خطاب 7-7-2020: بالروكّا، نواجه العقوبات والحصار!

نادر فوز

الأربعاء 2020/07/08
في 7-7-2020 أطلق الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، المقاومة الصناعية والزراعية، أو الجهاد الصناعي والزراعي، أو النهضة الصناعية والزراعية. كأنه انضمّ إلى مبادرات شبابية وإلكترونية، أطلقها عدد من الأصدقاء والخبراء، لدعم الناس من خلال الزراعة واستغلال المساحات في هذه المحنة الاقتصادية. "حبق"، "ازرع"، "كُن"، وغيرها. لكن بوقع الجهاد والمقاومة هذه المرة، بما فيها من معانٍ عقائدية ودينية وسياسية. "كلنا مزارعون، كلنا صناعيون" قال نصر الله. وطعّم الدعوة بإطارها السياسي "قلنا إنه حيث يجب أن نكون سنكون، حيث وجب أن نكون كنا وحقّقنا وانتصرنا، واليوم نحن في معركة الصناعة والزراعة". وإذ بعيون الشامتين من أنصار الحزب بدعوات "المجتمع المدني" للزراعة، تتدلى فوق خدودهم.

وللعلم فقط، كان لثنائي حزب الله وحركة أمل 4 وزراء للصناعة و5 وزراء للزراعة، في الحكومات المتعاقبة في العقد الأخير. 

إعلان العجز
في 7-7-2020، أعلن نصر الله ما يشبه العجز عن إدارة الأزمة المالية والانهيار الاقتصادي. العودة إلى الأرض، إلى الزراعة، أمر أكثر من بديهي، يمكن أن يصدر عن صغار قوم يبحثون عن خلاص له ولهم من الجوع والعوز وطرق أبواب البيوت السياسية والحزبية والتذلّل أمامها. لكن أن يصدر عن أكبر حزب سياسي فاعل، وأكثرهم قدرة وتأثيراً، فهو يعني أنّ إعلان العجز بات وشيكاً. الجوع آتٍ، هذا ما نعرفه جميعاً. وعلى الشعب مواجهة هذا الجوع بنفسه ولوحده، من دون التعويل على سياسة أو حكومة. واقع أكده نصر الله في خطابه الأخير. ازرع، أحصد، تأكل.. وإلا الجوع. ومن لا يمتلك أرضاً فليخلق مساحة ترابية في منزله، على سطحه، في صندوق سيارته، أينما كان. وإلا الجوع.

أبواب الشرق.. مجدداً
في 7-7-2020، وضع الأمين العام لحزب الله أجندة عمل للحكومة اللبنانية والمسؤولين فيها. على هؤلاء استكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، لكن الاستمرار في البحث عن بدائل في الوقت نفسه. نصر الله يكره "الانتظار السلبي". فدعا الحكومة ووزرائها، إلى طرق أبواب العالم بحثاً عن تعاون أو استثمار. دوروا في كل العالم، وابحثوا عن أي متعاون. باتجاه الصين، إيران، العراق، وربما روسيا، أعاد نصر الله تحديد البوصلة. "بادروا"، قال. والأصح، عليهم أولاً "ردّ الزيارة" إلى العراق. وهي الزيارة التي تركت سريعاً بصمتها في بغداد من خلال ما نشرته صحيفة "المدى" حول نية لجنة النفط والطاقة في البرلمان العراقي استدعاء وزير النفط إحسان عبد الجبار، على خلفية تصريحاته وما تمّ التداول به عن تصدير النفط إلى لبنان مقابل استيراد المواد الزراعية والصناعية من لبنان. منكوب يستنجد بآخر.

الهم الوطني
في 7-7-2020، أطلّ نصر الله للتأكيد على أنّ مقاربة الأزمة الحالية يجب أن تتمّ "بعقلية الهمّ للجميع، مش أنا بشوف جماعتي وحّيي وضيعتي... لا المقاربة مقاربة وطنية، ويجب أن تشمل الجميع، لبنانيين ومقيمين". بالعودة أشهر إلى الوراء، في 1-11-2019، قال نصر الله "إذا انهار البلد ولم تعد الدولة تستطيع دفع المعاشات فإن المقاومة ستبقى موجودة وتدفع المعاشات لشعبها". ثمة ما تغيّر واختلف بين تشرين وتموز. تبدل، لا بل انعكس. لم يطلّ نصر الله لتطمين بيئته. "شعب المقاومة" جزء من شعب كامل بات معدوماً، متروكاً لوحده، خياره الزراعة والصناعة.. اليدوية.

انتصار وغضب
في 7-7-2020، قال نصر الله إنّ "فعالية طرح الانفتاح على الصين ظهرت من خلال الغضب الأميركي والحملة المفضوحة على هذا الخيار". بات شعور اليانكيز بالغضب انتصاراً بحدّ ذاته. في حين أنّ شعباً جائعاً ومعدوماً، ينتقص من كرامته يومياً بانتقاص سعر صرف ليرته، يتخلّى عن أبسط طموحاته ورغباته يومياً، يفكّر بالانتحار الجماعي، لا يمكن أن يشعر بأي انتصار. لا طعم لكل ذلك إن كان طعم اللحم والخبز غائباً عنه. غاب عن خطاب نصر الله وحلوله لمنع "الانهيار والسقوط والجوع" أي موقف في الإصلاح. صفر طروح إصلاحية، صفر أموال منهوبة، صفر عدالة وقضاء، صفر تطهير إداري، فقط زراعة وصناعة خفيفة.

في 1-5-1970، بمناسبة عيد العمال، أطلّ الزعيم جمال عبد الناصر على المصريين والعمال والفلاحين والطلبة وقال "إنتاجنا الزراعي تحت المعركة يزيد، إنتاجنا الصناعي تحت المعركة يزيد، اقتصادنا تحت المعركة أقوى". قبل هذا الخطاب بثلاث سنوات، مني العرب بالنكسة. وبعده بثلاث سنوات، منيوا بهزيمة أكتوبر. وبينهما، وبعدهما، تاريخ وتسلسل من الهزائم العامة والخاصة، في السياسية والاقتصاد، في الاجتماع والثقافة.

أما في 7-7-2020، فيطلّ علينا نصر الله ويقول "نحن اليوم في معركة الزراعة والصناعة، وهي مفخرة لنا وإذا فينا نزرع عالأسطح سنزرع". بالروكا، نواجه العقوبات والحصار!

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024