العونية المترعة بلغة حسن نصرالله تهين العلم التركي

المدن - لبنان

الخميس 2019/09/05

في السادسة من صباح يوم الخميس 5 أيلول "تسللت" مجموعة من الناشطين العونيين إلى الرابية، حيث مقر السفارة التركية، حاملين يافطة كبيرة مطبوعة، تمثل علماً تركياً مشوهاً بجمجمة، دلالة الشر والموت. وقد استعان هؤلاء الشبان بلغة حسن نصرالله، مقتبسين عبارته من خطابه الذي توعد فيه بالرد على إسرائيل مهدداً الجنود الإسرائيليين: "انضبّوا". فكتب العونيون على يافطتهم "كمان انتو انضبّو".

خطاب عون والاستفزاز
وكان الرئيس ميشال عون قد ألقى خطاباً بمناسبة انطلاق احتفاليات مئوية إعلان "دولة لبنان الكبير" قال فيه حرفياً: "كل محاولات التحرر من النير العثماني كانت تقابل بالعنف والقتل وإذكاء الفتن الطائفية. إن إرهاب الدولة الذي مارسه العثمانيون على اللبنانيين خصوصا خلال الحرب العالمية الأولى، أودى بمئات آلاف الضحايا ما بين المجاعة والتجنيد والسخرة، من دون أن ننسى أعواد المشانق التي ارادوا من خلالها القضاء على روح التحرر والتمرد. أضف الى ذلك ضرب كل التنظيمات والمؤسسات الإدارية والأمنية الناشئة التي أرساها نظام المتصرفية بعد ما نقضه جمال باشا وأقال المتصرف أوهانس باشا. ومع انتهاء تلك الحرب، وهزيمة العثمانيين ودخول لبنان تحت النفوذ الفرنسي، بدأت مرحلة جديدة من تاريخنا، وصلنا معها الى لبنان الكبير في العام 1920، ثم الاستقلال".

هذا الكلام استدعى انزعاجاً تركياً عبّر عنه بيان أصدرته الخارجية التركية، جاء فيه: "ندين بأشد العبارات ونرفض كليا التصريحات المبنية على الأحكام المسبقة، والتي لا أساس لها عن الحقبة العثمانية، واتهامه للإمبراطورية العثمانية بممارسة إرهاب الدولة في لبنان".

وأكدت الخارجية التركية أن العبارات التي قالها عون، بعد أسبوع على زيارة وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إلى لبنان، "لا تتماشى مع العلاقات الودية بين البلدين، ومؤسفة للغاية وغير مسؤولة". كما أكد البيان على أنه لايوجد "إرهاب دولة" في تاريخ الإمبراطورية العثمانية، بل على العكس، كانت الحقبة العثمانية فترة استقرار طويلة في الشرق الأوسط. ولفت إلى أن تلك الحقبة كانت فترة يسودها التسامح، وعاشت خلالها المجتمعات من مختلف الأعراق والأديان في سلام.

وبلغة حادة، قال البيان "تجاهل الرئيس عون لما جرى في فترة الاستعمار، التي هي أصل كل مصيبة في يومنا، من خلال تحريف التاريخ عبر الهذيان، ومحاولته تحميل مسؤولية تلك الأمور للإدارة العثمانية، إنما هو تجل مأساوي لشغفه بالخضوع للاستعمار". وأضاف "إن هذه المقاربة اللامسؤولة، ليس لها أي وزن في التاريخ من منظور موضوعي، وفي ضمائر شعوب المنطقة، ولن يكون".

بيان مضاد
وسريعاً جاء الرد اللبناني ببيان مضاد صدر عن وزارة الخارجية والمغتربين، استهجن ما صدر عن الخارجية التركية، ومشدداً على أن "التخاطب بهذا الأسلوب مع فخامة رئيس البلاد أمر مرفوض ومدان، وعلى الخارجية التركية تصحيح الخطأ، لأن العلاقات التركية اللبنانية أعمق وأكبر من ردة فعل مبالغ فيها وفي غير محلها".

بالطبع، ترافق هذا مع جملة من البيانات والتصريحات السياسية لنواب ورؤساء أحزاب ووزراء لبنانيين مقريبن من الرئيس عون (خصوصاً الأرمن والمنضوين في "التيار الوطني الحر")، اتسمت بالحدة تجاه تركيا والتاريخ العثماني. ما تسبب بتسميم العلاقات بين تركيا ولبنان.

وفيما بعد استدعى مدير الشؤون السياسية والقنصلية، السفير غادي الخوري، في وزارة الخارجية والمغتربين، السفير التركي في لبنان هاكان تشاكل، على خلفية البيان الذي أصدرته الخارجية التركية رقم 258 بتاريخ 1/9/2019، و"الذي تضمن تعابير ولغة لا تتطابق مع الأصول الديبلوماسية والعلاقات الودية التاريخية بين الدولتين والشعبين اللبناني والتركي. في هذا السياق طلب السفير الخوري استيضاحا حول هذا البيان وتصحيحا واضحا للخطأ من الجانب التركي، لتجنب سوء التفاهم حفاظا على العلاقات الثنائية المميزة بين البلدين ومنعا للإضرار بها".

الثقافة العونية
من الواضح أن عبارات محددة في بيان الخارجية التركية هي التي استفزت الديبلوماسية اللبنانية ودوائر قصر بعبدا، منها "الهذيان"، "شغف الخضوع للاستعمار"، "تحريف التاريخ"، "مقاربة غير مسؤولة".. بما يمس "هيبة الرئيس".

وفيما بدا أن "تسوية" ديبلوماسية تمت بين الحكومتين، حرصاً على المصالح المشتركة الكبيرة بين لبنان وتركيا، إلا أن بادرة أولئك الشبان الصباحية والإهانة الموجهة بيافطتهم إلى الدولة التركية قد تؤجج المشاعر السلبية مرة أخرى. خصوصاً وأن "ثقافة" العونيين وشطر كبير من اللبنانيين باتت مشبعة بلغة "المرشد" حسن نصرالله، ومترعة بهذيان الغرائز والقوة، ومضافاً إليها ذاك الشغف الباسيلي بنبش القبور، ليس فقط بين اللبنانيين بل ومع العالم كله.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024