عون – نصرالله: إختلاف الأولويات

كبريال مراد

السبت 2015/05/02



 ليست المرة الأولى التي تبدو فيها الأولويات غير منسجمة كلّياً بين التيار الوطني الحر وحزب الله. فمنذ بداية الأزمة السورية وتفكير الحزب ينحو خارج الحدود، اما في الداخل، فرغبة في بقاء الوضع على حاله، مع تقدم بند الاستقرار الداخلي على ما عداه.

اما في جانب التيار، فيبدو في حراكه في خط متصاعد في مقاربته لاعادة ترميم البناء الداخلي. ففي خلوة التكتل التي نظّمتها امانة سرّه في دير مار الياس الكنيسة، عشية التمديد الأول للمجلس النيابي، اطلق عون صرخة تحذيرية اولى بقوله بوضوح " لا يمكن ترك الملفات الداخلية وفي مقدمها الاصلاح، لأن المقاوم الواقف على الحدود، وعندما سيرى بنيان الدولة التي يدافع عنها ينهار، سيترك بندقيته ويفقد قضيته".

وفي الخلوة الثانية التي عقدت في دير مار يوحنا القلعة في بيت مري، كانت صرخة عون الثانية والاكثر وضوحاً " حليفي من يتحالف معي على الاصلاح". بدا جلياً أن الاولويات مختلفة بين حزب المقاومة وحزب الاصلاح. فالأول يريد التفرّغ للأخطار الخارجية، والثاني يرى أن الأخطار الداخلية لا تقلّ اهمية، وأن بقاء الهيكل بلا تحصين، سيؤدي الى تداعيه على رؤوس الجميع.

يقول المطلعون على كواليس ما يحصل على خط الرابية والضاحية الجنوبية، انه وفي الأشهر الماضية، بدا أن كل شيء يسير في الحد الأدنى.  فالحكومة تعمل بالحد الأدنى، والمجلس النيابي الباحث عن جلساته التشريعية، تحت هذا الحد ايضاً. والرئاسة باتت في الشغور المستمر، ولا شيء يوحي حتى اللحظة في الافق ان شيئاً سيتبدّل. ما العمل اذاً؟ لا بد من ابقاء  الحوارات بين الخصوم والشركاء والأخوة الأعداء،  على قيد الحياة بأوكسيجين الوعود والمواعيد.

لذا، وضمن هذا السياق وهذه المقاربة، وبعدما  كثر الحديث في الايام الماضية عن لقاء مرتقب بين السيد والجنرال، حصل اللقاء عصر الخميس.فانطلق موكب عون من الرابية في اتجاه المكان المحدد. وعند اللقاء تعانق الرجلان بعد غياب،  في حضور وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل والمعاون السياسي لنصرالله حسين خليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا.

في البيان المقتضب الذي صدر عن الحزبين اعلان عن حصول اللقاء والعرض لخطر الإرهاب التكفيري، وضرورة مواجهته بالوسائل كافة. وكان بحث  كذلك في الاستحقاقات الداخلية وفي مقدمها الرئاسة الأولى. هنا كان التزام قديم-جديد من حزب الله بما يقرره عون على هذا الصعيد. قيل في تلك الغرفة " نحن معك حتى النهاية...ومفاتيح الحل والربط على هذا الصعيد في يدك".

وبحسب ما رشح عن اللقاء لـ"المدن" فإن وجهات النظر  كانت متطابقة بين الحاضرين في كلّ النقاط التي تضمنتها اجندة الاجتماع من رئاسة الجمهورية والتعيينات الامنية والعسكرية وصولاً الى الجلسة التشريعية والوضع الحكومي والوضع الاقليمي. ولم يكتف الطرفان باجراء قراءة اكّدت تطابق مواقفهما من هذه المسائل بل استعرضا كلّ الاحتمالات والخيارات المتاحة ازاء كلّ من الملفات. وبنتيجة التوافق الكامل انتهى الاجتماع الى ما يشبه خريطة طريق للمرحلة المقبلة يفترض ان تتسّع دائرة مشاوارتها لتشمل باقي القوى السياسية الحليفة كما مختلف الاطراف السياسيين المعنيين في هذه الاستحقاقات.

ولكن، ووفق المعلومات، فالنقاش ابقى هامشاً من حرية الحركة والقرار لكل طرف في ما سيقوم به عند ساعة الحسم. ما يوحي بأن التيار قد يجد نفسه وحيداً مع مواقفه المبدئية في ملفات محددة، على غرار ما حصل مع التمديدين الأول والثاني للمجلس النيابي. ففي ملف التعيينات الأمنية، ومع تلقي عون دعم الحزب في تحرّكه الهادف للدفع في اتجاه التعيين لا التمديد، الاّ ان المعلومات تقول إن حزب الله، وفي حال ايقن ان لا مجال للتعيين في ظل الاصطفافات والارادات السياسية، فإنه يفضّل أن يبقى رأس الهرم العسكري على حاله في ظل التحضيرات المستمرة للتطورات الميدانية عند السلسلة الشرقية.

وسط كل ذلك، هناك من يقول إن بين اليوم والاول من ايلول، موعد احالة قائد الجيش على التقاعد، اكثر من تطور وتبدّل، وما يبدو مستحيلاً اليوم قد يصبح سهلاً في حينه، والعكس صحيح.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024