصاً في ظل وجود قوى متعددة على الأرض. بالتالي، لا يمكن للأسد إعادة الاستئثار بالسلطة، بالإضافة إلى التأثيرات الخارجية التي ستنعكس على الداخل السوري، والتي ستكون محكومة بتوازنات دولية، موزّعة على آلية توزع مناطق النفوذ، كالأميركيين والأردنيين في الجنوب، الروس والإيرانيين في الساحل والوسط والعاصمة، الأتراك والروس في الشمال، والأميركيين والأكراد في الشرق.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024