مفاوضة صندوق النقد و"إسرائيل": جبهتان لتصادم ميقاتي وعون

منير الربيع

الثلاثاء 2021/10/05
بدأت التعقيدات تعصف بمسار الحكومة وعملها. خلاف لا يزال صامتاً ومضبوطاً بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة نجيب ميقاتي. ويبقى السؤال حول القدرة على استمرار التعتيم عليه.

خلافات مبيتة
وكان المؤشر الأول للخلاف والسعي لإبقائه غير علني، تلك التصريحات المتناقضة حول اللجنة التي تم تشكيلها للتفاوض مع صندوق النقد الدولي. وقالت مقررات مجلس الوزراء حينذاك أن اللجنة تشكلت من نائب رئيس الحكومة والوزراء المعنيين وحاكم مصرف لبنان، وخبراء ماليين هم في الحقيقة مستشارا رئيس الجمهورية للشؤون المالية. بينما كان موقف رئيس الحكومة مختلفاً، فأشار إلى أنه قد يستعان بخبراء تقنيين وماليين، عندما تقتضي الحاجة.

والاختلاف في التصريحات بهذا الشأن مستمر. فأشار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى بدء جلسات التفاوض تقنياً مع صندوق النقد، بمشاركة نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي ووزير المال والوزراء المعنيين وحاكم مصرف لبنان. ولم يشر ميقاتي إلى حضور أي من المستشارين في الاجتماعات. ولكن في الأساس، عندما أصر رئيس الجمهورية على تعيين مستشاريه في اللجنة، كان سبب ذلك أساسأ هو المشاركة الفعلية في المفاوضات، انطلاقاً من ما يعتبره عون حقاً دستورياً له. فالدستور ينص على أن توقيع الاتفاقيات أو المعاهدات الدولية من صلاحية رئيس الجمهورية، هذا أولاً. وثانياً يريد عون أن يكون شريكاً أساسياً في أي مفاوضات تتعلق بالملف المالي والتدقيق الجنائي، لأنه لن يتخلى عن هذه المسائل. ويشير البعض إلى أن إصرار عون يتعلق بانعدام الثقة بينه وبين ميقاتي، أو بسبب وجود اختلافات جذرية في وجهات النظر والمقاربات.

خلافات بمعظم الملفات 
وهذه الاختلافات لا تنسحب فقط على الملف المالي أو التدقيق الجنائي أو خطة المصارف ووضع مصرف لبنان، وإصرار عون على محاسبة حاكمه، بل تتسع لتطال ملفات الكهرباء، ومقاربة الانتخابات النيابية، وخطة التفاوض مع صندوق النقد الدولي حول الجهة التي يجب أن تتحمل مسؤولية الانهيار والخسائر، وصولاً إلى ملف ترسيم الحدود البحرية.

وهي خلافات مرشحة للتزايد بين الطرفين، وسيكون لها أبعاد متعددة تؤدي إلى تعثر انطلاقة الحكومة وعملها، لا سيما في ظل بروز توقعات تشير إلى أن الخلافات قابلة للانفجار في أي لحظة. ما يعني العودة إلى العوائق والعقبات القديمة التي اعترضت طريق حكومة حسان دياب.

رهان لم يتحقق 
ويستند ميقاتي على علاقات عربية ودولية يتمتع بها، وخصوصاً مع الفرنسيين والأميركيين وبريطانيا. وهو يراهن على أن تشكل هذه العلاقات رافعة له ولحكومته، معتبراً أنه قادر على استثمارها في علاقته مع عون وباسيل، اللذين يضطران إلى مراعاته في حال أرادا تحسين علاقاتهما بالمجتمع الدولي.

وفيما يرى ميقاتي أن باريس التي تدعمه غير قادرة على فتح أبواب السعودية أمام حكومته. وخصوصاً بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان السعودية، ولقائه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وعدم تحقيق الزيارة أي خرق في الملف اللبناني. فالموقف السعودي كان واضحاً: عدم استعداد المملكة لتقديم أي مساعدات للبنان في ظل سيطرة حزب الله، واعتماد الدولة اللبنانية السياسة نفسها.

أميركا والسفراء
ولكن ميقاتي يراهن على أنه في حال نجح في تحقيق خرق مع الأميركيين في ملف ترسيم الحدود، يحظى بدعم واشنطن لفتح أبواب السعودية له. لذا لا بد من التركيز على الخلاف بين ميقاتي وعون على ملف ترسيم الحدود.

والملف هذا خلافي ويتعلق بالتعيينات الديبلوماسية. ويسعى ميقاتي إلى تحقيق خرق كبير فيها. وهو يفكر في إعادة إحياء مبدأ المداورة بمناصب عدد من السفراء، وخصوصاً السفير اللبناني في واشنطن. ويريد ميقاتي القيام بمداورة، بين سفير لبنان في واشنطن والسفير لدى الأمم المتحدة، والعودة إلى ما كان قائماً في السابق: أن يكون سفير لبنان في العاصمة الأميركية من الطائفة السنية، وسفير لبنان في نيويورك مسيحياً. وفي حال نجح ميقاتي في ذلك، يقترح السفير مصطفى أديب لتمثيل لبنان لدى الولايات المتحدة الأميركية. لكن عون لا يزال يعارض هذه الخطوة. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024