بيروت مدينتي: نحو 2022

عباس سعد

الأربعاء 2016/12/21

على مشارف نهاية العام 2016، يمكن وضع تجربة حملة بيروت مدينتي، ضمن قائمة الإنجازات القليلة، التي شهدناها في العام 2016. كأنها فسحة تفاؤل في عالم لا يثير، في ظل التأزم السياسي الموجود، سوى التشاؤم وإنعدام الأفق. فبيروت مدينتي، كانت نجاحاً سياسياً للفئة الناشطة المعارضة للحالة السائدة.

ويمكن اعتبار أنّه بعد الحراك المدني في صيف 2015 كان هناك حاجة ماسة لأن يكون هناك تجربة ناجحة تمثل بطريقة أو أخرى الناشطين المعارضين للفئة السياسية الحاكمة. وربما كان هذا هو الشعور الأساسي الذي دفع إلى العمل على حملة بيروت مدينتي، التي وإن لم تفز بمقاعد ضمن المجلس البلدي، إلا أن النسبة التي حصدتها عبّرت عن نجاح، أكد قدرة المشاريع السياسية الجديدة على التأثير في الناخبين وخياراتهم.

وقع الخيار، بين القائمين على الحملة، على الترشح لانتخابات بلدية بيروت لأسباب عدة. فبيروت هي العاصمة، والبلدية هي المؤسسة التي يمكن التواصل عبرها مع الناس في المواضيع الاجتماعية والإقتصادية، التي لا يخلو المجتمع المدني من الخبراء والناشطين والأكاديميين الناجحين في مجالاتها. وكانت الذهنيّة، التي انطلق منها القيّمون على الحملة، هندسة الحملة لشيء واحد: الفوز في الانتخابات وليس تسجيل موقف فحسب. وهذا سبب أساسي وراء تحقيق بيروت مدينتي نتيجة جيّدة رغم عدم فوزها. فهذا النهج في التفكير، رغم عاطفيته، كان محفزاً أساسياً لكل فرد ومتطوع في الحملة ليعطي أقصى ما يملك من قدرات.

النتيجة الإيجابية كانت حافزاً لاستمرار بيروت مدينتي. فبعد الانتخابات كان هناك فترة إنتقالية بذل فيها القيّمون على الحملة جهداً لضمان استمراريتها، وتمّ على إثرها انتخاب "بلديّة البديل"، التي تضمّ خمسة أعضاء هم: إيمان غندور، عبدالحليم جبر، زينة عبلة، ليون تليفزيان وأندريه سليمان. وهذه البلديّة البديلة، تشكلّ، ضمن مجال سياسي إنعدمت فيه المحاسبة تبعاً للتوافقات الحزبية التي هيمنت على الانتحابات مؤخراً، إحدى الهيئات النادرة الساعية للمحاسبة والمراقبة.

غير أن بيروت مدينتي اليوم لا تنحصر ببلدية البديل، بل هناك أيضاً لجان أحياء هدفها توسيع الإطار التشاركي مع الناس لاقتراح سياسات عمل للمدينة. بالإضافة إلى ذلك، هناك مجموعات عمل متفرقة تركز على ملفات آخرها، مثل ملفي النفايات وشاطئ الرملة البيضا.

يقول أعضاء من "بلديّة البديل"، لـ"المدن"، إنّ "مشروعنا يقوم على محورين اثنين، هما الشفافية ورؤية لبيروت عام 2022. ونحن نعتمد ثلاث وسائل للعمل: الرقابة، الضغط والتواصل". فـ"نسبة 40 في المئة من أصوات المقترعين، التي حصلت عليها بيروت مدينتي تفرض على الحملة طابعاً تمثيلياً لا يمكن إلّا الإستفادة من شرعيّته ضمن مفهوم التفكير السياسي البديل. لكن بلدية البديل لا تضع نفسها مكان البلدية الحالية لتقوم بمهماتها، إنما تراقب عملها وتتدخل عند الحاجة. كما أنها تلتزم الإيجابية في التعامل مع البلديّة المنتخبة".

هكذا، تنهي بيروت مدينتي العام 2016، بتشكيل "بلدية بديل" ولجان أحياء من شأنها متابعة قضايا الناس في بيروت ومراقبة عمل البلديّة المنتخبة لضمان الأفضل للناس. وكما أشارت "بلدية البديل"، فإنّ مشروعها يسير في اتجاه استراتيجي نحو العام 2022. ما يعني أنّ نجاح هذا العام أمّن مساحة عمل تتابع قضايا المواطنين على مدار أعوام أخرى.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024