الحريري في الفاتيكان.. وباسيل في بكركي يشبّه نفسه بالمسيح

المدن - لبنان

الأربعاء 2021/04/21

إنها المرة الأولى التي يتحدث فيها جبران باسيل على هذا النحو من العظامية الفاقعة. شبّه نفسه بالمسيح، في تبرير رفضه لتقديم أي تنازل سياسي أو فيما يتعلق بتشكيل الحكومة.

في إحدى المرات سابقاً، لجأ باسيل إلى التلميح لمثل هذا الوصف، وتحديداً خلال تشكيل سعد الحريري لحكومته الثانية في عهد عون. حينها حصل خلاف على الصلاحيات وآلية تشكيل الحكومة، فسرّب باسيل عن لسانه كلاماً يرمز إلى عدم تنازل المسيح ولذلك هو لن يتنازل. هذه المرّة قالها علانية ومن على منبر الصرح البطريركي.

في الفاتيكان
لا يترك جبران باسيل فرصة إلا ويحاول من خلالها الردّ على خطوة يقوم بها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، سعد الحريري. ففي الوقت الذي وصل فيه الحريري إلى روما بزيارة فاتيكانية، يلتقي خلالها البابا فرنسيس، توجه باسيل إلى بكركي للقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي. هكذا يتحول المشهد إلى صراع الديوك. كان باسيل قد عمل منذ فترة على التواصل مع بكركي، حتى يتحدد موعد العشاء مع الراعي ليلة زيارة الحريري إلى الفاتيكان. رسالة أراد باسيل من خلالها القول للرئيس المكلف إنك حيث أنت، لكن قرار المسيحيين هنا.. وها أنا رئيس الكتلة المسيحية الأكبر، في عهد المسيحي القوي ألتقي بطريرك الموارنة. وكأنه في ذلك يعود إلى نغمة "الحلّ في لبنان" (أو في بعبدا تحديداً) وليس في الخارج. وهي جملة يكررها أيضاً رئيس الجمهورية ميشال عون في انتقاده لأسفار الحريري.

وصايا باسيل وشهادته
الموقف الذي أطلقه باسيل من بكركي كان صادماً في المضمون، ولافتاً في التوقيت، إذ قال: "لبيت دعوة صاحب الغبطة إلى العشاء في هذا الصرح، واستأذنته كي أتحدث بأمور تليق بهذا الصرح وبتاريخه، وبنضالات التيار الوطني الحر. ومن هذه المنطلقات أقول، لو أن المسيح تنازل من ألفي سنة لما كان هناك مسيحيون اليوم. فالمسيح صلب كي يشهد للحق. والفرق بين الوصايا العشر وتعاليم المسيح، هو أن الوصايا العشر تحدثت عن الـ"لا"، بينما تعاليم المسيح تحدثت عن الشهادة للحق". 
عرف باسيل كيفية استخدام الرموز والإشارات. وهو يوحي بأن ما يتعرض له من عقوبات وحصار، يشير إلى أنه يسلك طريق الجلجلة، متشبهاً بالمسيح الذي لم يتنازل. وضع نفسه في مرتبة المسيح. وفي ذلك رسالة مباشرة للحريري بأنه يواجه من يحمي حقوق المسيحيين، ورسالة مباشرة لكل القوى المسيحية الأخرى. إنها لعبة الرصيد الأخير.. وبل وتدشين المعركة الرئاسية المفتوحة باكراً.

دفع الثمن 
في موقفه، قال باسيل بشكل أو بآخر للحريري إن طريق الحكومة تمرّ عبره هو وحده، ولا مجال لتشكيلها من دون العودة إلى معادلة "سعد-جبران". وأضاف باسيل في تصريحه: "نحن سنبقى نشهد للحق، مهما كان الثمن، ونحن على يقين بأن الثمن غالٍ. ولكننا نعلم أن الحق ينتصر في النهاية، وأن الحقيقة هي التي تخلص الشعوب في زمن الأزمات الكبيرة. وعندما ينتصر الحق والحقيقة، سيكونان مُلك لكل اللبنانيين. ونحن نعلم أن التضحيات كبيرة ولكنها لن تكون أقوى من الصلب". وختم قائلا: "عندما نطالب بالحق والحقيقة، فهذا لأننا نؤمن بأنهما الطريق للإصلاح والخلاص، وسنبقى نقاتل كي تبصر الحكومة النور". متوعداً أن يتحدث أكثر يوم السبت المقبل في التفاصيل الحكومية والسياسية الأخرى.

المعركة مستمرة 
خلاصة الموقف أن باسيل لن يتنازل أو يتراجع، وهو قد أبلغ البطريرك الماروني ذلك، شارحاً موقفه من زاوية مسيحية، ومما يعتبره اعتداء من الحريري على صلاحيات الرئيس القوي وحقوق المسيحيين، طالباً من البطريرك أن يتفهم موقفه في الحكومة كما في ملف التدقيق الجنائي. وهي معركة يستمر باسيل وعون بفتحها في مواجهة خصومهم. ومن الواضح أن معركة القضاء والتدقيق الجنائي ستبقى مفتوحة، والتيار الوطني الحرّ ماض بها إنطلاقاً من عدم تراجع القاضية غادة عون.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024