الفرنسيون يجتمعون بحزب الله: من ينكسر باريس أم الضاحية؟

منير الربيع

الأربعاء 2020/09/16
جرى اتصال فرنسي بالرئيس المكلف مصطفى أديب، دفعه إلى تأجيل زيارته قصر بعبدا ظهر الأربعاء، واستمهال المبادرة الفرنسية 24 ساعة إضافية، في محاولة لإنقاذها.

اتصالات مكثفة بمشاركة مصرية
وتوسعت مروحة الاتصالات الفرنسية، مع القوى السياسية اللبنانية، كي لا تعلن باريس وفاة مبادرتها. واستمرت الاتصالات طوال ليل الثلاثاء، ونهار اليوم الأربعاء، في الاتجاهات كلها. في موازاة تحرك مصري على خطّ القوى السياسية المختلفة، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

وكان السفير المصري في بيروت ياسر علوي يتحرك على أكثر من خط، بعيداً من الإعلام. وكانت زيارته العلنية الوحيدة لقصر بعبدا، ولقاؤه رئيس الجمهورية. وهو التقى أيضاً الرئيس المكلف مصطفى أديب، والرئيس سعد الحريري، لكن بعيداً من الإعلام.

إصرار الثنائي على المالية
وكانت احتمالات تعويم المبادرة الفرنسية قد انعدمت، لكن فرنسا لم تستسلم. فدخل رئيس المخابرات الفرنسية الخارجية بقوة على خطّ الاتصالات، متناولاً التفاصيل كلها. واستمر الثنائي الشيعي على ثباته، في مقابل تصلب رؤساء الحكومة السابقين. ويراهن الثنائي على تقديم فرنسا تنازل جدّي، ومنحهما وزارة المال وتسمية الوزراء الشيعة. لذا تحدثت مصادر عين التينة عن "تصويب" مسار مفاوضات التأليف. والتصويب يعني للثنائي القبول بمنحهما ما يريدون.

والنتيجة: إما يبرم التوافق خلال الساعات القليلة، وإما تنتهي المبادرة الفرنسية.

في الحالتين التضارب في المعطيات والمعلومات والمواقف، قائم. وفي اللحظات الحرجة يمكن تحقيق خرق معين، فتنقلب وجهة الأمور إلى عكسها تماماً. وهنا أيضاً كل طرف يبحث عن إلقاء أعباء التعطيل عن كاهله، ويرميها على الآخرين. فتشيع أجواء إيجابية خشية إفشال المبادرة.

فرنسا وحزب الله وجهاً لوجه  
وضع اللاعبون غير الأساسيين جانباً، وأصبحت المسألة مباشرة بين حزب الله والفرنسيين. في ساعات مقبلة من هذا النهار، الأربعاء، يعقد لقاء بين الحزب والفرنسيين. لم يُعرف ما إذا كان اللقاء إلكترونياً، أم يعقد في السفارة الفرنسية ببيروت، أم أن وفداً فرنسياً سيزور لبنان.

ليل الثلاثاء كان يفترض ببرنار إيمييه أن يزور لبنان. لكنه عدل عن الزيارة، بعد موقف فرنسي ألغاها طالما أن الأطراف متصلبة على مواقفها. ولكن التطورات قد تبدّل المعطيات، وتحصل الزيارة اليوم الأربعاء، لحسم الأمور قبل غد الخميس.

من سنكسر؟
على خط موازٍ، كانت الولايات المتحدة الأميركية تراقب، وتسرّب أنها منحت مهلة جديدة للمبادرة الفرنسية. المهلة الأميركية المقصودة، هي بتنفيذ شروط واشنطن وتشكيل حكومة مستقلين من 14 وزيراً. وهذا لتحقيق ما كان يفترض أن يحققه نواف سلام مثلاً. وواشنطن لن توافق على دعم المبادرة الفرنسية إلا على على هذا الأساس، خصوصاً بعد المواقف التي اطلقها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو.

المواقف المتصلبة والمتشنجة، لا بد لها أن تؤدي إلى نتيجة من اثنتين: نجاح المبادرة، أو إعلان فشلها نهائياً، وترك لبنان لمواجهة مصير خطر جداً، في انتظار الانتخابات الأميركية. والمسافة الزمنية هذه مزروعة بالألغام.

لذا، لا بد الآن أن ينكسر أحد الأطراف: إما أن تنكسر الشروط الفرنسية، وتمنح فرنسا الثنائي ما يريده. بذلك يكون الانكسار الفرنسي قد تدرج على مراحل: من تمديد مهلة الـ 15 يوماً، إلى التنازل في مضمون المبادرة، التي تكون باريس قد خسرت في لبنان، في حال فشلها.

أما الاحتمال الثاني فهو تمرير حكومة بضغط دولي - فرنسي، تعاكس تطلعات ومطالب وشروط الثنائي الشيعي. وهذا يعني أن الثنائي انكسر. وفي هذه الحال يسير لبنان نحو وضع أكثر تعقيداً، عنوانه الطلب من حزب الله تقديم المزيد من التنازلات والانكسارات. وهذا ما لا يرتضيه حزب مثله على الإطلاق. فهو يعلم أن أي تنازل مهما كان بسيطاً، سيجر سبحة من التنازلات. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024