"مواطنون ومواطنات": التحالفات ليست كيفما اتفق

وليد حسين

الجمعة 2018/01/12

"المواجهة مفتوحة مع السلطة الفاقدة للشرعية"، هذا ما تريده "حركة مواطنون ومواطنات في دولة" من الانتخابات المقبلة، كما بدا من خلال مؤتمرها الصحافي الذي عقدته، الجمعة في 12 كانون الثاني 2018، في بدارو. مواجهة "لرفض تسلّط قوى الأمر الواقع... وأصحاب السلاح والمال الذين يبتزّون الناس في حياتهم يومياً". فمواطنو ومواطنات الحركة "الحاضرون في كل لبنان وقوتهم توازي قوة أكبر القوى الطائفية الزبائنية"، لا "مكان لليأس في نفوسهم" وسيواجهون "أرباب المليشيات والصفقات المشبوهة" في الانتخابات المقبلة، حيث "سيتعهّد مرشّحوها في حال فوزهم بتقديم مشاريع قوانين تلزم السلطة الاجرائية وتراقبها بشكل دقيق في تصرفاتها"، على ما جاء في البيان.

أمّا أبرز الأمور التي سيعملون عليها فتتمثّل في "استعادة احترام تراتبيّة المرجعيّات القانونيّة" و"الغاء مفاعيل القوانين والأعراف التي تميّز بالحقوق والواجبات بين المواطنين على أي أساس جنسي أو طائفي أو مناطقي" و"تحصيل حقوق الفئات المستضعفة"، و"وضع نظام لضمان البطالة وتحفيز حصول الشباب على فرص عمل"، و"تحقيق استقلالية القضاء"، و"إعادة الانتظام إلى الإدارة العامة من خلال إنهاء بدع التعاقد". هذا فضلاً عن تسجيل المواطنين في أماكن سكنهم للمشاركة في الانتخابات على هذا الأساس.

تستند الحركة في مقاربتها إلى السياسة في لبنان انطلاقاً من ضعف قوى السلطة وقوة قوى التغيير المتمثلة بالمواطنين والمواطنات في الدولة. بالتالي، ستعمل على خوض الانتخابات والترشّح في جميع المناطق اللبنانية، كما صرّح الأمين العام للحركة شربل نحاس لـ"المدن"، رغم الملاحظات الكثيرة على القانون الانتخابي.

يُسجّل على الحركة "طهرانيتها" في التشديد على تشكيل تحالفات سياسية مبدئيّة لخوض الانتخابات. ما أدّى إلى تباعدها عن بعض قوى المجتمع المدني التي ترفع شعارات سياسية شبيهة بشعارات الحركة. فالنظام النسبي، الذي سيُعتمد للمرة الأولى في لبنان، يفرض على القوى التغييرية تشكيل لوائح موحّدة لتأمين الحاصل الانتخابي لاحداث خرق في لوائح السلطة، فهل ستتحلّى الحركة بروح براغماتية في عقد التحالفات الانتخابية لتشكيل لوائح جامعة؟

المشكلة بالنسبة إلى نحّاس لا تكمن في "رفع الشعارات المتشابهة. فهناك أناس مستعدون لرفع أيّ شعار بحسب المناسبة. بالتالي، رفع الشعار لا يكفي. الأساس في التجربة المواجهة على أرض الخصم، أي النظام، وقد خضنا الانتخابات البلدية على هذا الأساس بينما لم نرَ أحداً خاضها مثلنا". لا يكفي تشكيل تحالفات انتخابية ولوائح معارضة لخرق لوائح السلطة. فالحركة تعتبر الانتخابات محطة للعمل السياسي والمواجهة السياسية وليس للوصول إلى الندوة البرلمانية كيفما اتفق، بل يجب الاتفاق على البرنامج السياسي لخوض الانتخابات على أساسه.

لكن هل ستكرّر الحركة تجربة الانتخابات البلدية ذاتها بمعنى تشكيل لائحة معارضة تتنافس مع لائحة أخرى منافسة للائحة السلطة؟ أم ستعمل على التحالف مع القوى الاعتراضية التي بدأت تتشكّل في العاصمة؟ يوضح نحّاس: "لقد قمنا بعملية تقييم لتجربة الانتخابات البلدية في بيروت وتعلمنا منها ونأمل من الآخرين أن يقوموا بالأمر نفسه. بالتالي، عندما نتحدث عن هذه التجربة اليوم نعتبر أنها باتت وراءنا. كانت مآخذنا أنه لا يجوز أن تدعو آلاف المواطنين إلى الاقتراع على اعتبار أن المعركة انمائية وليست سياسية. فالسياسة ليست شتيمة بل تشكّل مصير الناس والبلد وهذا كان خلافنا مع بيروت مدينتي. لقد طرحنا عليها صيغ عدة لتبنّي مواقف سياسية لكنها أصرت على الطابع الانمائي للمعركة، ثم تفاجأنا أنها قامت بتشكيل لائحة مقفلة. اليوم، لدينا رغبة في التوصل إلى مشروع سياسي واضح مع بقيّة القوى، لكن كيف نقوم بهذا الأمر؟ هل ننتظر نفاذ المهل وتشكيل اللوائح في آخر لحظة؟ حتماً لا. لذا قمنا اليوم بإعلان موقفنا السياسي الذي على أساسه سنخوض الانتخابات المقبلة وليتحمل الجميع مسؤولياته".

وعن الاتهامات للحركة بأنها تميل إلى قوى 8 آذار، يشير نحّاس إلى أنّ "تجربة الانتخابات البلدية السابقة تنفي هذه الاتهامات، فقد خاضت الحركة المعركة ضد جميع القوى المتمثلة بـ8 و14 آذار. ويسأل: ألم نترشّح في المناطق التي توجد فيها حركة أمل وحزب الله في لوائح منافسة؟ بالتالي، هذه الاتهامات مردودة على مطلقيها. لن نتحالف في المعركة الانتخابية المقبلة مع أي قوى سياسية ممثّلة في السلطة الفاقدة للشرعية، بل سنكون منفتحين على الأحزاب والقوى التغييرية التي نتشارك معها في البرامج السياسية، وهي كثيرة".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024