نادر فوز
بعد تواصل دوائر البروتوكول ببعض الوزراء الجدد تمهيداً للصورة التذكارية المفترض التقاطها يوم غد الإثنين، تأكيد على عدم إلزامية ارتداء الوزراء للبزّات البيض. "أيامنا سوداء، فكيف نلبس بزّات بيضاء"؟ جواب فكاهي أول. "من القادر على شراء بزّة بيضاء اليوم يا رجل"؟ جواب ثانٍ. "في خزانتي بزّتان فقط، واحدة سوداء وأخرى كحلية، لما قد أشتري بزة بيضاء ألبسها مرة واحدة فقط"؟ جواب ثالث. الإجابات عن السؤال نفسه، تأتي بسؤال معاكس. وفي أخرى حساب فوارق الرواتب التي كان يتقضاها الوزراء في وظائفهم، وتلك التي سيتقاضونها في موقعهم الوزاري بالليرة اللبنانية. "خسارة بخسارة".
هل نكمل الطريق إلى جهنّم ببزّة بيضاء؟
يخرج رجل من الحمّام، يضع العطر، يلبس بزّته المخصصة ليوم الأحد. مكوّية، مرتّبة، معدّة ومعلّقة على طرف السرير. يعود ويضع العطر مجدداً. يسرّح شعره بعناية. يمشّط لحيته ويرتّبها. ينفض غباراً وشعراً متناثراً عن كتفيه. يتحسّس خصره. يخرج إلى حجرة المائدة. عائلته بانتظاره. كل شيء جاهز على الطاولة. يفتح زجاجة نبيذ. أولاده ينتظرون توزيع الخبز. يسكب كأسين. يضع الزجاجة جانباً. يوزّع الخبز يميناً ويساراً. يمد يده إلى خاصرته من جديد. يسحب مسدّسه، يضعه في فمه. يطلق النار. يلتفت من حوله إلى حاله، ولم يبق منه سوى بقعة دماء على الحائط. يبدأون بتناول طعامهم كأنّ شيئاً لم يكن. هكذا تكون حالنا لو لبس وزراؤنا بزّاتهم البيضاء يوم غد. سينتحرون بعدها. إن لم ينتحرونا، سنكمل طريقنا إلى جهنّم كأن شيئاً لم يكن. بشتّى الحالات، مبروك علينا الحكومة، ومبروك فخامة الرئيس.
بات لنا حكومة. حكومة اللا شيء، وحكومة كل شيء. مبروك فخامة الرئيس. بات لنا حكومة. وبات بإمكاننا المطالبة بإسقاطها، ونحن ماضون إلى جهنّم.