أسبوع على انفجار المرفأ: مسيرات "يالله إرحل ميشال عون"

وليد حسين

الثلاثاء 2020/08/11
"في بلادي يموت من يستحق الحياة على يد من يستحق الموت". جملة تختصر ما يفكر به اللبنانيون بمن يحكمهم اليوم. وتعبر في الوقت نفسه عن الحزن والغضب الذي يسيطر على وجوه الذين مشوا اليوم الثلاثاء في 11 آب، في مسيرة ذكرى مرور أسبوع على الانفجار المروع الذي وقع في مرفأ بيروت.

عبر الطرق المنكوبة 
انفجار أسفر عن وقوع 171 قتيلاً ونحو 40 مفقوداً، وأكثر من 6 آلاف جريح، تطلّب حوالى 1500 جريح منهم علاجات دقيقة خاصة، و 120 جريحاً لا يزالون في العناية الفائقة. انفجار هز ضمير العالم، وأعاد نبض الثورة إلى ساحات بيروت من جديد.

ورغم أن المسيرة أتت للتعبير عن الحزن وللوقوف دقيقة صمت على أرواح قتلى الانفجار، إلا أن السياسة حضرت في العودة إلى المطالبة بإسقاط رئيس الجمهورية، كما بدا من هتافات المشاركين وشعاراتهم. وتحولت ذكرى مرور أسبوع على ضحايا الانفجار إلى دعوة رحيل رئيس الجمهورية، بما يشي بوجود توافق بين المجموعات على البدء برفع هذا المطلب بشكل أساسي في الأيام المقبلة.   

مسيرة حاشدة انطلقت من منطقة الجميزة المنكوبة، التي تدمرت معظم أبنيتها بشكل تام، وتضررت فيها كل المؤسسات التجارية والمقاهي. مسيرة حاشدة شارك فيها مئات المواطنين والمواطنات، سارت باتجاه محطة شارل حلو، مروراً بشارع مار مخايل، الذي تضرر بدوره بشكل مرعب، جراء الانفجار.

وتقدم المسيرة شبان وشابات حملوا لافتة كبيرة كتبوا عليها "في بلادي يموت من يستحق الحياة على يد من يستحق الموت"، رافعين صور ضحايا الانفجار، مرتدين الثياب البيضاء، رسالة سلام... رغم كل الغضب البائن على وجوههم وفي صدورهم، وتوقاً للخلاص من الطبقة السياسية المتهمة بالوقوف خلف هذا الانفجار، الذي هز العالم وأعاد التذكير بتفجيرات مماثلة وقعت في التاريخ على مثال هيروشيما.

أمام المرفأ
وجوه كثيرة في هذه المسيرة ألفتها التظاهرات الضخمة التي كانت تنظم بعد انتفاضة 17 تشرين، في مشهد يعيد التذكير بتلك التظاهرات التي تعبر عن حيوية المجتمع المدني اللبناني في وجه قباحة وجوه رموز سلطتهم المتهمة بالتسبب بالانفجار المجزرة.

مسيرة حاشدة أتت بعد يوم على سقوط حكومة حسان دياب، وكأنها بذلك تجنبت المزيد من اللعنات والشتائم، لتنحصر الهتافات على إسقاط رئيس الجمهورية. 

وفي موازاة هذه المسيرة، كان مئات المواطنين في انتظارهم في منطقة شارل حلو أمام تمثال المغترب، المقابل لمؤسسة كهرباء لبنان، لجهة مرفأ بيروت، حيث وقعت الكارثة. وبينما كان المشاركون يضيئون الشموع التي كتب عليها أسماء جميع ضحايا، كانت المنصة الضخمة التي وضعت في المكان تعرض صورة كبيرة لرئيس الجمهورية ميشال عون كتب عليها "كنت تعلم"، وهتف البعض ضده داعين إلى إسقاطه.

ونفذ الجميع وقفة احتجاج وصمت أمام المرفأ. ففي تمام الساعة السادسة وست دقائق توقفوا دقيقة صمت على أرواح القتلى، وبالتوازي علا صوت قرع أجراس الكنائس والصلاة في الجوامع.

إلى الساحة والبرلمان
وسار جميع المشاركين في مسيرتين ضخمتين، واحدة مرت من أمام محطة شارل حلو وصولاً إلى ساحة الشهداء والأخرى مشت على جسر شارل حلو وصولاً إلى ساحة الشهداء أيضاً، حيث كان حشد كبير من المواطنين في انتظارهم.

وتوجه المتظاهرون إلى أمام مجلس النواب ورفعوا مشنقة من على الجدار الإسمنتي الضخم وضعوا عليها مجسماً يمثل الرئيس عون وأحرقوه على وقع "يالله إرحل ميشال عون"، كما كانوا يهتفون في تظاهرات تشرين. وبدوا مجهزين لمواجهة قوات مكافحة الشغب وراحوا يرشقون الحجارة إلى خلف الجدار.

وتوزع المتظاهرون على أكثر من مدخل من منافذ المجلس، وأقدم عدد منهم على رشق قوات مكافحة الشغب بالحجارة، وردت عليهم الأخيرة بإطلاق القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي لإبعادهم.

وبعد ساعات على محاولة المتظاهرين انتزاع أسوار المجلس، وتراجع القوى الأمنية واختبائها خلف الأسوار، طالبت قوى الأمن الداخلي "المتظاهرين السلميين، حفاظاً على سلامتهم، بالخروج فوراً من الأماكن التي تحصل فيها الاعتداءات على عناصر مكافحة الشغب". وبدأت موجة القمع أسوة بالأيام السابقة، وسقط عدد من الجرحى، في وقت أعلن الصليب الأحمر اللبناني عن تسيير 12 فرقة تابعة له للعمل على نقل الجرحى وإسعاف المصابين في مكان التظاهرة.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024