اللواء ابراهيم ينجز مهمته: زكا حرّ والأميركيون يتفاءلون

المدن - لبنان

الأربعاء 2019/06/12

في الساعة الخامسة والثلث من بعد ظهر الثلاثاء 11 حزيران، حطت بمطار بيروت الطائرة الخاصة، التي تقل المدير العام للأمن العام، اللواء عباس ابراهيم، موفداً من رئيس الجمهورية ميشال عون إلى طهران، حيث تسلم المواطن اللبناني نزار زكا، الذي كان موقوفاً لأكثر من ثلاث سنوات في أحد السجون الإيرانية.
وعلى الفور، توجه ابراهيم وزكا من المطار مباشرة إلى القصر الجمهوري في بعبدا، ليستقبلهما رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع عائلة زكا.

"لا عمالة ولا عمولة"
وفي كلمة  تلاها نزار زكا من قصر بعبدا، بعد لقائه الرئيس عون، قال: "أتوجه إليكم، للمرة الأولى، من بيت الشعب اللبناني تحت شمس الحرية التي اشتقت إليها. لقد أمضيت ثلاث سنوات في المعتقل بعيدا عن عائلتي وأصدقائي، وأنتم السند الحقيقي، ومنكم استمددت القدرة على المقاومة". وأضاف: "ما زلت قوياً صامداً، ورأسي مرفوع، فلم يتغير فيّ إلا زيادة شراستي في الدفاع عن حرية التعبير والوصول إلى الانترنت.. قبل الاعتقال لم أتعد يوماً على أحد، وأنا ما زلت كما كنت، فلا عمالة ولا عمولة. لن أخوض في تفاصيل الخطف والاعتقال والتهم الباطلة ومجرى المحاكمة الصورية". وقال: "السجن في إيران زاد من عزيمتي للدفاع عن حقوق الإنسان".

وأعلن: "إن المبادرة من أولها إلى آخرها ولدت في لبنان. واليوم، تنتهي في لبنان. فهي صناعة وطنية، وكانت نتائجها إيجابية وأوقفت الكثير من الذي كان سيصيب المنطقة".

وفي دردشة مع صحافيين، قال زكا: "كنت رهينة لدى الحرس الثوري الايراني، انسجنت سنة زيادة لأني رفضت تصوير فيديو طُلب مني خلال توقيفي لأتحدث فيه عن أشياء مش مقتنع فيه.." وعندما سُئل: "شكرت الجميع إلا حزب الله؟" فأجاب: Pass (بمعنى لا جواب).

ومساء، قام نزار زكا بزيارة رئيس الحكومة، سعد الحريري شاكراً إياه "على الجهود التي بذلها والمواقف التي اتخذها وعلى دعمه لي، فهو لم يفوت فرصة لأي زائر إيراني يأتي إلى لبنان إلا وكان يسأله عن أوضاعي ويرسل رسائل إلى جميع المعنيين للإفراج عني، كوني مواطناً لبنانياً بريئاً".

خبرة ابراهيم
من جهته أعلن المدير العام للأمن العام، اللواء ابراهيم، بعد انتهاء اللقاء مع الرئيس عون ، أن "نزار زكا عاد إلى لبنان نتيجة رسالة من الرئيس عون إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني". مؤكداً أن "محط كلام المسؤولين الإيرانيين أن رغبة الرئيس عون ستلبى خلال 48 ساعة، وسيتم إطلاق سراح نزرا زكا بناء إلى طلب الرئيس عون". وأضاف: "ما يهمنا أن أي مواطن وأي حامل للهوية اللبنانية، في أي من بقاع العالم، ولو خالف قوانين الدولة المقيم فيها، دورنا أن نستعيده".

ولفت ابراهيم إلى أنه "عند زيارة غنوة زكا لي طلبت مني العمل على إنهاء ملف نزار، ووعدتها أن نجد حلاً، خصوصا أن لنا خبرة بهذا الموضوع، وما كان ينقصنا هو وجود رئيس الجمهورية".

وكشف ابراهيم أنه "تابع الموضوع بتفاصيله من مساء الإثنين، وقلت للرئيس عون أنه منذ لحظة وصولي إلى طهران كانت كل الأبواب مفتوحة، تحت عنوان أنني مرسل من قبل رئيس الجمهورية، وإطلاق سراحه تم بناء لرغبة الرئيس عون". ولفت إلى أنه "قرأ ما نقل عن مصدر في وكالة فارس، ونحن نعرف في عملنا الأمني والإعلامي معنى المصادر. وهذا الموضوع لا أساس له من الصحة. الرئيس تمنى، وأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله دعم هذا التمني، وحزب الله له دور، ولكن الأساس هو طلب الرئيس عون".
وشدد ابراهيم: "في موضوع الصفقات، أنا والرئيس لا ندخل فيها. وزكا يحمل الهوية اللبنانية، ونحن يجب أن نستعيد أي مواطن يحمل الهوية اللبنانية، ولا أعتقد أن زكا وقّع على أي شيء"، مشيراً إلى أن "موضوع اللبناني قاسم تاج الدين هو في ضميري. وأنا التقيته في سجنه في أميركا. وهذا الموضوع ليس متروكا"، لافتاً إلى أن "الموقوفين في الإمارات في ضميري.. وعمر شوق والموقوف في قطر في ضميري. والمطرانين وسمير كساب في ضميري أيضاً".

يُذكر أنه أثناء وجود اللواء إبراهيم في طهران لمتابعة الترتيبات الأخيرة للإفراج عن نزار زكا، نشرت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية (المقرّبة من الحرس الثوري الإيراني)، خبراً مثيراً نسبته إلى ما سمّته "مصدراً مطلعاً"، مفاده أنه "في خلال ساعات سيتم الإفراج عن الجاسوس اللبناني- الأميركي نزار زكا، وسيتم تسليمه إلى "حزب الله" في لبنان. وحسب وكالة أنباء "فارس" فإن المصدر نفسه أكد أن "تسليم هذا الجاسوس الأميركي – اللبناني يأتي فقط بناء على طلب ووساطة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله"، مشدداً على أنه "لم تجر في هذا السياق أي مفاوضات على أي مستوى مع أي شخص أو حكومة"، مشيراً إلى أن هذا الأمر "تحقق فقط بناء على احترام ومكانة السيد نصرالله لدى الجمهورية الإيرانية".

وكان اللواء ابراهيم وصل الأحد إلى إيران واجتمع الاثنين مع زكا لأكثر من ساعة، حين قدّم له زكا باقة ورد وقالب حلوى تعبيراً عن شكره له. وفور وصوله قال له اللواء إبراهيم: "كما وعدتك في الزيارة الأخيرة أن المرة المقبلة سأصطحبك معي. أتيت لأوفي هذا الوعد وسنعود غداً معاً إلى بيروت".

التصريح الأميركي
وبعد وصول نزار زكا إلى بيروت، علقت متحدثة باسم الخارجية الأميركية، قائلة أن إطلاق إيران سراح المحتجز اللبناني نزار زكا، الحاصل على الإقامة الأميركية، هو يوم رائع له ولأسرته وأنصاره. وأضافت المتحدثة أن أميركا تأمل أن يكون الإفراج عن نزار زكا مؤشراً إيجابياً بالنسبة للمعتقلين الأميركيين في إيران.

مسار الإفراج
وبدأت رحلة الإفراج "الجدّية" عن نزار زكا في 3 أيار الماضي، من خلال الرسالة التي سلّمها وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، إلى نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، عبر السفير الإيراني في لبنان حمد جلال فيروزنيا، تضمّنت طلباً بإصدار عفو خاص عن زكا لمناسبة شهر رمضان. واستتبع هذا الاجتماع بلقاء في 10 أيار منه بين الرئيس اللبناني والسفير الإيراني، طلب خلاله الرئيس عون نقل كتاب رسمي إلى نظيره الإيراني حسن روحاني يطلب فيه العفو عن زكا. وسبق هاتين المحطتين اتصالات على أعلى المستويات بين الجانبين الإيراني واللبناني، توّجت بتكليف اللواء عباس إبراهيم (كان شارك في الاتصالات منذ أشهر) من قبل عون زيارة طهران لوضع اللمسات الأخيرة على عملية إطلاق زكا، بعد عقده سلسلة لقاءات مع المعنيين في طهران لترتيب عودته إلى بيروت.

صفقة تبادل ؟
وتقاطعت عملية الإفراج عن نزار زكا مع معلومات أشارت إلى أنها من ضمن صفقة أميركية - إيرانية تشمل تبادل سجناء إيرانيين في الولايات المتحدة مقابل سجناء أميركيين في طهران، من ضمنهم زكا، كَونه يملك تصريحاً بالإقامة الدائمة في الولايات المتحدة.

ومع أن اللواء إبراهيم نفى كل ما أشيع عن تبادل زكا مع أسرى آخرين، أو أن تكون العملية ضمن مقايضة واسعة كما نقلت بعض وسائل الإعلام، إلا أنه كشف بطريقة غير مباشرة عن عمله على أربعة ملفات منفصلة عن بعضها البعض، إطلاق سراح لبنانيين في الإمارات وقطر وقضية تاج الدين الموقوف في أميركا بتهمة العمل لصالح حزب الله.

عملية الإفراج عن زكا تطرح بهذا المعنى علامات استفهام كثيرة، خصوصاً أن قضية زكا كانت محط اهتمام أميركي واضح وعلني. وربطت بعض المصادر هذه الخطوة الإيرانية "الإيجابية" تجاه بيروت، بزيارة سرّية قام بها مدير عام الأمن العام اللبناني إلى الولايات المتحدة منذ فترة ليست ببعيدة، ولقائه قاسم تاج الدين لمدّة ساعتين في مكان توقيفه في أميركا.

وتاج الدين مُدرج على اللائحة السوداء في الولايات المتحدة منذ العام 2009 مع شقيقيه حسين وعلي. كما أدرجته وزارة الخزانة الأميركية على لائحة العقوبات، واتّهمته بتبييض الأموال واستخدامها في دعم نشاطات إرهابية، وإدارة العديد من الشركات التي تُغطّي أعمال "حزب الله" في أفريقيا.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024