تحت رحمة صندوق النقد: مقاولات السياسيين ومعابر حزب الله

منير الربيع

الأربعاء 2020/05/13

إثارة قضية التهريب إلى سوريا، لم تكن مسألة عابرة أو منفصلة عن كل ما يعيشه لبنان. لقد أتت من الحاجة والضرورة والشروط التي تمنح الخطة الاقتصادية الإصلاحية معبرها الشرعي للتفاوض مع صندوق النقد الدولي. فمن بين الشروط الأساسية التي يضعها الصندوق، وهي تقع في صلب أعماله واهتماماته، ضبط الحركة عبر الحدود، ووقف التهريب، بالإضافة إلى مراقبة المرفأ والمطار.

المراقبة والمعاقبة
لن يكون ملف التهريب العابر للحدود هو الوحيد الذي سيُفتح. هناك ملفات كثيرة ستلحقه، من الكهرباء إلى شركات المقاولات والمقاولين. كلها ستكون عرضة للتشريح، والتقييم. وهي أيضاً لا تنفصل عن العقوبات المالية المفروضة على حزب الله، ومراقبة أصول الأموال وحركتها في المصارف.

جزء من هذه الرقابة وتسليطها على القطاعات المنتجة وتشريحها، يهدف إلى مراقبة حركة هذه الأموال أو ارتباط المقاولين بحزب الله ومدى الاستفادة منه. والهدف سياسي طبعاً، ولا يتعلق بمكافحة الفساد وحسب. فالفساد هو العنوان الذي يشكل مدخلاً للولوج إلى كل هذه الملفات وخباياها.

صحيح أن القوى السياسية على اختلافاتها تستخدم هذه الملفات، التي تفتح قضائياً من أجل تصفية حسابات سياسية في الداخل، وتقاذف الاتهامات مع الخصوم، وتلبيسهم بعض الجرائم. لكنها في مداها الأبعد تهدف إلى تقديم أوراق اعتماد إلى القوى الدولية والمجتمع الدولي وصندوق النقد الدولي.

الحدود وحزب الله
من التحقيقات في ملف الفيول المغشوش، إلى مكافحة التهريب العابر للحدود، وخصوصاً المواد الأساسية المدعومة من مصرف لبنان، كما هو الحال بالنسبة إلى الغاز والبنزين والمازوت والطحين إلى سوريا.. هذه الملفات، بالإضافة إلى غيرها، ستطفو على سطح الأحداث اللبنانية في المرحلة المقبلة، بالتزامن مع التفاوض مع صندوق النقد الدولي. وبالتأكيد، معركة تصفية الحسابات ستظل مفتوحة بين القوى السياسية من جهة، وبين بعض الدول وحزب الله من جهة أخرى، من خلال الضغط عليه أكثر، واتهامه بأنه هو الذي يعمل على تهريب المحروقات والمواد المدعومة إلى سوريا عبر المعابر التي يسيطر عليها.

ضبط الحدود والمعابر، والمرفأ والمطار، سيكون العنوان الدولي الأساسي كمدخل للإصلاح، ولوقف الهدر والفساد وضبط مالية الدولة. وهنا حتماً ستكمن المفاوضات السياسية التي ترتبط بترسيم الحدود، والتي ستكون مترابطة بين الحدود الشرقية والحدود الجنوبية. وهي إحدى الشروط الأميركية ليتمكن لبنان من الحصول على مساعدات. الضغط سيزداد وسيتكثف.. لإجبار حزب الله على تقديم تنازلات في هذه الملفات.

باسيل والخواجة وآل رحمة
وليس الحزب وحده الذي سيُجبر على تقديم التنازلات، إنما الدولة اللبنانية بكل أفرقائها، والتي يمكن العودة بقراءة هذه التنازلات إلى الإفراج عن عامر الفاخوري، وما سيليه من ملفات أخرى. خصوصاً، أن الإفراج عنه، ارتبط بتصريح مباشر للسفيرة الأميركية التي أعلنت أن إطلاق سراح الفاخوري قد جنّب شخصيات سياسية لبنانية فرض عقوبات عليها. وما سرى على الفاخوري سيسري على ملفات أخرى، كالفيول المغشوش، أو الكهرباء، أو غيرها من القطاعات. ولذلك فُضَّت بعض الشراكات منذ أسابيع أو أشهر، بين بعض أبرز المقاولين الذين استحوذوا على معظم المشاريع والمرافق في السنوات الاخيرة.

مثال على ذلك، رجل الأعمال علاء الخواجة الذي انسحب من مشروع معمل دير عمار، والذي كان فيه على شراكة مع آل رحمة. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الوزير جبران باسيل الذي نفض يديه من آل رحمة. وهو يتهم خصومه السياسيين وتحديداً القوات اللبنانية وتيار المردة بأنهما من الداعمين لهم، والمستفيدين منهم. خطوة باسيل هذه تأتي بعد ورود معلومات عن استعداد أميركي لفرض عقوبات على آل رحمة، تتعلق بأعمالهم في العراق. لذلك، نفض باسيل يديه من العلاقة معهم خوفاً من أن تطاله العقوبات الاميركية.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024