السنيورة لـ"المدن": مشروع حزب الله والطبقة السياسية في نهايتهما

منير الربيع

الجمعة 2022/01/14
تنهمك القوى السياسية اللبنانية في استحقاق الانتخابات النيابية، وقد أصبحت محطّ اهتمام الجميع الأساسي. كل طرف يسعى إلى إعداد عدته. وللمعركة طابع استثنائي في هذه المرحلة الدقيقة. إنها حرب وجودية تسعى فيها القوى إلى إعادة تكوين شرعيتها بعد ثورة 17 تشرين والانهيار الشامل المستمر.

الحريري والسنيورة
المعارك في الساحات والبيئات المختلفة أصبحت معروفة نسبياً: شيعياً، حزب الله وحركة أمل يصرّان على الفوز الكاسح. أما مسيحياً، فالمعركة طاحنة بين التيار العوني والقوات اللبنانية والقوى المستقلة أو المنضوية تحت راية ثورة 17 تشرين، وتضم سياسيين مستقيلين ومستقلّين. وحدها الساحة السنّية تستشعر ضياعاً هائلاً وعدم تحديد الوجهة، والجميع ينتظر قرار سعد الحريري وتيار المستقبل.

كلام كثير يُقال عن استعداد الحريري للعزوف عن خوض الانتخابات، وقد يكتفي بدعم لوائح للمرشحين باسم تيار المستقبل، أو ألا يتدخل نهائياً في الانتخابات ويجمّد نشاطه السياسي.

وحتى الآن لا أجوبة واضحة. وتتناول تحليلات كثيرة البيئة السنّية والشخصيات التي قد تكون لها أدوار انتخابية فيها. ومنذ مدة يجري تداول اسم الرئيس فؤاد السنيورة واستعداده للتنسيق مع الحريري، وخوضه الانتخابات بالتنسيق مع رؤساء الحكومة السابقين.

وقبل مدة، توجه السنيورة إلى دولة الإمارات وعقد لقاءين مع الحريري، فبحثا في التفاصيل الانتخابية والتحضير للمرحلة المقبلة. واتفقا على أن يعود السنيورة إلى بيروت ويلحق به الحريري، وتعقد اجتماعات لاتخاذ القرار النهائي من الاستحقاق الانتخابي.

رجل الاعتدال
ولدى سؤال السنيورة عن آخر المستجدات على هذا الصعيد يقول: "ننتظر عودة الرئيس سعد الحريري والقرار الذي يتخذه. حتماً لن تكون الساحة فارغة. وكل الأمور ستكون منسقة". وعما إذا كان مستعداً هو شخصياً لخوض المعركة الانتخابية يقول: "أنا رجل حصل على كل المناصب، وعلّقت كل الرتب على كتفي. لذا، لا أسعى خلف منصب. المهم هو الحفاظ على المسار السياسي لخط الاعتدال، واستعادة التوازن في البلد".

ويستعيد السنيورة أيام تسميته لرئاسة الحكومة ويقول: "لم أسع يوماً للوصول إلى رئاسة الحكومة. وفي العام 2005 بعد الانتخابات طلب مني الحريري ذلك، فرفضت وطلبت منه تسمية شخصية أخرى. لكن قراره وقرار الآخرين أجمع على تسميتي". وهذا تكرر في ترشيحه للانتخابات النيابية في العام 2009: "لم أكن أريد الترشح. وأبلغت الحريري وتيار المستقبل بأنني لست مرشحاً. ولكن الحريري أصر، وكذلك وفود صيداوية. وفي اجتماع عقد بين سعد الحريري وبهية الحريري وبيني أصرّا على ترشيحي، لكنني تمسكت بالرفض إلى أن زارتني وفود وطلبت مني الترشح خوفاً من خسارة المقعد السني الثاني في صيدا".

ولا يطمح السنيورة لأي منصب ولا لوراثة أي دور سياسي. وما يقوم به حالياً يشبه ما قام به في إنشاء تجمع رؤساء الحكومة السابقين، وهدفه وضع الأمور في نصابها من دون البحث عن مكاسب. ويؤكد السنيورة: "لا مجال للقيام بأي خطوة يمكن أن تحدث المزيد من الشروخ. لبنان في وضع دقيق جداً. وأي أزمة سياسية يعاني منها السنّة لن تنعكس عليهم وحدهم، بل على البلد كله بتوازناته وتركيبته. ولذلك، لا يمكن التعاطي مع هذه الاستحقاقات بأي نوع من الخفة، ولا وفق منطق المواجهة بين  أبناء البيت الواحد".

تلافي المجاعة
ويؤكد السنيورة أن الانتخابات واقعة حتماً، خلافاً لما يريده معظم الأحزاب. إلا إذا حصلت تطورات إقليمية كبرى انعكست على الداخل. ويقول: "العالم مشغول ومنهمك بمشكلات كثيرة، ولا بد من أن تضغط على الآخرين ليهتموا بك. ولكن اذا لم تهتم بنفسك فلا أحد يعيرك اهتمامه. والاهتمام حالياً ينصب على تلافي حصول مجاعة في لبنان".

ويشير إلى أن لبنان تلقى رسائل كثيرة حول ضرورة الإصلاح، لكنه لم يستجب لها، ثم يضيف: "لسنا في الانهيار لأننا في منطقة زلازل فقط أو لأننا تحولنا ساحة صراع إقليمي، بل لأننا لم نقم بما يجب علينا القيام به على صعيد إصلاح الدولة وإداراتها".

يرى أن عوامل التخفيف من حدة الأزمة وتخفيض سعر صرف الدولار، ترتكز على ثلاثة معالجات سياسية: أولاها أن يتخذ رئيس الجمهورية قراراً بتوقيع التشكيلات القضائية، واستقلال القضاء. الثانية أن يعلن الرئيس نفسه الالتزام بالمادتين 12 و95 من الدستور، حول اعتماد الكفاءات في المواقع. الثالثة إصلاح الخلل في السياسة الخارجية، والحرص على العلاقة بالمجتمعين العربي والدولي، والتوقف عن استفزاز العرب ودول الخليج بما يعتمده حزب الله من سياسات. ويقول السنيورة: "هناك انهيار للثقة لا يمكن معالجته من دون منهجية جدية تشخص المرض الذي يعيشه لبنان، واقتناعه بتلقي العلاج".

عون يفضّل البقاء 
عن واقع الحكومة وحالة التخبط في البلاد، يرى السنيورة أنها مؤشرات على استمرار الانهيارات، وأشار إلى أن في إمكان ميقاتي أن يستقيل، ولكن هذا يؤدي إلى تسليم الدولة للآخرين. والأفضل أن يبقى للجم الانهيار. والاستقالة تعني تسليم الدولة لرئيس الجمهورية الذي يفعّل مجلس الدفاع الأعلى ويجعله حكومة. وعون يستغل ذلك للبقاء في القصر، بحجة أنه لن يسلم البلد لحكومة تصريف أعمال. وهو يعطي كل الإشارات إلى أنه لا يريد المغادرة.

ويعتبر السنيورة أن المرحلة المقبلة ستكون للفرز بين من يريد الدولة وسلطتها الكاملة ومن لا يريدها. وقد ولى زمن المعجزات. وبما يخص الحوار، يتساءل: "على أي أساس نحتاج للحوار، طالما أن الرئيس جاء بمبدأ القوي، وكان يرفض الحوار، ولا يمكن أن يكون حيادياً كي يستطيع إدارة حوار. وهو يريد هذا الحوار لأنه وصل إلى حائط مسدود، ويريد تبييض صفحته وصفحة باسيل وإجلاسه على الطاولة كركن من أركان الحوار للبحث في تسوية مستقبلية".

مشروع حزب الله ينتهي 
الآن مصير البلد بخطر، وفق ما يقول السنيورة، ويفترض بلبنان أن يبقى قائماً على مجموعة من التوازنات. ومن أرادر كسر التوازن أوصل البلد إلى هذا الانهيار. وأضاف: "لدي قناعة بأن مشروع حزب الله اقترب من نهايته، وهناك مجموعتان من الشيعة: مجموعة تزهو بالسلاح وغلوّه، ومجموعة تسأل عن مصير البلد وإلى أين يأخذه حزب الله ويأخذ الشيعة ويضعهم في مواجهة اللبنانيين والعرب". ويختم السنيورة: "لدي قناعة أن هذه الطبقة السياسية انتهت. وكل الممارسات القديمة ستنتهي. ولا بد من انتظار الجديد".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024