مَنْ أبوه أفضل في ثالث أيام الموازنة بمجلس النواب؟

وليد حسين

الخميس 2019/07/18

السجال بين النائبين سليم عون ونديم الجميل كان قمة ما دار في المجلس النيابي، أثناء مناقشته الموازنة المالية العامة في الأيام الثلاثة.

فعندما اعتلى عون المنبر ليعلن أنه عدل عن إلقاء كلمته، سأله الجميل مستغرباً: "لماذا، ليش غيرت رأيك؟". لم يتحمل النائب العوني كلام الجميل فأجابه: "روح العب حدّ بيتك.. أنت مش ابن بيّك"، مستغرباً وصوله إلى الندوة البرلمانية.  لكن ابن الجميل أبى أن يمرّ هذا الكلام من دون إبراز فتوته، فجاوبه متحدياً على طريقة الأطفال: "بيي أقوى من بيّك. أنت جيت عا المجلس لأن يمكن حدن بيقربك. أنا جيت لأن خمسة آلاف واحد صوتولي بالأشرفية". فرد عليه عون: "أنت حصلت على خمسة آلاف صوت بس أنا حصلت على ستة آلاف".

واستمرت جلسات مجلس النواب لليوم الثالث في مناقشة الموازنة العامة، رتيبة ومملة، ومن دون أي جديد يذكر على مسامع المشاهدين، في ظل احتجاجات متفرقة في الشارع، لا تعبّر عن نقمة الناس الفعلية من التقشّف الحكومي المقبل، أو أقل ما يقال فيها أنها لا تواكب هموم الناس المفترضة من استفحال الأزمة الاقتصادية، والإجراءات التي ستؤدي إلى تآكل رواتبهم.

والكلام الذي قيل عن عدم دستورية الموازنة وعيبها لناحية غياب بنود إصلاحية فيها، وتقشفها على حساب جيوب المواطنين، وعدم تطرقها لمزاريب الهدر والفساد، مكرر ومعاد.

شاهد زور
وصعد النائب فيصل كرامي مكرراً الكلام على مخالفة الموازنة الدستور كونها أتت من دون قطع حساب، وخارج المهل الدستورية. وتوجه إلي رئيس الحكومة قائلاً إن مشروع الموازنة مخالف للثقة التي منحت للحكومة في بيانها الوزاري، طالما أن وعود وقف مزاريب الهدر والفاسدين لم تنفذ، بل على العكس مدّت الموازنة يدها على جيوب الناس. وقال: "لن أكون شاهد زور في هذه التركيبة السلطوية"، معلناً الامتناع عن التصويت.

احتج الحريري على اللقاء التشاوري الممثل في الحكومة ولم يبد اعتراضاً على بنود مشروع الموازنة، مستغرباً كلام كرامي. وهنا أعلن الرئيس بري أن من حق النواب الاعتراض بمعزل عن تمثيل الجهات السياسية في الحكومة. 

واستفاق الوزير
أما النائب في حركة أمل غازي زعيتر فأعلن الموافقة على الموازنة رغم اعتبارها مخالفة للدستور. واستفاق الوزير والنائب على ضرورة مكافحة الفساد والعمل جدياً على هذا الأمر وتسمية الفاسدين بالاسم! واستغل المناسبة لطرح إصدار قانون العفو العام رغم عدم علاقته بمناقشة الموازنة، معتبراً أن فك أسر المساجين سيؤدي إلى تخفيف عددهم وبالتالي تخفيف المصاريف على الدولة.

استغلال الفرص
بدوره نبه النائب فؤاد مخزومي إلى أن الموازنة غير إصلاحية. وانتقد فرض الضرائب على معاشات التقاعد وتخفيض ميزانية وزارة التربية وغيرها من القطاعات، معتبراً أن ما تقوم به الحكومة محاولة تخفيض الصرف والإنفاق، وبالتالي محاولة تخفيض الأرقام وليس العمل على التنمية. 

واستغل نائب بيروت الفرصة متوجهاً إلى ناخبيه من خارج نقاش الموازنة، فانتقد مشاريع بلدية بيروت، مطالباً بتأسيس مستوصفات (على مثال مستوصفاته الخاصة) وإصدار بطاقة صحّية، وأعلن رفضه إنشاء محرقة في العاصمة.

القوات لن تصوّت
من ناحيته أعاد عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب عماد واكيم، التأكيد على موقف القوات بعدم التصويت على الموازنة، بل على البنود الإصلاحية وحسب، موضحاً أن القوات تحفظت عليها في مجلس الوزراء. وفي ظل سوء الإدارة، وعدم وجود إصلاحات جذرية تواكب الموازنة وتنفيذها، اعتبر أن الخلل في التقدير أو التنفيذ شبه حتمي. وفي حال انخفضت الإيرادات بنسبة 5 في المئة وارتفعت النفقات بالنسبة نفسها، سنكون أمام عجز يبلغ 10،2 في المئة، في حال تضاعفت نسبة الخلل إلى 10 في المئة، فتصل نسبة العجز إلى حدود 12،7 في المئة، وعندها لن ينفع لا التبرير ولا تبادل الاتهامات.

وإسوة بزميليه إدي أبي اللمع وفادي السعد، اللذين تحدثا في الجلسة الصباحية، كرر واكيم موقف القوات المطالب بإقفال المعابر غير الشرعية، وضبط التهرب الجمركي والضريبي، وتشكيل الهيئة الناظمة في قطاع الكهرباء، وإشراك القطاع الخاص في المؤسسات العامة.

حرب على الفوائد
بدوره بلّ النائب نعمة إفرام يده بالموازنة متناسياً أن كتلة التيار الوطني الحر عملت على وضع مشروع الموازنة كسواها من  القوى السياسية الممثلة في الحكومة. واعتبر أن الموازنة غير كافية لمواجهة الكوارث الاقتصادية لأنها تصلح أن تكون للعام 2010 وليس للعام 2019. وطالب بإعلان حرب على الفوائد المرتفعة على خدمة الدين العام، التي تصل إلى 15 في لمئة، داعياً إلى وضع خطّة خمسية للوصول إلى نسبة عجز بحدود الصفر بالمئة.

تكرار وإعادة
وجرياً على خطب النواب في لعن الموازنة التي يصوّتون لصالحها في نهاية المطاف، رأى النائب اسطفان الدويهي (كتلة تيّار المردة) أن الموازنة عشوائية ولا تمت للإصلاحات البنيوية بصلة، معيداً التذكير أنها غير دستورية وتتناقض مع كل الأعراف والقوانين.  وشدد على عدم المسّ بحقوق موظفي الدولة وخصوصاً متقاعدي الجيش والقوى الأمنية. وعاب النائب سليم عون آراء النواب في الموازنة بعد إقرارها في لجنة المال والموازنة، فأعطوا بذلك صورة سيئة عن المجلس النيابي، وبات الرأي العام يرى أنهم متخبطون.

الثقة بالحريري
وانفردت النائبة رولا الطبش عن جميع زملائها بعدم انتقاد الموازنة، مخصصة كلمتها لتأكيد الثقة برئيس الحكومة سعد الحريري وبخططه، وصولاً إلى بلد ينمو ويتقدم ويستقر. ودعت إلى الإسراع في إقرار الموازنة والسير بمؤتمر "سيدر".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024