وضع خريطة طريق لمن سيخلفه: عون يدعو للاقتراع بكثافة

المدن - لبنان

السبت 2022/05/14

بدا رئيس الجمهورية ميشال عون وكأنه يصدر توجيهات انتخابية مبطنة إلى اللبنانيين. دعاهم إلى المشاركة بكثافة في عملية التصويت، مستذكرا مآثره، ومعلناً عن أنه اكتشف الفاسدين، الواجب على اللبنانيين محاسبتهم في صناديق الاقتراع، لأن الثورة فيها أشرف الثورات.

أسماء الفساد
وقال عون "أنّني أخاطبكم عشية الانتخابات النيابية، كي أدعوكم للمشاركة فيها بكثافة، والتعبير عن رأيكم، واختيار من تثقون بهم وتجدونهم أهلًا للدّفاع عن حقوقكم، وإقرار القوانين الّتي تصونها وتحميها، خصوصًا وأنّ مجلس النوّاب المقبل سيكون أمام مسؤوليّات تشريعيّة كبرى واستحقاقات دستوريّة".

وركّز على أنّ "الانتخاب ليس مجرّد حقّ فحسب، بل هو أيضًا واجب لكلّ مواطن. كما أنّه الطريق الصحيح والفعلي للتغييّر. لقد حانت لحظة المحاسبة، ولحظة تحديد الخيارات.. والمحاسبة تكون دائمًا في صندوق الاقتراع"، موضحًا أنّ "الانتخابات هي فرصتكم، فلا تضيعوها، خصوصاً بعد الحقائق التي تكشّفت خلال هاتين السنتين، والأكاذيب التي تم فضحها، وبعدما بات للفساد وللسرقة وجوه وأسماء".

وأكّد عون أنّ "مسؤوليتكم كبيرة اليوم، كي لا يتوقّف مسار تفكيك منظومة الفساد المركّبة، التي تحكّمت بمفاصل البلد على مدى عقود. مسؤوليتكم كبيرة لكي تحاسبوا الفاسدين والسارقين!"، مبيّنًا أنّهم "منذ 30 سنة، جعلونا نعيش كذبة كبيرة. أوهمونا أن الليرة بخير وأن أموالنا موجودة ولا شيء يدعو للقلق. كذبة كهذه هي لا شك ممتعة ومريحة، ولكن كان لا بد أن يأتي وقت وندفع ثمنها، وكلَّما طالت الفترة، كلما بات الثمن أغلى وأقسى".

وشدّد على أنّ "منذ فترة، انتهت الكذبة، وكان يجب أن تنتهي وتتكشف الحقيقة القاسية، لنتمكن من مواجهة الواقع وإيجاد طريق الخروج منه"، مشيرًٍا إلى أنّ "اليوم، هنالك حملة تيئيس كبرى، عنوانها أنَّ لبنان مكسور ومفلس: "غادروه، واهربوا". لا! لقد قلتها منذ سنين، وها إنَّني إكررها: إنّ لبنان منهوب وليس مكسوراً، ولا هو بمفلّس".

إنجازات العهد
وذكر "أنّنا بعد أن أنجزنا الموازنة، لأول مرّة بعد 12 سنة من الانقطاع، وانتظمت المالية العامّة، بدأت الفجوات بالظهور، وبتنا متأكدين، وبالأرقام، من أنّ لبنان منهوب. نعم، إنّه منهوب ومسروق، بالتكافل والتضامن، والأموال مهرّبة إلى الخارج"، جازمًا أنّ "لبنان منهوب وليس مكسوراً، وها هم يحاولون تحميل تبعات النتائج لكم، والمسؤولية لي. أنا الذي لطالما حذّرت، منذ أكثر من 25 سنة، من سياسات مالية سترهن البلد، وسياسات اقتصادية ستوقعه بأزمات مستقبلية".

ورأى أنّ "اليوم، ولكي يستقيم الوضع في لبنان، فلا يبقى هناك تراشق اتهامات ورمي مسؤوليات، على القضاء أن يقوم بعمله، عليه أن يسمي الفاسدين ويلاحقهم، وبعض هؤلاء بات معروفاً"، شارحًا أنّه "لا يعود لرئيس الجمهورية أن يلاحق الفاسدين والسارقين ويقاضيهم ويزج بهم في السجون. أنا بإمكاني ان أدل على الطريق التي توصلنا إلى معرفة من سرق، ولقد فعلت وقلت "إن التدقيق الجنائي هو الطريق فابدأوا من هنا".

الأمن أولاً
وكان عون قد قال بوقت سابق اليوم السبت، في حديث إلى وكالة الانباء القطرية: "نأمل قيام النواب الجدد بعملهم كاملاً لجهة مراقبة عمل الحكومة، والقيام بالتشريع اللازم لوضع لبنان على درب التعافي، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية يكمل خريطة الطريق التي وضعناها، والكفيلة بإنهاء الوضع الصعب الذي نعيشه".

واعتبر عون أن "حل الأزمة الاقتصادية يتطلّب برنامجاً إصلاحياً شاملاً وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي، من خلال إرساء سياسات فعّالة وإعادة بناء الثقة ودعم جميع الأطراف والاعتراف بالخسائر في النظام المالي".

وأضاف: "هناك مرتكبون لكنهم يتلقون الحماية من نافذين. وسأعمل خلال ما تبقى من ولايتي الرئاسية على تحقيق ما ناديت به، وفي حال لم يتسع الوقت أكون قد تركت خريطة طريق لمن سيخلفني".

وتابع "اللبنانيون لا يعرفون اليأس، وهم ليسوا بوارد التعرف إليه حالياً، وهم يملكون قرارهم بأنفسهم ويقيني أنهم سيعملون على تجاوز الأزمة الراهنة".

وقال: "على الرغم من الاختلافات الكبيرة في الرأي بين اللبنانيين، إلا أنهم اتفقوا على أن العامل الأمني هو القاسم المشترك الأساسي لبقاء البلد، والحفاظ على هويته، وإلا فإنهم جميعاً سيخسرون".

اللاجئون السوريون وإسرائيل
وتابع عون قائلاً "لبنان في صدد التحرك بشكل فاعل ومكثف دولياً من أجل إثارة موضوع النزوح السوري، ولن نقبل بتهديد مصير لبنان إرضاء لأحد. وسيكون لنا موقف موحد نحمله في أكثر من محفل إقليمي ودولي".

وأضاف "الإسرائيلي يعلم أن خسارته ستكون كبيرة إذا اعتدى على لبنان، علماً أن لبنان ملتزم بالقرارات الدولية. وهو انطلق من عدم التنازل عن حقه في النفط والغاز وعدم التطبيع مع إسرائيل حتى من خلال تقاسم الحقول النفطية".

ورأى ان "معالجة قضية الاستراتيجية الدفاعية تتطلب توافقاً شاملاً من قبل كل الأطراف. وسبق ودعوت إلى لقاء وطني شامل لبحث هذا الأمر بعد بحث الوضعين الاقتصادي والمالي".

وقال: "لا لبنان يجد نفسه بعيداً عن محيطه العربي، ولا العرب بمقدورهم الاستغناء عنه، ما يجعل تعزيز العلاقات بينه وبين الدول العربية ضرورة أساسية لاستقراره السياسي والاقتصادي"، مضيفاً "للبنان علاقات صداقة مع روسيا وأوكرانيا، ولا يرغب في التفريط بعلاقاته مع أحد، ويشجع استمرار المفاوضات بين البلدين لأنها الطريق الوحيد للسلام".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024