إيطاليا تتحسّب للفوضى التي تضرب لبنان

وليد حسين

الجمعة 2018/08/10

بعد الزيارات المتتالية التي قام بها اعضاء في الحكومة الايطالية إلى لبنان ومصر وليبيا وتونس، اعتبرت وزيرة الدفاع الايطالية اليزابيتّا ترينتا، في حديث إلى قناة Tg 5 الإيطالية إثر زيارتها بيروت، أن حكومة بلادها تعمل حالياً على تدعيم النظام الدفاعي لتلك الدول في سبيل مكافحة الارهاب واحتواء أزمة النازحين.

للوقوف عند البعد الاستراتيجي لهذه الزيارات التي قام بها القادة الايطاليون، لاسيما بعد تسلّم القائد الجديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل) الجنرال الايطالي ستيفانو دل كول، أجرى الموقع الاخباري الايطالي (Formiche.net) مقابلة مع ضابط الاحتياط والقائد السابق للقوات العسكرية المشتركة ووحدة العمليات الخاصة في الجيش الايطالي ماركو بيرتوليني.

اعتبر بيرتوليني أن تدعيم حضور البعثة الايطالية في قوات الامم المتحدة يعتبر أساسياً بالنسبة إلى الحكومة الايطالية، لاسيما أن لبنان يقع في المنطقة المباشرة لمصالحها الاستراتيجية. ولفت إلى أن عودة ايطاليا إلى ترؤس قوات الامم المتحدة لا يؤكد مدى اهتمام القادة اللبنانيين للدور الايطالي وأهمية الحضور الإيطالي بالنسبة إلى إسرائيل فحسب، بل يؤكّد أن ايطاليا وضعت مصالحها الاستراتيجية على نار حامية عبر الحضور بشكل فعّال للدفاع عنها. أضاف أن تحرك الحكومة الايطالية الجديدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا يهدف إلى تعزيز حضور ايطاليا في تلك المناطق، التي لم تكن على جدول أعمال الحكومات السابقة.

ولفت ضابط الاحتياط إلى أن إيطاليا تتحسّب للفوضى التي تضرب لبنان وتتخوف من إمكانية توسّع الأزمة السورية. ففي حال حدوث تطورات في الأزمة السورية ستلقي بظلالها على لبنان، ليس بسبب القرب الجغرافي فحسب، بل بسبب مشاركة حزب الله العسكرية في الحرب السورية أيضاً. لذا، تتحسّب ايطاليا خطورة المسألة وتعتبر أن عليها الحفاظ على وجودها السياسي في المنطقة.

وعن إمكانية تأثر لبنان بالعقوبات التي فرضتها اميركا على إيران، أكّد برتوليني أن الأمر لا يدع مجالاً للشك، خصوصاً في ظل وجود قوى شيعية مثل حزب الله وحركة أمل المرتبطة بإيران. إذ يكفي النظر إلى أن حزب الله يعتبر القوة العسكرية الأقوى في البلد، حتى أنه أقوى من الجيش اللبناني. وحزب الله لا يمثل قوة عسكرية فحسب، بل اجتماعية واقتصادية نظراً لما يتلقاه من دعم ايراني. وفي حال اشتّد الحصار على إيران كما هو حاصل حالياً في سوريا، حيث أن المساحة التي يسيطر عليه نظام بشار الأسد محاصرة في منطقة شرق الفرات من قبل الاميركيين والأكراد لمنع التواصل المباشر مع ايران، سينعكس الأمر على حزب الله. بالتالي، في حال محاصرة حزب الله قد يؤدي الأمر إلى اضعافه وتصبح امكانية ضربه أسهل بكثير من الوضع الحالي.

لكن تحقق هذا الأمر، وفق بيرتوليني، يتوقف على إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب وإذا ما كان سيستمر في حصار ايران. فترامب يخبئ دائماً المفاجآت، إذ لطالما أعلن أنه سيقف بوجه الدعم الروسي لنظام بشار الأسد، لكن في النهاية انتهى الأمر بالتنسيق مع الروس، حيث يوجد نوع من "اتفاق جنتلمان" بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعدم إحداث ضرر للأسد. والتصعيد ضدّ ايران ربما ينتهي مثلما حدث مع كوريا الشمالية.

يعتقد بيرتوليني أن إدارة ترامب اعترفت بالدور الإيطالي المهم الذي تستطيع ايطاليا القيام به في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، ليس لمساحتها وعدد سكانها الكبير ولوجودها في الاتحاد الأوروبي فحسب بل لكون الحكومة الايطالية الجديدة لا تخفي انحيازها لسياسات كثيرة يقوم بها ترامب، أي عكس الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي أبدى عن افتراق كبير معه.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024