"غرف سوداء" تهندس إفشال الاستشارات باسم الثوار

وليد حسين

الأحد 2019/12/08

دخلت قوى السلطة في مأزق عدم التوافق على رئيس حكومة لتكليفه تشكيل حكومة جديدة. فالخلافات بين تلك القوى ما زالت على حالها، في فرض شروطها لتقاسم الحكومة الجديدة، قبل تشكيلها. وهي تريد أي حجّة لتطيير موعد الاستشارات يوم الإثنين 9 كانون الأول الجاري. لكن خبثها هذه المرة تجلى في فرط موعد الاستشارات، عبر الإيعاز إلى "غرف سوداء" لنشر دعوات باسم المتظاهرين لقطع الطرق ومنع النواب من الوصول إلى قصر بعبدا.

مسامير الغرف السوداء
وذهبت مخيلة هذه الغرف المشبوهة إلى توزيع دعوات عبر منصات المحادثة الفورية، باسم المتظاهرين في المناطق اللبنانية، لإعلان الإضراب العام وإقفال جميع الطرق، بحجة أن الاستشارات ستؤدي إلى تشكيل حكومة معلبة لقوى السلطة، ولا تلبي المطالب الشعبية. وجاء في الدعوات تحريض الناس للخروج إلى الشوارع، ونثر المسامير في الشوارع في بعض المناطق، أو رشها بمادة المازوت، لحمل النواب على عدم مبارحة بيوتهم، وإفشال الاستشارات.

في اتصال "المدن" بمعظم المجموعات الناشطة على الأرض، تبيّن أن هذه الدعوات مشبوهة، ولم تصدر عنها. بل على العكس، يأتي الهدف من تطيير موعد الاستشارات، لإنقاذ قوى السلطة من مأزقها، لأنها لم تتوافق على شخص معين لتكليفه تشكيل الحكومة.

وأضافت المصادر، أن قوى السلطة أوعزت إلى بعض الجهات والأجهزة، لبث تلك الدعوات تهرباً من حضور النواب إلى الموعد الإثنين، وتحميل المتظاهرين مسؤولية إفشال الاستشارات. بينما الحقيقة، وفق المصادر نفسها، هي أن الشعب اللبناني ينتظر هذه الاستشارات. كما أن المنتفضين في الشوارع طالبوا بتسريعها، بمعزل عن الأشخاص الذين يكلفون تشكيل الحكومة. وفي حال كان شكل الحكومة الجديدة لا يلبي طموحات اللبنانيين، ينتفض الشارع من جديد لإسقاطها.

وقد أوحى البعض أن الدعوات إلى قطع الطرق، صدرت عن "هيئة تنسيق الثورة"، التي نفت في بيان أي علاقة لها بمثل هذه الدعوات، مؤكدة على الإسراع في إجراء الاستشارات النيابية الملزمة، رغم اعتراضها على الملابسات التي أحاطت بالدعوة إليها.

.. قوى 8 آذار
وعن المسيرات السيارة التي جابت شوارع العاصمة، والتي صدر عن بعضها مواقف ترفض إجراء الاستشارات، لفتت المصادر إلى أن المجموعات السيّارة، تتباين مواقفها. وبعضها أعلنت أنها سترفض نتائج الاستشارات، لكنها لا تريد منعها، وفي حال أدّت إلى تكليف شخصية تعيد تكريس الحكومات السابقة، تعمل على إسقاطها في الشارع. وبالتالي لن تعمد أي مجموعة ناشطة على الأرض إلى أي تحرك لمنع وصول النواب إلى بعبدا.

ولفتت المصادر إلى أن بعض قوى 8 آذار تقف خلف تلك الدعوات المشبوهة، للتلميح إلى أن المتظاهرين يرفضون الاستشارات، على اعتبار أنها لا تلبي طموح الثوار، ولإظهارهم سلبيين ورفضيين في أعين اللبنانيين، ولا يريدون أي حل للخروج من الأزمة الحالية. ولفتت في هذا السياق مجموعات ناشطة في البقاع، أنها كانت تعتزم محاصرة بيوت النواب لمنعهم من الذهاب إلى بعبدا، لكنها اكتشفت أن من يدعو إلى نثر المسامير ورش المازوت على الطرق هم مجموعات مقربة من النائب عبد الرحيم مراد. لذا، ألغى الناشطون البقاعيون تحركهم.

وبالفعل، بدأت تصدر مواقف عن بعض المواطنين محمّلين الثوار مسؤولية تعطيل المؤسسات، وصرف موظفيها والفوضى الحاصلة في سعر صرف الدولار في السوق. وهدف قوى 8 آذار من منع حصول الاستشارات، هو فرض تكليف سعد الحريري، كمخرج وحيد للأزمة الحالية. فهم من البداية لا يريدون غيره، ويريدون فرض شروطهم عليه، وجعله رئيس حكومة مهيض الجناح.  

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024