ماذا حدث بمزارع شبعا: ردّ فاشل أم مسرحية إسرائيلية؟

سامي خليفة

الإثنين 2020/07/27

بعد أن رفع سقوط طائرة مسيّرة إسرائيلية على الحدود الجنوبية، مساء الأحد الماضي، منسوب التوتر، المرتفع أصلاً، إثر اغتيال علي كامل محسن في سوريا، جاء رد حزب الله المتوقع، وفق ما أعلن الجيش الإسرائيلي، عبر اختراقٍ أمني في منطقة جبل الروس في مزارع شبعا. ورغم نفي حزب الله للرواية الإسرائيلية جملةً وتفصيلاً، واضعاً إياها في خانة المسرحية الإعلامية، ما زال الإعلام الإسرائيلي متمسكاً بالرواية العسكرية الرسمية حتى تاريخ نشر هذا التقرير.

اختراق أمني
أصدر الجيش الإسرائيلي، بعد الحادثة المزعومة في مزارع شبعا، تعليمات إلى سكان المنطقة الحدودية مع لبنان، للبقاء في المنازل، وحظر جميع الأنشطة في المنطقة المفتوحة، بما فيها الأعمال الزراعية والسياحية، وطلب من السكان عدم استخدام المركبات لأهداف غير ضرورية. ليعود بعد ساعاتٍ قليلة ويعلن عن عودة الحياة إلى طبيعتها، ويطالب السكان في المنطقة الحدودية مع لبنان بممارسة حياتهم بشكل طبيعي.

وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي، بإغلاق مطار "روش بينا " شمالي إسرائيل على ضوء التطورات الأمنية على الحدود مع لبنان. متحدثةً عن إحباط  الجيش الإسرائيلي عملية تخريبية في منطقة جبل الروس، حيث تمكنت قواته من تشويش عملية خططت لها خلية من حزب الله، تسللت أمتاراً معدودة للخط الأزرق و"دخلت إلى منطقة سيادية إسرائيلية".

وقد علق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على التصعيد المفاجئ على الحدود الشمالية بين إسرائيل ولبنان. وقال في تغريدة له عبر "تويتر": "نحن نتابع باستمرار ما يجري على حدودنا الشمالية، وعندما أقول نحن، أعني أنا شخصياً ووزير الحرب ورئيس هيئة الأركان العامة للجيش، كلنا معاً".

وفي وقت لاحق قال نتنياهو، في كلمة تلفزيونية، إن حزب الله يلعب بالنار وسيلقى رداً قاسياً.وحذر نتنياهو الحزب من "تكرار هذا الخطأ".

وأشار إلى أن تل أبيب تنظر بخطورة بالغة إلى محاولة التسلل، قائلا إن دولة لبنان سبق وأن دفعت ثمناً باهظاً لهذا السبب.

من جهته صرح وزير الدفاع بيني غانتس خلال مؤتمر مشترك مع رئيس الوزراء، بأن الجيش الإسرائيلي جاهز للتعامل مع أي تهديد.

التوتر سيستمر لأيام
من جانبها، نقلت صحيفة " التايمز" الإسرائيلية، شرح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، هيداي زيلبرمان، لما حصل على الحدود الشمالية للدولة العبرية، فأكد هذا الأخير أن عناصر خلية حزب الله فروا إلى لبنان، "من دون وجود أي تفاصيل عن حالتهم الصحية".

ورغم عودة الهدوء إلى جانبيّ الحدود بعد تبادل إطلاق النار، ورفع جميع القيود الأمنية المفروضة على المدنيين الإسرائيليين بسرعة، قال زيلبرمان إن الجيش الإسرائيلي يعتبر أن التوتر مستمر، مع احتمال وقوع هجمات إضافية. لذلك أبقى الجيش الإسرائيلي حواجز على الطرق الخاصة به في المنطقة، ومنع سياراته وآلياته من السفر على بعض الطرق السريعة على طول الحدود التي تُعتبر عرضةً للهجوم من لبنان.

وحسب الصحيفة، شدد زيلبرمان على عدم يقين الجيش الإسرائيلي حتى الآن إذا ما كان حزب الله سيعتبر هذا الهجوم الفاشل شكلاً كافياً من أشكال الانتقام، مؤكداً على ضرورة الإبقاء على حالة التأهب القصوى في الوقت الحالي، مضيفاً "للأسف، أمامنا أيام متوترة ومعقدة".

دخلت خلية حزب الله، وفق زيلبرمان، بضعة أمتار داخل الأراضي الإسرائيلية، قبل أن يفتح الجيش الإسرائيلي نيران المدافع الرشاشة ويطلق قذائف المدفعية، ويجبر عناصرها على العودة إلى الأراضي اللبنانية. وتم رصد أعضاء خلية الحزب قبل وقت قصير من عبورهم الحدود وجرى تعقبهم طوال الوقت الذي كانوا فيه داخل الأراضي الإسرائيلية.

وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي عدم وجود معلوماتٍ دقيقة حول نوع الهجوم الذي كانت تنوي خلية حزب الله شنه في إسرائيل، مشدداً على أن القذائف التي أطلقتها المدفعية الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية المحاذية للحدود كانت "لإبعاد أي تهديدات محتملة".

تصاعد التوتر في البحر؟!
ومع توقع بعض المصادر العسكرية الإسرائيلية استمرار التوتر على الحدود الشمالية لبضعة أيام، نتيجةً للغموض الذي ما زال يكتنف العملية وموقف حزب الله الملتبس، حذر قائد قاعدة حيفا البحرية العميد جيل أغينسكي، الذي تقاعد الأسبوع الماضي بعد 32 عاماً من الخدمة العسكرية، في مقابلة مع صحيفة "إسرائيل هيوم"، من قدرات الحزب البحرية التي طورها سابقاً بحيث قد يستخدمها في التوتر السائد اليوم.

واستشهد أغينسكي بالتوتر الذي شهدته الساعات الماضية الحدود الشمالية والتهديدات التي يشكلها الحزب، قائلاً "الافتراض الأساس إذا ما تمدد الصراع، هو أن يتسلل الحزب إلى إسرائيل عبر البحر. لن يكونوا هناك لزراعة الزهور بل لمنعنا من التواجد في مواقعنا، وإذا شعروا بإمكانية تنفيذ هذا الانتقام من البحر، فلن يترددوا أبداً".

أضاف "مهمتنا هي منع ذلك. نحن نراقب بسرعة ما يجري على الحدود الشمالية ونغطي المنطقة بأكملها".

وعن جهوزية الدولة العبرية، قال أغينسكي "نحن مستعدون بشكل أفضل ولديّ ثقة مطلقة في قدراتنا. لا يزال التهديد موجوداً، لكننا نتطلع إلى حماية منصات الغاز الإسرائيلية، قبل كل شيء. إذا أراد حزب الله التسبب في ضرر استراتيجي، فسيحاول مهاجمة هذه المنصات، وضرب السفن التي تحميها".

وتابع "نحن بصدد توسيع سلطاتنا في ما يتعلق بالسفن والبنية التحتية والأفراد. إن جاهزيتنا التشغيلية هي أولوية قصوى، من الواقع الاستراتيجي المتغير من حولنا، وصولاً إلى المستوى التكتيكي الصغير الذي يتغير كل يوم".

رسالة إلى الحكومة اللبنانية
بدوره، علّق يوسي ميلمان، محلل الشؤون العسكرية والأمنية في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، على التطورات الأخيرة بقوله إن تصرفات الجيش الإسرائيلي مقلقة بشكلٍ كافٍ، خصوصاً أنه يخفف من تمركز الجنود في المواقع، يغلق طرقات، ويدخل حشود من القوات في حالة استنفار خشية رد حزب الله على الحدود اللبنانية على قتلٍ غير مقصود لعنصر من حزب الله في سوريا. لافتاً أن الجيش الأقوى في الشرق الأوسط يجب ألا يعيش هذا الارتباك عبر بث الهلع بغطاء وسائل الإعلام.

وسبق هذه التطورات، كشف موقع "والاه" الإسرائيلي، عن تهديد إسرائيلي للحكومة اللبنانية بوساطة أجنبية، بأنّ تل أبيب لن تقبل بمقتل أي جندي، وأنها ستضرب العمق اللبناني لمهاجمة أهداف حزب الله.

وأضاف "والاه" أن إسرائيل تستعد لاحتمال تدهور الأوضاع الأمنية، بما في ذلك احتمالات سقوط خسائر في الأرواح بين العسكريين، وإعلان حالة توتر والاستعداد للقتال ومهاجمة الحزب وضرب البنى التحتية في لبنان. ونقل الموقع عن عسكريين إسرائيليين في المنطقة الشمالية قولهم إن التحدي الأكبر سيكون بإبقاء الجنود بعيداً عن الحدود، كي لا يكونوا أهدافاً للحزب، والدفاع عن البلدات والبؤر العسكرية الموجودة بالقرب من الحدود.

وتجدر الإشارة، أن القناة 13 الإسرائيلية، كانت قد ذكرت يوم الأحد الماضي، أن قيادة الجيش الإسرائيلي اجتمعت مع رؤساء المجالس المحلية في الجليل الأعلى، وأطلعتهم على مقتضيات حالة التوتر في مناطق الحدود مع لبنان، موضحةً أن الجيش يبحث خيار ضربة وقائية استباقية تهدف إلى إحباط هجوم حزب الله.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024