القاضي جان العليّة طيّر صفقة البواخر.. هل يطير؟

خضر حسان

السبت 2017/08/12
لم يوافق رئيس دائرة المناقصات في التفتيش المركزي، جان العليّة، على تمرير صفقة بواخر الطاقة التي يريد وزير الطاقة سيزار أبي خليل تمريرها بحجة تأمين ساعات تغذية إضافية في فصل الصيف.

العليّة أصدر قراره برفض المناقصة نظراً لوجود عارضٍ وحيد، وهو الشركة التركية كارادينيز. وبذلك، ينتفي مبدأ المنافسة، وتنتفي الحاجة إلى اجراء مناقصة. غير أن الحجج القانونية التي استند إليها العليّة، أزعجت المستفيدين من الصفقة. فكان الهمس بإزاحة العليّة من منصبه.

لم يُتّخذ حتى الآن أي قرار رسمي بتنحية العليّة، لكن مصادر مطّلعة على الملف ترجّح القيام بهذا الخطوة، لأن العليّة "نَسَفَ مناقصة البواخر بشكلها المطروح حالياً، إذ فنّد المخالفات، وأولها ان المناقصة تتضمن دفتر شروط مفصّل على قياس الشركة التركية. والمستفيدون من الصفقة كانوا يحاولون تغيير الشروط أثناء دراسة الملف، وهو أمر لا يمكن تمريره، لأن أي تغيير في الشروط يستوجب إعادة فتح الباب أمام العارضين، ولا يجوز تغيير الشروط بناءً على مصلحة إحدى الشركات، بل إن دفتر الشروط يوضَع، وعلى الشركات أن تُلائم وضعها ليتناسب مع الشروط، لا العكس".

وتشير المصادر في حديث لـ"المدن" إلى أن المستفيدين من كارادينيز، "حاولوا إيجاد عارضين آخرين عبر تأمين تحالف بين شركات عدة، لكن الحل يُلزم التحالف بخبرة مسبقة، وهو أمر غير موجود، ناهيك بأن صيغة التحالف يجب أن تكون موجودة قبل الدخول في المناقصة، ولا يجوز تأسيس التحالف أثناء مناقشة المناقصة، فأي تغيير يجب أن لا يحصل في مرحلة نقاش العرض المالي، لأن الخطوات الصحيحة تقتضي بإنجاز الشقّ الإداري، ثم الفني، يليه المالي".

الإجراءات الصورية التي يريد تمريرها المستفيدون من كارادينيز حمّلت جملة من الموظفين في التفتيش المركزي، أثقالاً تفوق طاقتهم، "فهؤلاء رفضوا الموافقة على الشروط الصورية للمناقصة. ما حثّ المستفيدين من كارادينيز على طلب شركة استشاري تعطي رأيها في العملية.

وللمفارقة، دفع المستفيدون من كارادينيز في اتجاه تعيين استشاري حليف، أوصى بتعديلات في الشروط تتناسب مع الشركة التركية. ونظراً لخدماته، طلب الاستشاري من ديوان المحاسبة مبلغ 75 مليون ليرة بدل أتعاب، وهو مبلغ كبير جداً".

في النتيجة، رفض جان العليّة تمرير الصفقة، فإرتفعت المتاريس أمامه، وبات وجوده في دائرة المناقصات خطراً جداً على أصحاب الصفقات. وترى المصادر أن قضية العليّة هي "قضية قانون في مواجهة الفساد. فتمرير صفقة البواخر بالشروط المطروحة حالياً، هو ضرب للقانون بعرض الحائط. وتنحية العليّة هي إلتفاف على كلام رئيس الجمهورية ميشال عون بشأن مكافحة الفساد، وتوجيهاته لكل من يريد محاربة الفساد، بأن يبدأ عمله تحت سقف القانون، دون أن يخشى أحداً. لكن يبدو أن من يريد العمل وفق القانون عليه أن يخشى من يحتمي برئيس الجمهورية ويحمل لواءه".

أما في حال حصول الأسوء، فإن ذلك يصب في مصلحة العليّة، في نظر المصادر، "فهو قاضٍ نزيه، وحائز تنويهات عدة منذ دخوله التفتيش المركزي في العام 1993، وهو أستاذ جامعي ويمكنه ممارسة عمل أكاديمي بعيد من التجاذبات السياسية. وبقاؤه في منصبه يضعه أمام الموافقة القسرية على الملف، في حال قرر مجلس الوزراء الموافقة عليه بالشروط الحالية. وحينها، يصبح العليّة في موقع الموظف الذي عليه اتباع أوامر مجلس الوزراء، حتى وإن كانت لديه ملاحظات مختلفة بشأن الملف".

في المقابل، وَعَد مكتب أبي خليل، في حديث لـ"المدن"، أن يوضح موقف الوزير من الملف. لكن التوضيح لم يحصل. غير أن مصادر في وزارة الطاقة نفت أن يكون الوزير قد اتخذ قراراً بشأن العليّة كعقاب له على رفض الصفقة، دون أن تنفي "التداول بهذا الاحتمال، خصوصاً أن موجة الإقالات والمناقلات السياسية منتشرة في البلاد في الآونة الأخيرة".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024