مرجع قضائي: ملف المرفأ بات سياسياً "غير قابل للحلّ"

نادر فوز

الثلاثاء 2021/09/28
في اليوم التالي لتوقّف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، بفعل طلب الردّ ضد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، سقطت ضحية جديدة لجريمة 4 آب. فانضم إبراهيم مصطفى حرب إلى قافلة شهداء المرفأ، بعد 420 يوماً قضاها في الغيبوبة. في البلد، من يعتبر أنه حقّق انتصاراً على القضاء المتمثّل بالقاضي البيطار. وثمة من يعتبر أنّ البيطار كُفّت يده ولو أنّ محكمة الاستئناف لم تصدر حكمها بعد. وثمة من يعتبر أيضاً أنّ التحقيق في هذه الجريمة، ولو عاد وتسلمّه البيطار فسيكون معرضَ دعاوى وارتياب إضافية من قبل مدعى عليهم إضافيين في الملف.
إذ تؤكد مصادر مواكبة للملف لـ"المدن" أنّ "الردّ" و"الارتياب" لن يتوقفا فقط عند الدعاوى المقدمة من قبل الوزيرين المدعى عليهما نهاد المشنوق ويوسف فنيانوس. بل إنّ رئيس الحكومة السابق حسان دياب والوزيرين السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر المدعى عليهم أيضاً، سيلجؤون تباعاً إلى تقديم دعاوى الردّ والارتياب. وهو ما يعني أنّ عمل المحقق العدلي سيكون عرضة لعرقلة مستمرة ودائمة.

ملف سياسي
وفي موازاة كل ذلك، يؤكد مرجع قضائي لـ"المدن" أنه من الواضح أنّ ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت "بات ملفاً سياسياً غير قابل للحلّ". ومذهبي؟ نسأل. "ومذهبي أيضاً في بلد يعيش على الحضانات الطائفية والذهبية"، يأتي الجواب. بالنسبة للمرجع نفسه، التحقيق بات في دهاليز لا يمكن أن يخرج منها. أُدخل إليها التحقيق في تكريس لحكم السلطة على كل المؤسسات والملفات والقضايا. وفي هذه الحالة، ماذا يكون مصير التحقيق ومصير المحقق العدلي ومصير أهالي آلاف الضحايا والمتضررين والمنكوبين فعلياً ومادياً ونفسياً؟ لا جواب فعلياً، لكن حسب ما هو واضح من مسار العرقلة والضغوط وممارسات السلطة، ممنوع إظهار مسؤولية الأخيرة وأركانها عن هذا الانفجار.

مسؤولية عامة
في استعراض المحطات الأخيرة في التحقيق، يؤكد المرجع نفسه أنّ انفجار مرفأ بيروت "ناجم عن جريمة إهمال وتقصير وتكديس النيترات بهذا الشكل. وجود نيترات الأمونيوم في المرفأ ليس جريمة وكان مخزّناً فيها أساساً بقرار قضائي". يضيف "الجريمة هي في كيفية إدارة هذا الملف وكيفية حفظ النيترات وتخزينها مع مواد خطرة ومشتعلة أخرى، وهي مسؤولية لا تقتصر فقط على موظف أو ضابط أمني، بل على مسؤولين كبار عن المرفأ". ماذا عن مسؤولية القضاء؟ الجواب "ليس مجرّد العلم بوجود النيترات جريمة، المشكلة في التخزين". فيكون الجواب إشارة فعلية إلى ما تم التداول به في الساعات الأخيرة عن إحالة القاضي طارق البيطار طلباً إلى النيابة العامة لإجراء الملاحقة القانونية بحق المحامي العام التمييزي، القاضي غسان الخوري، إذا ارتأت وجود أدلّة عليه.

ملاحقة الخوري.. للحفظ!
في دوائر قصر العدل ومجالسه، تأكيد على أنّ "مصير إحالة البيطار للخوري سيكون مصيرها الحفظ بقرار معلّل". أساس الإحالة قائم على قرار "الحفظ" الذي أصدره الخوري لملف التحقيق الذي أجراه جهاز أمن الدولة في مرفأ بيروت. تابع النائب العام التمييزي، القاضي غسان عويدات، التحقيقات حينها وكلّف المعنيين إجراء عملية الترميم وحوّل المحضر إلى الخوري. والسؤال هو لماذا لم يتوسّع القاضي الخوري بالتحقيق. فيشير أحد الأجوبة بهذا الخصوص إلى أنّه "ليس بإمكان القاضي الخوري مخالفة قرار المدّعي العام". ويبقى أنه بحق الخوري دعوى ارتياب مشروع مقدّمة من قبل نقابة المحامين المدعية في ملف انفجار مرفأ بيروت. فبدا بالنسبة لبعض القضاة وكأنّ ثمة تقاطعاً بين "ارتياب" النقابة وإحالة البيطار.

اسم القاضي الخوري برز مؤخراً أيضاً في قضية تهديد مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله، وفيق صفا، للقاضي طارق البيطار. وتؤكد معلومات مواكبة لهذا الجانب المتعلّق بالتحقيق لـ"المدن" على أنّ قاضياً وضابطاً وإعلامياً علموا بموضوع التهديد قبل توجّه الزميلة لارا الهاشم التي نقلت التهديد إلى النيابة العامة. في حين أنّ الإعلامي المذكور يُعتبر من ركائز محور حزب الله وحلفائه. أما القاضي الخوري فيؤكد في مجالسه بأنه علم بالتهديد من وسائل التواصل الاجتماعي. كل هذا لم يعد مهمّاً، إذ أن التهديد بـ"قبع" البيطار بدأ يُترجم فعلياً. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024